عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
إفريقيا لمصر أم لإسرائيل؟!

إفريقيا لمصر أم لإسرائيل؟!

بقلم : محمود حبسة

كشفت الزيارة التي قام بها الرئيس التشادي إدريس ديبي الأسبوع الماضي لإسرائيل عن حجم ما تهدف إليه إسرائيل من مساعيها للتوغل داخل القارة الإفريقية وما يمثله ذلك من خطر على مصر وعلى قضايا المنطقة لاسيما القضية الفلسطينية.



محاولات إسرائيل اختراق إفريقيا ومحاصرة وتحجيم الدور المصري فيها ليست خافية على أحد يشهد على ذلك زيارات كبار المسؤولين الإسرائيليين وآخرها جولة وزير الدفاع المستقيل أفيجدور ليبرمان في أربع دول إفريقية مؤخرا، مؤكدا أن الفرص بالقارة لا تحصى ومدعيا أن إسرائيل تملك ما تحتاجه القارة في مجالات الزراعة والصحة والأمن، إفريقيا لم تعد هذا الكم المهمل من مجموعة من الدول التي ليس لها ثقل سياسي على الصعيد الدولي فالكتلة الإفريقية داخل الأمم المتحدة تمتلك 31% من الأصوات وهي الكتلة التصويتية التي تسعى إسرائيل لكسبها، وإفريقيا تضم عددا من الدول الإسلامية ومنها تشاد التي زار رئيسها إسرائيل وما يعنيه ذلك من اختراق إسرائيل للعالم الإسلامي لا سيما بعد ربط التقارب التشادي- الإسرائيلي بالتقارب بين إسرائيل وسلطنة عمان التي زارها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مؤخرا، وتؤكد تقارير إعلامية أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يعتزم إقامة علاقة دبلوماسية مع دولة إفريقية إسلامية أخرى هي السودان في الفترة القادمة في مساعي جادة لتطوير علاقات بلاده بدول العالم الإسلامي.

تشهد إفريقيا منذ أن استقرت سياسيا حركة من التطور الداخلي والرغبة الجامحة في إحداث تنمية حقيقية داخل بلدانها بدليل هذا الكم من المشروعات، إضافة إلى تطلعات الشعوب الإفريقية للحياة الرغدة العصرية، ما يعطي مؤشرا لأهمية إفريقيا كسوق ضخم لصادرات أي دولة من السلع والخدمات، كما تمثل التكتلات الاقتصادية الإفريقية الثلاث كوميسا وسادك وجماعة شرق إفريقيا أهمية كبرى، حيث تمثل في مجموع دولها سوقا ضخما يضم مليارًا و200 مليون نسمة وحجم إنتاج محلي يفوق 3 تريليونات دولار، ومن ثم تمثل إفريقيا كنزا كبيرا لأي دولة تسعى لإثبات ذاتها وتحقيق تطلعات شعبها، وهو ما يفسر بشدة المساعي المحمومة والتنافس الشديد بين دول كبيرة مثل الصين وألمانيا وفرنسا وإسرائيل على التواجد داخل القارة.

بحكم التاريخ والجغرافيا والمنطق إسرائيل أبعد ما تكون عن إفريقيا وأن القارة السمراء هي امتداد طبيعي لمصر وعمق استراتيجي لها، والعلاقات بين مصر والقارة ليست وليدة اليوم بل هي نتاج طبيعي للتعاطي والتفاعل السياسي بين الجانبين منذ تبنت القاهرة قضاياها، لاسيما قضايا التحرر من الاستعمار في عهد الرئيس الراحل الزعيم جمال عبد الناصر الذي سخّر إمكانيات مصر السياسية والعسكرية لمساعدة دولها على التحرر والاستقلال، وكان ثمرة ذلك تأسيس منظمة الوحدة الإفريقية عام 1963 والتي تولت مصر رئاستها عام 1964 ثم تبنت مشروعاتها لتحقيق التنمية، وحسنا فعلت مصر بعد تولي الرئيس السيسي المسؤولية، حيث عالجت الأخطاء التي شابت العلاقات المصرية- الإفريقية وأحدثت فتورًا بها خلال سنوات حكم الرئيس الأسبق مبارك، حيث تراجع اهتمام القاهرة بدول القارة وقضاياها وانحصر على صندوق الدعم الفني التابع لوزارة الخارجية، فأعطت الدبلوماسية المصرية في عهد الرئيس السيسي جل اهتمامها للقارة وكثفت من الاتصالات والتعاون السياسي في مختلف المجالات وعلى أعلى الأصعدة بل إن القاهرة وضعت إفريقيا في مقدمة أولوياتها فكان حضور الرئيس السيسي معظم الفعاليات التي شهدتها القارة وكانت الفعاليات الإفريقية التي شهدتها القاهرة وهو ما أهّل مصر لأن تتولى رئاسة الاتحاد الإفريقي اعتبارا من العام القادم 2019 وتوسيع التعاون المصري- الإفريقي ليشمل المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية.

إسرائيل تبيع الوهم لإفريقيا مستغلة علاقتها بأمريكا لكن مصر تبنى خطتها للتحرك نحو القارة وتفعيل التنسيق والتعاون مع دولها في مختلف المجالات بتعظيم المكاسب المشتركة، فمصر تمتلك العديد من الأوراق المهمة والقدرات التي تمكنها من التواجد وبفاعلية أكبر داخل القارة ومواجهة التوغل الإسرائيلي ومحاصرته، مصر لها تجربة ناجحة جدا في مواجهة الإرهاب وهو ما تحتاج إليه إفريقيا بشدة لمواجهة الجماعات الإرهابية مثل بوكو حرام وغيرها وكذلك حركات التمرد والحركات الانفصالية، كما أن مصر طورت من صناعاتها العسكرية، كما لدى مصر تجارب ناجحة في مواجهة المخاطر والأوبئة مثل خطر فيروس س، وهو ما تحتاج إليه دول عديدة من دول القارة تعانى من انتشار هذه النوعية من المخاطر الصحية، كما لدى مصر تجارب ناجحة في تحقيق نهضة عمرانية ناجحة شهد بها العالم أجمع سواء في بناء المدن الذكية من مدن الجيل الرابع أو شق الترع والمصارف أو حفر الأنفاق مثل مترو الأنفاق وأنفاق قناة السويس، وأصبح للشركات المصرية خبرات كبيرة في هذه المجالات وهو ما يؤهلها للمشاركة في النهضة العمرانية والتنموية التي تشهدها القارة، وقبل كل ذلك مصر هي صوت إفريقيا القوى في المحافل الدولية.

 تأكيد التواجد المصري داخل القارة ضرورة تفرضها دوافع وأهداف كثيرة يأتي في مقدمتها المصالح السياسية والاقتصادية التي ستعود على مصر وأيضا التزام مصر بقضايا أمتها، خاصة القضية الفلسطينية، لأنه من الخطأ أن تسمح مصر لإسرائيل بإنجاح مخططاتها في اختراق إفريقيا والعالم الإسلامي في الوقت الذي تشهد فيه القضية الفلسطينية تراجعا حادا وتصر إسرائيل على مخططاتها لتهويد القدس وكل المقدسات الإسلامية وفي الوقت الذي تواصل فيه حرب الإبادة للشعب الفلسطيني وترفض حقه في إقامة دولته مستقلة.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز