عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
فن المفاوضات "4"

فن المفاوضات "4"

بقلم : سعدون بن حسين الحمداني

القيادة والبروتوكول والإتيكيت في الدبلوماسية



 

هذه ثلاثة عناصر لا يمكنُ الاستغناءُ عنها إذا أردنا أن نبنيَ مجتمعًا راقيًا، بكل معنى الكلمة، وهي مثل الماء الذي يتكون من اتحاد ذرّة من الأوكسجين وذرتين من الهيدروجين، وصيغته الكيميائية تكتب على شكل (H2O) والذي لا يمكن الاستغناء عنه في حياتنا اليومية.

كذلك عناصر "القيادة والبروتوكول والإتيكيت" هي مهمة جدًا لحياتنا اليومية وخاصة للتفاوض، حالُها حال الطب والهندسة وبقية العلوم وهذه العناصر تبدأ من العائلة أولًا، وليس بالمعنى المتعارف عليه فقط لكبار الشخصيات على مستوى الدولة من الملوك والسلاطين والأمراء، وهي أحد أقسام الدبلوماسية الحديثة وعلم الاجتماع التربوي الذي يهتمُ بدراسةِ التأثيرات التربوية على الحياة الاجتماعيّة، وهو متابعة الآثار الاجتماعيّة الإيجابية والسلبية على الواقع التربوي من خلال دراسة الطرق التربوية المُطبقة في المدارس والكليات على اختلاف مراحلها.

هناك النظرية التفاعلية والنظرية المعرفية المعتمدة على العناصر الثلاثة "القيادة والبروتوكول والإتيكيت" وهما من أعمدة شخصية من أعلى الدرجات الوظيفية إلى الأدنى، من الوزير ونزولا إلى الموظف البسيط بمختلف درجاته وأنواع وظيفته. إن فن التفاوض يعتبر من مقومات الحياة اليومية فالتفاوض موجود في كل مراحل الحياة، وهو عملية ديناميكية تحدث في مواقف حياتنا اليومية ومهارة يحتاج لها كل شخص، وهو سلوك طبيعي يستخدمه الإنسان عند التفاعل مع محيطه، وهو عملية التخاطب والاتصالات المستمرة بين جبهتين للوصول إلى اتفاق يفي بمصالح الطرفين، بدءًا من الطفل الصغير الذي يتفاوض مع والديه للحصول على شيء معين وقدرته الفائقة على إقناعهما ومرورًا بالزوج والزوجة اللذين يتفاوضان حول بعض الأمور وصولًا إلى مواقع ومناصب الدولة العليا، وكيف يتم التفاوض فيها مع المقابل للحصول على أفضل المصالح المختلف عليها. وهنا نبدأ بشخصية المفاوض في بعض الأحيان، فنقول إن هذا شخصيته قوية، وفي أحيان أخرى نقول هذا شخصيته ركيكة وضعيفة، وقبل أن نذهب ونوضح كيفية اعتماد فن التفاوضات على العناصر الثلاثة نود أن نبين شيئا عن فن المفاوضات، ففن التفاوض هو علم وفن ومهارة في ذات الوقت، وهو طريقة إقناع الطرف الآخر للحصول على مكسب مادي ومعنوي، ومن الأمور التي تؤثر في عملية التفاوض هي عادات وثقافة المجتمع بسبب التأثر القروي والبدوي والعلاقات الاجتماعية المبنية على التعنت القبلي العشائري والذي لا يمت بأي صلة للعقلانية وروح المحبة والتآخي والاحترام.

وعلى المفاوض أن يتسلح بأعلى درجات المعرفة في هذا الفن الكبيرة معالمه؛ لكي يحصل على مبتغاه والوصول إلى هدفه وأن عناصر القيادة والإتيكيت والبروتوكول من أهم الأسلحة المطلوبة لفن المفاوضات وللمفاوض.

إن هناك بعض النقاط المهمة التي يجب أن يضعها المفاوض في مخططاته منها/ الوصول إلى نقطة مشتركة بين المتفاوضين لعقبة مختلف عليها/ التباحث مع الطرف الآخر من أجل المساومة أو التجارة/ التغلب على العقبات لإتمام صفقة/ مناقشة الخيارات من أجل الوصول لاتفاق/ إحراز تقدُّم نحو هدفٍ أو غاية منشودة/ التوصل لحل مشكلة مقبولة لدى الطرفين/ معرفة ما يرغب فيه الشخص الآخر، ثم جعله يعتقد بأنك توفر له ما يريده/ الدخول في صراع للإرادات، أو منافسة لإثبات أي من الطرفين أكثر ذكاءً وفطنةً/ إقناع شخص ما بالتصرف كيفما تريد، أو مجاراة أفكارك.

لذا فإن فن المفاوضات والمفاوض عليهم الاعتماد على العناصر الثلاثة، وأبسط مثال على ذلك هو النقاشات والمفاوضات بين الزوجين على موضوع معين يصب في مصلحة الجميع ويبقى القرار للشخصية الأقوى المقنعة وهنا ندخل في مهارة الإقناع التي تدخل في عالمية الإتيكيت، حيث إن مهارات الإقناع يوجد بعض المهارات التي يمكن من خلالها أن يصبح الإنسان أكثر قدرة على إقناع الآخرين ومنها مطابقة لغة الجسد مع الشخص المراد إقناعه وهي إحدى نقاط الشخصية وبنود القيادة التي تؤثر على الطرف الثاني، من خلال محاكاة حركاتهم وإيماءاتهم. تغيير نبرة الصوت بشكل يناسب الطرف الآخر، فإذا كان صوته ناعمًا يفضّل استخدام نفس درجة الصوت، وإذا كان قويًا يجب التأكد من التحدّث بثقة وقوّة. استخدام نفس سرعة التحدّث، حيث إنّه لا يجوز الإسراع بالكلام عند كون المتحدّث بطيئا في كلامه. ملاحظة المواضيع المهمة بالنسبة للطرف الآخر، والتي يمكن معرفتها من خلال ما يظهر في حديثه؛ لإشعاره بأنّه يستمتع وهو يسمعهم، وذلك بهدف بناء علاقة قويّة معهم.

ويوجد العديد من المهارات التي تمنح المفاوض القدرة على الإقناع والتأثير في الآخرين، للوصول إلى الهدف بأقل الخسائر.

وفي الختام على المفاوض مما كان مكانته أو درجته من المواطن البسيط (الزوج والعائلة والأقارب والأصدقاء والدائرة) إلى المفاوض الرسمي الذي يمثل دولته في مفاوضات رسمية عليه الالتزام قدر المستطاع بالعناصر الثلاثة لكونها تمثل القيادة وتعكس الشخصية الملتزمة والمؤثرة في الاجتماع وعليه الالتزام بالاستماع الفعال والذي يتمثل بالإصغاء الدقيق وحسن التفاعل، وكذلك محاولة فهم عواطف الآخرين وأسباب سلوكهم لفهم وجهة نظرهم والتأثير عليهم بعد ذلك لأن هناك حكمة في فن المفاوضات عليك كسب المقابل كصديق وليس كطرف ثاني "خطوة إلى الوراء من أجل خطوتين إلى الأمام" من خلال عدم الاندفاع للحصول على حل سريع بل اتخاذ خطوة خطوة في صعود السلم والابتعاد عن المزاجية والتعنت والأنانية وحب الذات والانفعالات التي قد تدمر معاني شخصية المفاوض.

 

*دبلوماسي سابق

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز