عاجل
الثلاثاء 19 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
أين ثقافتنا؟

أين ثقافتنا؟

بقلم : د. داليا مجدى عبدالغنى

في أحد الأيام، دخلت على والدي، فوجدته يستمع لقصيدة "أراك عصيّ الدمع"، لكوكب الشرق "أم كلثوم"، فلفت انتباهي كلمات القصيدة، التي وبلا شك قد تبدو صعبة لكثير من المُثقفين؛ نظرًا لفخامة كلماتها وتعبيراتها، فما بال من لا يقرأ، أو ليس لديه ثقافة لُغوية، فكان أول سؤال جال بخاطري، وتوجهت به لوالدي، كيف كان الناس البسطاء قديمًا يستمعون لهذه القصائد، وأيضا يستمتعون بها؟! وهل كانوا يفهمونها، أم تُراهم يستمتعون باللحن والصوت الشجن فقط، بغض النظر عن الكلمات ومغزاها، وهنا لم تأتِ إجابته بعد تفكير عميق، بل كانت الإجابة سريعة في لسانه، وتعبيرات وجهه، وهي أن الناس قديمًا كانوا مُثقفين، أما اليوم، فنحن في زمن المُتعلمين، وليس المُثقفين، وعندما سألته: من أين أتت هذه الثقافة بدون علم، فكان رده أن الناس كانوا يُثقفون أنفسهم بالمُناقشات والاستماع إلى الآراء المُتباينة، والجدل المنطقي، البعيد كل البعد عن السُّفسطائية.



والحقيقة أنني تفكرت كثيرًا في هذا الكلام، وحاولت أن أبحث عن فكر وحياة الناس في الزمن القديم، فوجدت أنهم كانوا بالفعل يملكون ثقافة لُغوية ثرية، فالمُدَرس قديمًا، رغم بساطته، سواء الشكلية أو المادية، إلا أنه كان قُدوة حقيقية، وكان يتعامل مع مهنته على أنها رسالة تربوية نبيلة، فلم يكن يهتم بنسبة النجاح في المدرسة، بقدر اهتمامه بنبوغ وثقافة وتربية التلاميذ، لذا نجد الجيل القديم لديه مخزون ثقافي وتُراثي، نحن نفتقده بشدة في الوقت الحاضر، فللأسف، أغلب الأسر تهتم الآن بفكرة التباهي بأن أولادهم يتلقون تعليمهم في مدارس اللغات الدولية، ولكنهم لا يعبؤون على الإطلاق بتثقيفهم، فنحن فقدنا الثقافة، وخاصة ثقافتنا العربية اللُّغوية، وكأننا نتبرأ منها، أو لا ننتمي إليها.

فحقًا، قديمًا كان هناك المُثقف، حتى ولو لم يحمل شهادات دراسية، أما الآن، فنحن نحصل على الشهادات، وكذلك على الدرجات العلمية، في حين أننا أصبحنا خاويين من الداخل، فالعُقول أصبحت فارغة بلا مضمون، والألسنة فقدت اللغة الصحيحة، ولو ظلَّتْ أمورنا على هذا المنوال، فَتُرَى، إلى أين سنصل؟!

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز