عاجل
الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
جدلية الدين والسياسة في الفكر العربي والغربي (2)

جدلية الدين والسياسة في الفكر العربي والغربي (2)

بقلم : د. شريف درويش اللبان

وظفت جماعة "الإخوان" وسائل الإعلام التقليدية والجديدة من صحافة وتليفزيون وإعلام جديد في العمل السياسي للتعريف بالجماعة وفكرها، وتشويه الخصوم والدعاية ضدهم، واستعمال الميليشيات الإلكترونية في الدعم الموارب للجماعة، وفي مهاجمة خصومها في السياسة. وقد شدت الجماعة الرحال مهاجرةً إلى الإنترنت هربًا من نظام مبارك وللتأثير في الشباب، فإذا بها بعد أن لفظتها الجماهير تعود إليه محبوسةً فيه مضطرةً إليه بعد أن انحسر وجودها على أرض الواقع.



وقد أوضحت بعض الدراسات كيف وظفت الجماعات الإرهابية تقنيات وسائل الإعلام في الترويج والدعاية للفكر المتطرف، فما فعله "الإخوان" في مصر يمثل نوعًا من الإنكار لما حدث لها، جراء أخطائها الشنيعة أثناء حكمها البلاد.

وتضفي حركات الإسلام السياسي قدسيةً على الخلاف السياسي، وتجعل الاختلاف في الرؤى والمشروعات السياسية خلافًا دينيًا عقائديًا لا مكان للفكر المغاير فيه، كما حدث من قبل بعد ثورة 30 يونيو، وطبقوا مبدأ "أن ما يحدث في سيناء الآن لن يتوقف إلا بالرجوع لما أسموه بالشرعية"، "اللي هيمس مرسي بالنار هنرشه بالدم"، من هنا يأتي الطرح للرؤية السياسية للأحزاب الإسلامية في اتجاه تسويغ القمع ضد حريتها وحرمانها من العمل السياسي العلني؛ لكونها لا تحتكر فكر الإسلام وأنها تمثل رؤاها فقط، طبقًا لأفكارها السياسية، ما يعطي مؤشرًا على انتهازيتها السياسية؛ لأنها ترى أنها الشرعية، حيث الشرعية هنا شرعية مستمدة من الدين وليس من الشعب صاحب الشرعية الحقيقي.

وقد أدركت جماعة "الإخوان" أهمية الإنترنت كوسيلة اتصالية في وقت مبكر نسبيًا، نظرًا لارتباط الوسيلة بالشباب الذين يُعتبرون المحرك الأساسي للتغيير في أي مجتمع، حيث كانت الجماعة من أولى الحركات السياسية لجوءًا للإنترنت، وناشطي الجماعة كانوا يبادرون بإنشاء مواقع أخرى بدلاً من التي تم حجبها؛ ما كان يجعلهم يتغلبون على عوائق الرقابة والحظر.

واستطاعت الجماعات المتطرفة في مصر تحقيق أهدافها من خلال إعلامها الخاص، واستغلال الوضع الاقتصادي والحياة المعيشية في شمال سيناء، وغير ذلك من الإجراءات التي توالى اتخاذها في سيناء لمواجهة الأحداث الإرهابية هناك، مثل فرض حالة الطوارئ، على الرغم من ضعف إمكاناتها، حيث لا يتعدى استخدام مواقع التواصل الاجتماعي وبعض المواقع الإلكترونية، فلا تملك هذه الجماعات مؤسسات إعلامية كتلك التي كان يمتلكها تنظيم "داعش" الإرهابي، نظرًا لعدم توافر الإمكانات المالية، واختلاف البيئة التي تنشط فيها هذه التنظيمات، حيث أظهر تنظيم "داعش" تجربةً رائدة في استخدام وسائل الإعلام المختلفة التقليدية منها والحديثة من خلال امتلاكه مؤسسات إعلامية احترافية، تسيطر على قنوات تليفزيونية ومحطات إذاعية في مناطق سيطرة التنظيم، وتقوم بإنتاج إصدارات مرئية ومقروءة واسعة الانتشار.

غير أن بعض المعالجات الإعلامية سواء من قبل وسائل الإعلام العامة والخاصة للأحداث الإرهابية في مصر قد روجت لهذه التنظيمات وكانت بمثابة دعاية لها، لم تكن تستطيع الوصول إليها بمفردها، فضلاً على أن شبكات التواصل الاجتماعي تساعد هذه الجماعات في تصدير صورة المنتصر دائمًا، عكس الحقيقية التي تحدث على الأرض حيث حققت قوات الأمن والجيش نجاحات نوعية في السيطرة على مناطق نفوذها في سيناء.

وثمة دور بارز لوسائل الإعلام التقليدية والإلكترونية في الدعاية والترويج للإرهاب والعنف، حيث أظهرت وسائل الإعلام هذه الجماعات الإرهابية كأبطال تتحدث وتكتب وتنشر عنه وسائل الإعلام التقليدية والإلكترونية باستمرار، فقد وظفت الجماعات الإرهابية التقنيات الحديثة لوسائل الإعلام الجديدة للترويج لأنشطتها دون المساس بها أمنيًا؛ للوصول لأكبر قاعدة جماهيرية من الشباب العربي الذي يتعامل مع يوتيوب وفيس بوك وغيرهما من شبكات التواصل الاجتماعي، التي تروج عبر فضائها الإلكتروني التفاعلي لأفكار هذه الجماعات التكفيرية دون رقيب أو حسيب، مستغلةً في ذلك الفقر والجهل والانسياق الأعمى وراء هذه الأفكار من جانب الشباب، حيث إنها خلقت بيئة افتراضية تفاعلية لهذه الجماعات؛ وفي هذا السياق قامت الجماعات الإرهابية بما يلي:

·    الاستثمار في الويب لضمان اتصالاتها المستمرة بأعضائها للتخطيط والتنسيق فيما بينها للعمليات الانتحارية، وطرق تنفيذها، والوصول بالتهديدات لبعض الأفراد والحكومات المستهدفة من هذه العمليات.

·    توظيف التقنيات الخاصة بالموسيقى والمؤثرات الصوتية والأناشيد كخلفية مؤثرة لبعض الأشرطة المصورة التي تستهدف التأثير في المتلقي، طبقًا لدلالات سيكولوجية مستهدفة مسبقًا تستهدف بث الكراهية ضد من يخالف عقيدتها.

·    تصوير بعض الأشرطة التي تروَج كمادة دعائية قصيرة عن العمليات الانتحارية والقتل والخطف والذبح وإطلاق سراح أعضائها، وغيرها من العمليات الإجرامية؛ لتعزيز قضيتها، كما أنها وضعت أدوات تشفيرية وعملت على مستويات متعددة التشغيل تقنيًا للوصول لأهدافها.

·    ركزت على صورة الجهاد والجهاديين عبر توظيفها للصحف، حيث استغلت الصحف لتصل لأكبر قاعدة ممكنة من جمهورها المستهدف.

·   استخدمت وسائل الإعلام كقوة سياسية تعمل على اتساع الوجود المجتمعي للإرهاب عبر تقنيتها، تعمل كداعم للأفكار الإرهابية التي ينساق وراءها الشباب.

·   ساعدت على انتشار بعض الألفاظ التي يتأثر بها الشباب كالجهاد وغيرها من الألفاظ التي تساعد على الدخول في حيز التطرف.

د. شريف درويش اللبان

 





 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز