عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
مصر الأخرى!
بقلم
محمد نجم

مصر الأخرى!

بقلم : محمد نجم

بعيدًا عن القاهرة وضجيجها، والأحزاب الورقية وخلافاتها، كانت لنا أيام ممتعة في مصر الأخرى.. البعيدة نسبيًا عن الإعلام وحواديته العقيمة، في الوادي الجديد وناسه الطيبين المنتجين، القانعين بما رزقهم الله.. سائلينه دوام الصحة والستر والرزق الحلال.



حيث رحبت وزارة الشباب والرياضة بإمكانية المشاركة في برنامج «اعرف بلدك»، والذي تنظمه الوزارة للوفود الشبابية لزيارة بعض المحافظات النائية، ومنها الأقصر وأسوان، والمنيا، وكان من حظى المشاركة في أحد الوفود التي تزور الوادي الجديد لمدة أسبوع كامل.

ولأننى أبحث دائمًا عن الرفيق قبل الطريق، فقد طلبت مشاركة زميلي محمود سالم (أخبار اليوم) ومصباح قطب (المصري اليوم) وذهبنا مع أكثر من 40 شابًا وفتاة للتعرف على ربوع بلدنا التي نتابع أحداثها على شاشات التليفزيون، ونقرأ أخبارها على صفحات الصحف.

وكانت البداية بعد سفر لأكثر من خمس ساعات مع محمية الصحراء البيضاء، والتي تقع في مدخل واحة الفرافرة، وتمتد على آلاف الأفدنة، وقيل لنا إنها كانت بحرًا عظيمًا من حوالى أكثر من 80 مليون سنة!، وبعد مرور تلك السنوات الطوال وبسبب العوامل الجغرافية المتغيرة، جف ماؤها ولم يبق فيها سوى كتل صخرية شكّلت منها الرياح المُحمّلة بالرمال، أشكالًا فنية في غاية الجمال والإبداع الطبيعي، وبالطبع لم يُسمح لنا بالتجول لأكثر من 300م وكنا نأمل أن نشاهد «عيون» المياه الطبيعية، وبعض صور الحيوانات المنقرضة التي شكّلت بفعل عوامل التعرية، وقيل لنا إن تلك المحمية كان يشد لها الرحال من جميع أنحاء العالم، خاصة في فترة المساء من شهور الصيف، فيما يسمى بالسياحة  أو السفاري، حيث يحرص السائحون على البيات فيها والتمتع بمشاهدة صفاء السماء وكثرة النجوم واضحة الأشكال والأنواع، بل قيل إن البعض كان يدعو لتحقيق رغبة ما.. وأحيانًا كثيرة ما كان يستجاب لدعوته.

 

وقد ظلت هذه المحمية مصدرًا عظيمًا للدخل السياحي لمنطقة الفرافرة ولمحافظة الوادي الجديد.. حتى جاءت أحداث يناير 2011 وما تلاها من عمليات إرهابية.. فجف الضرع ومات الزرع!، وتحولت تلك المحمية إلى منطقة خاصة تتم زيارتها من الأطراف وبتصاريح خاصة، ولكن حظيت على اهتمام كبير من وزارة البيئة وبعض المؤسسات الدولية، لدرجة أنهم أقاموا لها متحفًا خاصًّا يحكى تاريخها وتطور الحياة البيئية فيها مع عرض فيلم تسجيلي يحكي كل ذلك للوفود السياحية التي تزور المنطقة.

 

وتجدر الإشارة هنا أن الوادي الجديد، يضم عدة واحات رئيسية، وهى: الخارجة (العاصمة)، والداخلة، والفرافرة، وواحة باريس.. وبعض الواحات الصغرى والتي هي عبارة عن ينابيع طبيعية من المياه المتدفقة، كان يعيش فيها مجموعة من أهلنا من البدو ولكن بعد قيام ثورة يوليو 1952 تقرر أن تمثل تلك الواحات المتناثرة على مساحات شاسعة، والتي تمثل 44% من إجمالي الأراضي المصرية، إلى وادي جديد يمثل المستقبل بعد ازدحام الوادي القديم "الدلتا"!

ومن ثم أنشأت محافظة الوادي الجديدة وبدأت عمليات تعميرها وتم دفع المواطنين من بعض محافظات الوجه القبلي والبحري إليها وكانت وقتها تحت مسمى مديرية التحرير، ووزعت أراضي وبيوتا، ومزارع، ولكن لم تكلل الجهود حينها بالنجاح المتوقع.

ولكن بعد إقامة مشروع فوسفات أبو طرطور وإنشاء خط سكك حديد خاص لنقله إلى موانئ البحر الأحمر (سفاجا) وإنشاء شبكة عملاقة من الطرق الطولية والعرضية مع تغذية المنطقة بالكهرباء من خلال خط عملاق من كهرباء الجهد العالي الناتجة عن إنشاء السد العالي في أسوان.. أصبح الوادي وواحاته جاذبة لسكان الوادي خاصة محافظات الدقهلية والبحيرة وكفر الشيخ، وأيضا بعض محافظات الصعيد وخاصة أسيوط وقنا.

وأقيمت الآبار وانتشر العمار واخضرت الأرض بكل أنواع المحاصيل، فقد نقل فلاحو الدلتا والصعيد خبراتهم الزراعية لتلك الأراضي الشاسعة، والتي كانت تفتقد من يستثمرها!

ومع ذلك فلم يزد تعداد سكان الوادي عن حوالي 250 ألف نسمة، وبلغ نصيب الفرد أكثر من 12 كيلو م2 بدلا من حوالي مترين في القاهرة الكبرى!

وكما أصبح معروفا للجميع فتشتهر المحافظة بالبلح بكافة أنواعه، وأيضا عسل النحل المصفى، وكذلك زيت الزيتون النقي والسوداني المميز، بخلاف الزراعات العادية مع قلتها مثل القمح والبرسيم وأشجار الفاكهة، وخاصة الجوافة والبرتقال.

وقد أسعدتنا زيارة مزرعة خاصة على مساحة 3500 فدان، استصلحها مجموعة من المستثمرين المصريين بمشاركة عربية، وزرعوها بمساحات شاسعة من البرتقال والليمون والبطاطس، وخصصوا إنتاجها للتصدير أو التصنيع، وخاصة البطاطس.

وكان من حظنا أيضا زيارة بئر ماء طبيعية تتدفق من جوف الأرض بغزارة ملحوظة، وتستخدم في ري الأراضي المحيطة بها.

ولكن أهل الفرافرة حولوها إلى مزار ليلى، حيث تذهب الأسر للاستحمام فيها بسبب ارتفاع نسبة المعادن فيها، وخاصة الكبريت، الذي قيل إنه يشفى من أمراض الروماتيزم وبعض الأمراض الجلدية الأخرى.

ولكن الطريف في الموضوع أنهم يذهبون إليها ويستحمون فيها، من خلال كشافات تليفوناتهم المحمولة، ولا يسمح حتى بإنارة أنوار السيارات في المنطقة، حتى لا يتاح للرجال مشاهدة النساء وهن في حوض البئر، مع أنهن يستحممن بكامل ملابسهن.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز