عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الدراما العربية وقضايا الهوية (1)

الدراما العربية وقضايا الهوية (1)

بقلم : د. شريف درويش اللبان

برعاية د. خالد عبد الغفار وزير التعليم العالي والبحث العلمي ود. ألفت كامل رئيس الجامعة الحديثة للتكنولوجيا والمعلومات ورئاسة د. سامي الشريف عميد كلية الإعلام بالجامعة وأمانة د. السيد بهنسي وكيل كلية الإعلام وتنسيق الابنة العزيزة د. ميرال مصطفى عبد الفتاح رئيس قسم الإذاعة والتليفزيون بالكلية، عُقد المؤتمر العلمي الثالث للكلية تحت عنوان: "الدراما العربية وقضايا الهوية" خلال يوميْ الثلاثاء والأربعاء 18 و19 ديسمبر الحالي.



وتبرز أهمية هذا المؤتمر من الحاجة الماسة لدراسة قضايا الهوية القومية المقدمة بالأعمال الدرامية الموجهة للكبار وكيفية معالجتها لمعرفة هل هي تعبيرٌ عن الواقع الفعلي للمجتمع المصري بعاداته وقيمه وتقاليده البناءة أم أنها داعية لقيم الهدم والتفكك والعنف والبلطجة؟ وهي النتيجة التي يمكن أن تساعد في إضافة جرس إنذار جديد للأطراف المسؤولة عن صناعة الدراما المصرية إلى جانب مؤسسات الدولة التنفيذية والتشريعية، وكذلك مؤسسات المجتمع المدني المعنية بالشأن الثقافي بتذليل الطرق وتبني الآليات للنهوض بصناعة الدراما المصرية في ظل ما تواجهه من منافسة شرسة وقوية من الدراما الأجنبية والمدبلجة.

ضم المؤتمر ست جلسات علمية علاوة على مائدة مستديرة شارك فيها أبرز صُناع الدراما وأساتذة الإعلام في الجامعات المصرية سواء في رئاسة الجلسات العلمية أو التعقيب على البحوث المعروضة فيها أو في مناقشة أوضاع الدراما المصرية ودورها الواجب في ظل الدولة المصرية بتوجهاتها الحديثة، علاوة على مشاركة 40 باحثًا من 30 كلية ومعهدًا من الجامعات الحكومية والخاصة والعربية بأوراق بحثية ذات صلة بمحاور المؤتمر.

وقد رأست الجلسة العلمية السادسة د. هالة كمال نوفل عميد كلية الإعلام بجامعة جنوب الوادي، وقام د. شريف درويش اللبان وكيل كلية الإعلام جامعة القاهرة ورئيس وحدة الدراسات الإعلامية بالمركز العربي للدراسات والبحوث بالتعقيب على البحوث المعروضة فيها.

ضمت الجلسة العلمية السادسة ستة بحوث تناولت موضوعات مهمة تتعلق بصورة الشخصيات والأحداث التاريخية في الدراما لدى الشباب، والقيم الاجتماعية والدينية كما تعكسها المسلسلات المصرية المقدمة في شهر رمضان الماضي، وصورة الموظف الحكومي كما تعكسها الدراما بقنوات الأفلام العربية، وأثر تدفق الدراما الأجنبية على الهوية العربية، وقضايا الأسرة العربية كما تعكسها الدراما الإذاعية العربية.

في بداية الجلسة عرضت د. نجوى الجزار الأستاذ المشارك بجامعة مصر الدولية والأستاذة رنا حسني المدرس المساعد بالجامعة نفسها بحثًا مهمًا بعنوان: "صورة الشخصيات والأحداث التاريخية في الدراما لدى الشباب: دراسة ميدانية"، استهدفت الدراسة اختبار إذا ما كانت الدراما التاريخية تجتذب الشباب لمشاهدتها، وإذا ما كان لها تأثير على اتجاهاتهم نحو الشخصيات والأحداث التاريخية، وبحثت الدراسة أيضا دور شبكات التواصل الاجتماعي– من خلال مشاركة بعض المشاهد– في جذب انتباه الشباب لمتابعة الدراما التاريخية من خلال تبني توجه محدد نحو الشخصيات والأحداث. وقد أُجريت الدراسة من خلال الاستبيان الإلكتروني Online Survey على 400 مبحوث من طلاب الجامعة ممن يستخدمون شبكات التواصل الاجتماعي.

وقد قمت بالتعقيب على هذا البحث وقلت إن الدراما التاريخية لا تقدم التاريخ كما هو بخيره وشره، لكنها تقدم التاريخ من وجهة نظر معينة قد تؤثر فيها الدولة مثلما هو الحال في الدراما التركية أو السورية أو غيرهما، وقد يؤثر فيها التمويل (الإنتاج)، وقد يؤثر فيها أن الدراما– في حد ذاتها– لا تقدم الواقع كما هو، لكنها تتدخل في صياغته واجتزاء أحداث وشخصيات منه، وربما إضافة أحداث وشخصيات جديدة لم تكن موجودة في التاريخ، أو لم تستمر في التأثير في مجريات الأحداث.

وأحيانًا ما تقدم الدراما الشخصيات إما بصورة إيجابية مبالغٍ فيها أو صورة سلبية بعيدة عن الظرف التاريخي، مثلما هو الحال في الدراما التي قُدمت عن تاريخ بعض الشخصيات الفنية التي أثرت في تاريخ الفن المصري وعُرضت سيرها الذاتية في مسلسلات درامية.

ولذلك كله، فقد قلت "مصيبةٌ كُبرى وكارثةٌ عظمى إذا كنا سنبني اتجاهات الشباب نحو الأحداث والشخصيات التاريخية من خلال الدراما، وليس من كُتب التاريخ وكِتابات المؤرخين"، والمصيبة الأكبر أن الجيل الجديد من الشباب لم يقرأ التاريخ حتى يعقد مقارنةً جادة وواعية بين ما يشاهده وما حدث بالفعل من وقائع التاريخ. لعل ذلك هو ما حدا بالبعض ممن يُطلقون على أنفسهم لقب (مؤرخ) إلى الظهور بخطابٍ إعلامي مغاير عن بعض الشخصيات التاريخية التي تبدو للناس أنها إيجابية وكال لها الاتهامات معتمدًا على عدم قراءة الناس للتاريخ واستقائهم المعلومات عن هذه الشخصيات التاريخية من الأفلام والمسلسلات.

وقد طرحت في ختام تعليقي على هذا البحث طرحًا مهمًا حيث طالبت بإجراء دراسات توضح الفارق بين الأحداث والشخصيات التاريخية التي وردت في التاريخ من خلال كِتابات المؤرخين وما يتم تقديمه على الشاشة من دراما تاريخية لنكتشف الفروقات، ونبحث عن العوامل التي أدت إليها وأثرت فيها.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز