عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
اجنِ العسل.. ولا تكسر الخلية

اجنِ العسل.. ولا تكسر الخلية

بقلم : محسن عبدالستار

إن اللين في الحديث والمعاملة، والبسمة في وجوه من نحب، ومن نعرفه ومن لا نعرفه، والكلمة الطيبة عند اللقاء، إنما هي حلل منسوجة يرتديها السعداء، الذين لهم نصيب من التوفيق في هذه الحياة.



"الرفق ما كان في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه".. هذه الصفات تكون سمة من سمات السعداء، تجذب إليهم الناس، وتقذف المحبة في قلوبهم.

فكن في حياتك ومعاملاتك مع الناس، مثل النحلة تأكل طيبًا وتصنع طيبًا، وإذا وقعت على زهرة لا تكسرها، وذلك لأن الله يعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف.

إن هذا الصنف من الناس، أي السعداء، لهم دستور خاص بهم، يعيشون به بين الناس، عنوانه:

"وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ".

إن دفع سيئة المسيء إليك يكون بإحسانك إليه، فيصير هذا المسيء إليك، الذي بينك وبينه عداوة، وكراهية وبغض كأنه من ملاطفته إياك له، يصبح وليًا لك من بني أعمامك، قريب النسب بك.. هكذا هو الرفق، وعاقبة اللين في الحديث مع الناس.. إنهم يمتصون الأحقاد بعاطفتهم الجياشة، وحلمهم الدافئ، وصفحهم البريء.. وعفوهم عند المقدرة.

يتناسون الإساءة ويحفظون الإحسان، تمر بهم الكلمات النابية، المسيئة التي بها غلظة، فلا تؤثر فيهم، بل تذهب بعيدًا عنهم بلا رجعة.. لذا يكون الناس منهم في مأمن.. لذا لا تحزن مع الاعتداء الصارخ عليك، فإنك إن عفوت وصفحت نلت عز الدنيا وشرف الآخرة.

لذا كان من أهم قواعد السعادة في الحياة، "ألا تجعل صغائر الأمور تشغل تفكيرك، واجعلها كحصاة في نعل حذائك"، وخير مثال نسوقه على ذلك، قول البعوضة للنحلة: "تماسكي فإني أريد أن أطير وأدعك".. قالت النحلة: "والله ما شعرت بك حين هبطتِ عليّ، فكيف أشعر بك إذا طرتِ؟!".

ولقد قال الشاعر حاتم الطائي:

وأغفر عوراء الكريم ادخاره.. وأعرض عن شتم اللئيم تكرمًا

والعوراء في اللغة، هي الكلمة القبيحة أو الفِعلة القبيحة، ذلك لأن هذه الكلمة أو الفِعلة، تبدو كأنها تَعُور العين، فيمنعها ذلك من الطموح وحدة النظر، ثم حوّلوها إلى الكلمة أو الفعلة على المَثَل، وإنما يريدون في الحقيقة صاحبها.

إن الفطرة الإنسانية وطبيعة البشر خلقت على حب الرفق واللين، ولا ينكر أحد أبدًا فضلهما العظيم في إشاعة المحبة والألفة بين الناس، فهما عنصران أساسيان في إقامة علاقات مودة بين البشر جميعًا، مهما تعددت جنسياتهم أو اختلفت لغاتهم، فالرفق واللين صفتان مهمتان، مع كل أحد، مهما بلغت قسوته وشدته، فإن الله تعالى أمر موسى عليه السلام بالرفق مع فرعون، مع أنه بلغ الغاية في التجبر والبطش والتكبر على قومه، فقال الله سبحانه لموسى وأخيه هارون: "اذْهَبَا إلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى، فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أو يَخْشَى".

اللهم اجعلنا ممن يتصفون باللين في معاملاتهم.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز