عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
مولاهم والفنانة

مولاهم والفنانة

بقلم : أيمن عبد المجيد

تفقد مولاهم الصحف، وصفحات السوشيال ميديا، فتجهم وجهه، بات عبوسًا قمطريرًا، قال ما لي لَا أرى صورتي، لقد تجاهل الجميع سيرتي.



أغواه شيطانه، فسقط في غرام شهوة الشهرة، جلس يبحث عن حيلة تعيد له بريقه الزائف، فمكث غير قليل، قال: عسى أن يهديني عقلي النابغ لحيلة جديدة، تدفع بي إلى صدارة المشهد.

وإذا به يصرخ، كصرخة نيوتن: وجدتها وجدتها وجدتها.. اليوم سأكون نجم الفضائيات، والصحف، والفيس والتويتر.

قال له صاحبه الذي يجالسه: ماذا وجدت؟! ماذا تقصد؟! ابتسم ابتسامة صفراء قائلًا: شاهد حلقة اليوم، وبعد ساعات طالع المواقع والصفحات، وقدم لي تقريرًا بما تراه.

في المساء، ذهب مولاهم، إلى القناة، ليقدم برنامجه "الديني" استدعى الإعداد وأوصاهم بما سيقول خيرًا على مواقع "السوشيال ميديا"، للفت انتباه المواقع الباحثة عن المشاهدات.

جلس في الاستوديو، هز مؤخرته يسارًا ويمينًا، لتستقر في مقعده، ارتشف كوب اليانسون، مط عنقه القصير، وسرعان ما عاد العنق لطبيعته تحت ضغط الرأس.

جاءته الإشارة ببدء البث، فرسم ابتسامته الصفراء، ورفع حاجبيه على "شنبر" نظارته وقال: "مفيش في الجنة أعضاء تناسلية، مفيش الحالة "التولاتية"، آه علشان الحاجات اللي عامله كالو للناس في دماغهم، مفيش استحلام، أنت هتكون أول عميل، أول زبون، لكن مفيش علاقات جنسية في الجنة".

سوشيال القناة، قام بدوره بلفت الأنظار، فتحقق الهدف، فكان الانتشار، وانطلق الخبر يلتهم مشاهدات يوتيوب، والصحف الإلكترونية، كالنار في الهشيم، وتوالت التعليقات الساخرة.

"خبر غير سار.. مفيش علاقات جنسية في الجنة"، "إزاي دا الدواعش اللي فجروا أنفسهم علشان حور العين يروحوا فيك في داهية"، "مفتي التفاهات والشهرة اتقِ الله وتحدث في أمور تصلح حال الناس".

في طريق العودة، اتصل بصاحبه، وهو يقهقه ههههه هههه: إيه الأخبار؟!

صاحبه: ما شاء الله يا مولانا، صورك وفيديوهاتك مالية الدنيا، الكل بيتكلم عن فتواك، لكن.

مولاهم: لكن إيه؟!

صاحبه: الناس تهاجمك، وقد يحدث لك مشاكل.

مولاهم: لا مشاكل ولا حاجة، يومين تأخذ رواجها، وعندما نجد الأمر هدي، نرجع نحط شوية شطة، ونطلع تصريح نقول الناس فهمتنا غلط، ونوضح فنرجع مرة ثانية للأضواء، وهو المطلوب تحقيقه.

صاحبه: هههههه يخرب بيت شيطانك يا مولانا.

مولانا: هههههههههه.

مشهد ٢ داخلي

في صالة شقتها، جلست الفنانة، تطلب من قارئة الفنجان، حلًا لعقدتها، "الشغل مفيش والحالة صعبة، إيه الحكاية، لا حوارات في الفضائيات ولا الصحف ولا صور، معمولي عمل ولا إيه؟!".

قارئة الفنجان: "فيه خير جايلك كتير، على بُعد نقطتين، يمكن يومين، شهرين، مش عارفة، لكن في قدامك ستارة، بطانة، شيء كده لازم تشيليه من سكتك للوصول لهدفك، المنافسين في اليوم ده كتير".

جلست الفنانة والخوف بعينيها، تتأمل كلمات الفنجان، قالت: يومين؟ "يكنش مهرجان القاهرة السينمائي"، مع السلامة أنتي.

باتت ليلتها تفكر في الستارة، وانتهت، أخرجت الفستان المفضوح، قالت لنفسها: "هو دا اللي هيجذب عدسات الكاميرات، ويرجعني للأضواء".

قالت لنفسها: "وإيه العمل إذا جاء الأثر سلبي؟"، ترد: بسيطة: "الحل في البطانة، نقول البطانة اترفعت".

التقطتها الكاميرات، وانشغلت بها المواقع والفضائيات، وتحقق لها الانتشار الفاضح، الذي أرادته، ثم خرجت تقول إنها بريئة براءة الذئب من دم ابن يعقوب، فالجريمة ارتكبتها البطانة، التي سقطت مع سبق الإصرار والترصد.

هدأت عاصفة البطانة، لكنها عرفت كيف تخدع تافه الإعلام، ففتحت فستانها، لتعيد تجربة الانتشار، بالهجوم عليها، فهي تعلم أن هذا الهجوم يحقق لها مكاسب في الغرب، الذي يرى في ملبسها حرية شخصية.

استضافتها الفضائيات، لتعلن أنها تلقت عروضًا لأفلام من إنتاج أجنبي، حققت هدفها، ولا عزاء للقراء والمشاهدين، وجهلاء السوشيال ميديا، مدعي الفضيلة.

الخلاصة: لا فرق بين مولاهم، ملك "الشو الديني"، والفنانة هاوية "الشو بالإثارة"، مولاهم والفنانة، يعزفان على وتر اختلاق فتاوى ومواقف تعيدهما للأضواء، عبر الجهلاء الذين يتركون، قضايا أهم، وإنجازات تتحقق، وتحديات تتطلب انشغال بالبحث لها عن حلول.

مولاهم والفنانة، ومن على شاكلتهما، يبحثون عن "الشو"، عندما يسيئون وعندما يصححون، بينما الإعلام، يلهث خلف المشاهدات، وينساق خلف الرائج على السوشيال.

يا مولاهم: علِّم الناس صحيح دينهم المصلح لشؤون دنياهم، ليفوز بالجنة، يا رجل: أدخل الجنة أولًا، ثم انشغل بما تحدثت عنه.

هذه القصة من وحي الخيال، ولا علاقة لها بالواقع الأفضل للإعلام، الذي ننشده!

يبقى السؤال: هل دور الإعلام توعية الرأي العام وتثقيفه، أم يقوده لهث جمهور خلف توافه الأمور؟!

عزيزي الإعلام.. تجاهلهم تحبط مكرهم، وتصلح حالهم، وتشغل القراء والمشاهدين بما هو أهم وأنفع للوطن والمواطنين.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز