عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
القيادة والبرتوكول والإتيكيت في الدبلوماسية "العائلة 1"

القيادة والبرتوكول والإتيكيت في الدبلوماسية "العائلة 1"

بقلم : سعدون بن حسين الحمداني

هذه ثلاثة عناصر لا يمكنُ الاستغناءُ عنها إذا أردنا أن نبنيَ مجتمعًا راقيًا، بكل معنى الكلمة، وهي مثل الماء الذي يتكون من اتحاد ذرّة من الأوكسجين وذرتين من الهيدروجين، وصيغته الكيميائية تكتب على شكل (H2O) الذي لا يمكن الاستغناء عنه في حياتنا اليومية.



كذلك عناصر "القيادة والبروتوكول والإتيكيت" هي مهمة جدًا لحياتنا اليومية، حالُها حال الطب والهندسة وبقية العلوم وهذه العناصر تبدأ من العائلة أولًا، وليس بالمعنى المتعارف عليه فقط لكبار الشخصيات على مستوى الدولة من الملوك والسلاطين والأمراء، وهذه العناصر من أحد أقسام الدبلوماسية الحديثة وعلم الاجتماع التربوي الذي يهتمُ بدراسةِ التأثيرات التربوية على الحياة الاجتماعيّة، وهو متابعة الآثار الاجتماعيّة الإيجابية والسلبية على الواقع التربوي من خلال دراسة الطرق التربوية المُطبقة في المنازل.

وتعودُ الأبحاثُ الأولى حول علم الاجتماع التربوي إلى أواخر القرن التاسع عشر للميلاد، والتي عمل على وضعها مجموعةٌ من الفلاسفة، وعلماء الاجتماع ومن أشهرهم ماكس فيبر، كما قام الفيلسوف إميل دوركاييم بوضع مجموعةٍ من المؤلفات حول علم الاجتماع التربوي والأثر البالغ في بناء عائلة متماسكة مثقفة وراقية، معتمدة على العناصر الثلاثة" القيادة والبروتوكول والإتيكيت"، ومقدرة لكل أعمدة الحياة منها الدين والعادات، والتقاليد الشائعة التي تؤثرُ تأثيرًا مباشرًا على التربية  الاجتماعيّة للعائلة، وهناك النظرية التفاعلية والنظرية المعرفية وهما من أعمدة الأسرة ووسيلة الاتصال بين الوالدين وبقية أفراد الأسرة، وفي بداية القرن العشرين بدأت المدارس تضع هذه العناصر الثلاثة كأساس مهم في بناء الأسرة والمجتمع والوظيفة والمنصب وهي (القيادة والبروتوكول والإتيكيت)؛ حتى يكون أفراد الأسرة وقدوتهم الوالدان النواة الرئيسية في بناء مجتمع سامٍ مثقفٍ وراقٍ.

ولأن التربية والمجتمع تبدأ من الأب والأم وبقية أفراد العائلة؛ فإن الأب والأم هما الصورة الأولى التي يبدأ الأولاد بطبعها في شخصيتهم وخلايا دماغهم والاقتداء بهما في حياتهم اليومية وغالبًا ما يبدأ الأطفال بالميول إلى الأم بنسبة 50 إلى 60%؛ لكون الأم تمثل لهم الحنان والأمان والهدوء والاستقرار، لذلك على الأم المسؤولية الكبرى ولأنها سوف تعكس صورة القيادة الصحيحة والنموذجية إذا التزمت بالعقلانية والاعتدال وهذا يدخل ضمن بنود البروتوكول والإتيكيت، التي تعطيها صفة الأم القدوة والمثالية لبقية أفراد العائلة وعليها الالتزام بها، ومن أهم هذه البنود/ اختيار نبرة الصوت المناسبة/ سواء في اختيار الكلام أم اللباقة في بعض التصرفات كالمشي والجلوس داخل البيت/ والتصرفات الشخصية والمناقشة مع رب الأسرة/ اختيار الملابس داخل البيت وعدم الخروج بملابس رثة غير مرتبة وأنيقة/ الاهتمام بتقسيم الوقت إلى مراحل من استراحة وعمل/ الاعتناء بجميع أفراد الأسرة/ عدم التمييز بين الأبناء؛ لأن ذلك يخلق الكراهية والحقد/ المخاطبة والتكلم مع الأطفال بصيغة المحبة والصداقة والتواضع والاهتمام والصوت الناعم الهادئ/ عدم الانشغال عنهم بأجهزة الهاتف النقال أو التليفزيون أو أي وسائل ترفيهية أخرى/ ضرورة أن تعلم الأم أطفالها منذ الصغر المسؤولية في التسوق ومعرفة المواد الضارة والمفيدة/ عدم الانشغال مع صديقاتها على حساب بيتها/ عدم ترك الأطفال للخادمات.

ولأن الأطفال يبدؤون بتقليد ما هو أمامهم حسب نظريات فرويد لذلك فإن الأم تعتبر هي صورة القيادة والقائد الأولى التي تصبع في أذهانهم وعقولهم، أما رب الأسرة "الأب" الذي يأتي بالمرتبة الثانية من حيث صقل الشخصية وتقديم المواعظ والتوجيهات، ويعتبر الأب هو القائد الحقيقي بالبيت والعائلة ؛ لأن القرار المركزي يصدر منه شخصيًا ـ ولذلك عليه الالتزام أولًا بصفات القائد الناجح وتطبيق كل أصول وفقرات الإتيكيت بالعائلة ويكون مصدر الوقار والهيبة والطمأنينة؛ لكي يجعل من الأبناء نواة صالحة في المجتمع، ويبتعد المشاجرة أو المشادة الكلامية أمام أفراد الأسرة لغرض فرض صورة الأب المتسلط وأن يعمل على تحسين العمل وتغيير مسار النتائج إلى الأفضل، ويظهر مهاراته في وضع وإعداد الخطة، وطرق تنفيذها، وبثّ روح الحماسة والمثابرة وإثارة همم التفوق لدى أبنائه.

ويجب على الأب أن يكون دقيقا في مواعيده، منتظما في عمله اليومي ولديه التخطيط الصائب للمستقبل حتى في اختيار أماكن أو المدارس أو المطاعم أو حتى مراكز التسوق الأفضل للأبناء، ولأن الأب هو القدوة والمثل الأول للأبناء؛ فعليه الالتزام بالأخلاقيات الصحيحة أمام أفراد الأسرة، كعدم التدخين وتناول المشروبات الكحولية بالمنزل أو أمام العائلة؛ لأن ذلك سوف يبرر الخطأ للجميع، وعليه تجنب النقد المتكرر والاستماع الجيد لآراء الجميع ومناقشتهم بكل هدوء ومصداقية، وعدم الكذب والمراوغة. إن القيادة الناجحة للأب لا تعتمد على الإغراء المادي فقط، بل على تحفيزه جميع أفراد العائلة على العمل بروح الأسرة الواحدة بعيدا عن التأنيب، وبذل أقصى ما لديهم من طاقات.

 

*دبلوماسي سابق

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز