عاجل
الخميس 26 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
We
البنك الاهلي
فن الأدب

فن الأدب

بقلم : محسن عبدالستار

الفنون جميعها تحاكي الطبيعة والحياة، وبالتالي فإن الفن، الرسم والموسيقى، والأدب، ما هي إلا تعبير عن أفكار إنسانية تحاول إعادة إنتاج ما يسترجع من صور الفنان الذي يستخدم خبراته السابقة، معتمدًا على الذاكرة، ومن خلالها يبدع شيئًا جديدًا هو نتيجة تصوره الخاص، لكنه في الأساس لا يكون إلا ما يحدث في الحياة ذاتها، لكن داخل إطار فني.



ومن روائع الفن أنها لا تثير انطباعًا لدى العين غير المدربة وغير المعتادة، وهذا لا يقتصر على عدد محدود من الأفراد، بل يشمل ذلك الكثير من الناس، وينبغي تدريبهم على تذوق الأعمال الفنية بأنواعها المختلفة من أجل رفع مستوى الذائقة الفنية عند الناس، حتى يستطيعوا التمييز بين الفن الحقيقي وغيره.

إن "الأدب"، هو أحد أشكال التعبير الإنساني، عن مجمل عواطف الإنسان وأفكاره وخواطره وهواجسه بأرقى الأساليب الكتابية، التي تتنوع من النثر إلى النثر المنظوم إلى الشعر الموزون، لتفتح للإنسان أبواب القدرة للتعبير عما لا يمكن أن يعبر عنه بأسلوب آخر.

يقول توفيق الحكيم في كتاب "فن الأدب": "الفن، هو المطية الحية القوية التي تحمل الأدب خلال الزمان والمكان.. إن الأدب بغير فن، رسول بغير جواد في رحلة الخلود، والفن بغير أدب مطية سائبة بغير حمل ولا هدف، ولقد كان همي دائمًا محاولة الجمع بين الرسول وجواده، ولقد رأيت دائمًا الأدب مع الفن، والفن مع الأدب".

"الأدب"، هو الكاشف والحافظ للقيم الثابتة في الإنسان والأمة كلها، الحامل الناقل لمفاتيح الوعي في شخصية الأمة والإنسان، تلك الشخصية التي تتصل فيها حلقات الماضي والحاضر والمستقبل.

والسؤال الآن ما مفهوم الأدب؟

كلمة الأدب- في العصر الحالي- تعني الكلام البليغ الذي يؤثر في نفوس القراء سواء كان شعرًا أو نثرًا، ولقد تطور هذا المفهوم على مر العصور، واتخذ العديد من المعاني حتى تكوّن بهذه الصياغة وهذا المعنى.

لا ريب في أن الأدب يعبّر عن تجربة شعورية شخصية للكاتب نفسه فيها إحساس وانفعال شخصي، هذه التجربة ينقلها عبر الكتابة والتعبير عن هذه الانفعالات والأحاسيس في صور لفظية ذات دلالة لغوية حتى يتكون "الأدب"، وهو فن تعبيري يُعبر به الإنسان عما يجول في خاطره من مشاعر وأفكار وخواطر وقضايا تشغله، بكلام فني متميز عن الكلام العادي بطريقة تركيبه وصياغته وجماله، ومن أبرز العناصر المهمة في الأدب:

أولًا: "الإيحاء"، فكلما كانت طريقة تصوير الكاتب أفكاره وأحاسيسه إيحائية، كانت مؤثرة في نفوس القراء، وبهذا يتميز الأدب عن الكتابة العلمية البحتة التي تحتوي على الحقائق كما هي، دون أن تنقل تجربة إنسانية انفعالية.

وبالتالي، المجتمع بلا أدب مجتمع عديم التواصل، خالٍ من الروح تمامًا.

ليس الابتكار في الأدب والفن أن تطرق موضوعًا لم يسبقك إليه أحد، ولا أن تعثر على فكرة لم تخطر على بال غيرك، إنما الابتكار الأدبي والفني أن تتناول الفكرة، التي قد تكون مألوفة للناس، فتطرح فيها من أدبك وفنك ما يجعلها تنقلب شيئًا جديدًا يُبهر العين ويُدهش العقل.

إن الفن ليس في الهيكل، بل في الثوب، والفن هو الثوب الجديد الذي يلبسه الفنان للهيكل القديم.

ثانيًا: الابتكار لا شأن له بفكرة قديمة أو جديدة، غريبة أو مألوفة، ولا بالموضوع نفسه الطريف أو المطروق.

إن أعظم معجزة في الكون لله سبحانه وتعالى، هو الإنسان نفسه، وتحديدًا شخصيته، الملايين من البشر يولدون ويتعاقبون، فلا تُطابق شخصية منها الأخرى تمام الانطباق، فالإنسان هو الإنسان، لكن في كل مرة يولد، إنما يولد جديدًا، لا يكرر بالضبط إنسانا غيره.. لأن في الاختلاف توجد الحياة. 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز