عاجل
الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
ليُبَارِكَ اللهُ مِصْرَ الحَبيبَة في أَعْيَادِ المِيلادِ المَجِيدَة

ليُبَارِكَ اللهُ مِصْرَ الحَبيبَة في أَعْيَادِ المِيلادِ المَجِيدَة

بقلم : د. شريف درويش اللبان

دعا البابا فرنسيس بابا السلام لمصر السلام، خلال زيارته التاريخية لمصر في أوائل مايو من العام 2017، قائلاً: ليُبَارِكَ اللهُ مِصْرَ الحَبيبَة، هكذا صلى البابا لمصر، وصلى ملايين المؤمنين في العالم خلفه لهذا البلد الذي ورد ذكره في «الكتاب المقدس» ٦٧٠ مرة في مواضع مختلفة، وإن كان أشهرها على الإطلاق ما ورد في سِفر أشعيا، الذي ورد فيه جزء من آية في نهاية إصحاحه التاسع عشر يقول: «مُبَارَك شعبي مِصْر».. مِصْرُ التي جاءت إليها العائلة المقدسة هربًا من «هيردوس»، الذي كان يريد إهلاك يسوع، فأمر الملك «يوسف النجار» بأن يأخذ الصبي وأمه ويهرب لمصر ويقال إنهم مكثوا فيها ثلاث سنوات ونصف السنة.. وعندما زرت «وادي الملوك» بالأقصر منذ سنوات، اندهشت من وجود رسوم مسيحية على جدران بعض المقابر الفرعونية وبعض آثار الدخان أعلاها، ولكن مرافقي ذكر لي أن الأقباط كانوا يهربون من الرومان إلى هذه المقابر، ويقيمون فيها بعيدًا عن جلاديهم بسبب إيمانهم بالسيد المسيح.



ووردت مِصْرُ في القرآن الكريم في خمسة مواضع مختلفة بشكلٍ مباشر وصريح، كما وردت مصر في القرآن الكريم بشكل غير مباشر في عشرات المواضع، من خلال الإشارة إلى الأشخاص أو الأماكن أو الأشياء.

لقد كان رائعًا عناق الأزهر والفاتيكان في زيارة البابا التاريخية لمصر، كم كان دافئًا عناق فضيلة الإمام أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر والبابا فرنسيس بابا الفاتيكان، كم كان معبرًا أن يُعقد مؤتمر السلام في أرض السلام بحضور بابا السلام، لقد قال البابا، خلال كلمته بمؤتمر الأزهر العالمي للسلام: «لا يخدم رفع الصوت أو زيادة التسليح لحماية أنفسنا، واليوم لا بد أن نكون صانعي سلام، ونحن اليوم في حاجة ماسة إلى صنع السلام لا إلى إثارة النزاعات، ولا بد أن نكون دعاة تصالح لا ناشري دمار».

كانت هناك رسالة خاصة بعث بها البابا فرنسيس إلى رجال الدين في العالم أجمع، حيث قال: «إننا كرجال دين مسؤولون عن كشف العنف الذي يظهر ويقدم نفسه تحت غطاء ديني، ولا بد من أن نكشف حقيقته التي تبنى على الأنانية وليس حب الآخر، ولا بد أن نكشف كل صورة من صور الكراهية التي تعارض حقيقة كل الأديان.. إنه إله السلام.. إنه الله السلام.. ولذلك لا يمكن تبرير أي شكل من أشكال العنف باسم الله".

وعن المطلوب من الإنسان أيًا كان فكره واعتقاده أو انتماؤه الأيديولوجي، أوضح بابا الفاتيكان، أنه يجب دحر الأفكار القاتلة والأيديولوجيات المتطرفة والتأكيد على عدم الجمع بين الإيمان الحقيقي والعنف، ولا يمكن الجمع بين الله وأفعال الموت، مشيرًا إلى أن التاريخ يكرم صانعي السلام الذين، بشجاعة وبدون عنف، يناضلون من أجل عالم أفضل، مضيفًا: «طوبى لصانعي السلام لأنهم أبناء الله يدعون".

ودعمًا لكل جهد يبذل في العالم لإحلال السلام وتحقيق التقدم والرقى وصنع الحضارة، قال البابا فرنسيس: «التنمية والسلام والازدهار هي خيرات لا يمكن التنازل عنها وتستحق جميع التضحيات.. وهي غايات تتطلب العمل الجاد والالتزام الثابت وتتطلب الاحترام غير المشروط لحقوق الإنسان كالحق غير المشروط بين جميع المواطنين وحرية الدين والتعبير دون أي تمييز".

وبحثًا عن تذكير الإنسانية والبشر أجمعين بأهم الرسائل التي تحملها الأرض، أكد بابا الفاتيكان، أن الرب يرغب في سعادة أبنائه ولا يطلب العنف بل على العكس يرفضه وينبذه، حيث هو الإله الحقيقي الذي يدعو للمحبة غير المشروطة، والاحترام المطلق والأخوة بين أبنائه، وتابع: «من واجبنا أن نؤكد أن التاريخ لا يغفر لمن ينادون بالعدالة ويمارسون الظلم»، كما قال موجهًا حديثه للرئيس عبدالفتاح السيسي: "فخامة الرئيس قلت لي قبل عدة دقائق إن الرب هو رب الحرية، وهذه هي الحقيقة".

لقد لخص بابا الفاتيكان مكانة مصر بعبارةٍ واحدة، غالبًا ما تلوكها ألسنتنا دون أن نعيها، قال إن «مصر أم الدنيا» ترحب في الوقت الحاضر بالملايين من اللاجئين القادمين من بلدان متعددة مثل سوريا والسودان والعراق وإريتريا، وتحاول أن تدمج هؤلاء اللاجئين في المجتمع المصري من خلال جهود كبيرة. وأضاف بابا الفاتيكان، أن مصر بفضل تاريخها وموقعها الجغرافي الفريد تلعب دورا لا غنى عنه في الشرق الأوسط، وبين البلدان التي تبحث عن حلول للمشاكل الملحة والمعقدة التي تحتاج إلى معالجة فورية لتفادي الانحدار في دوامة عنف أكثر خطورة، متابعا خلال كلمته بفندق الماسة، أن مصر في الوقت نفسه تبنى السلام بيد وبالأخرى تحارب الإرهاب، مدعوة لكى تثبت – قائلا باللغة العربية: إن "الدين لله والوطن للجميع".

لا يمكن أن تصل البشرية للسلام دون الاعتراف بدور الدين في هذه العملية، لذلك لابد من السعي للوصول إلى الله، كما يجب مواجهة التناقض الخطير، الذي يسعى إلى تحديد دور الدين وإبعاده عن الدور الحضاري والمدني، مشددا على ضرورة الحديث عن خطورة التمييز بين الدين والسياسات.

وإيمانًا بالتلاحم بين الإسلام والمسيحية على أرض مصر، كان أول حجر أساس تم وضعه في العاصمة الإدارية الجديدة هو حجر أساس كاتدرائية "ميلاد المسيح"، ومسجد "الفتاح العليم"، واللذيْن يفتتحهما الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال ساعات، ومن المقرر أن يزور الرئيس السيسي كاتدرائية "ميلاد المسيح" بالعاصمة الإدارية الجديدة مساء الأحد، ليفتتح الكاتدرائية الأكبر في الشرق الأوسط، تزامنًا مع قُدَاس عيد الميلاد المجيد. وقد حرص الرئيس السيسي منذ توليه رئاسة الجمهورية على حضور قُدَاس عيد الميلاد؛ لتهنئة الأقباط بعيدهم.

إن مِصْرَ مُبَاركة في القرآن والإنجيل، إن مِصْرَ مُبَاركة بدعوات وصلوات البابا فرنسيس بابا الفاتيكان والبابا تواضروس بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية والإمام الأكبر أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر وخلفهم ومعهم دعوات وصلوات كل المؤمنين بالعالم.. مِصْرُ مُبَاركة بأجراس كنائسها ومآذن مساجدها.

مُبَارَك شَعبي مِصْر.. وليُبَارِكَ اللهُ مِصْرَ الحَبيبَة.. كل سنة وأقباط مصر بخير وسلام وأمان.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز