عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الكورة والقوى الشاملة للدولة

الكورة والقوى الشاملة للدولة

بقلم : د. فاطمة سيد أحمد

كانت أيّام نهاية الأسبوع الماضى حبلى بأحداث كروية،  اعتبرها الشعب المصرى من أهم معالم العام الجديد، ليس هذا وحسب؛ بل قام بعملية قياس لحضارته واستمرارها وأضاف إليها قدرة دولته الحالية ومدى قوتها على الساحات الثلاث الأفريقية والعربية والعالمية ، وكان متنبهًا بأن قوته الناعمة ضرورة داعمة ومضافة لقوة دولته التى يحددها جيش قوى واقتصاد مستقر وسياسة يقظة وقبلها شعب كبير العدد  واعٍ بأهمية الوطن حدودًا ومساحة ومحدداته من أمن قومى بكل مشتملاته المعلومة والمضافة له حديثًا.. ويرى المصريون أن الرياضة عمومًا ليست مجرد ألعاب  ولكنها تفوق وإحراز مراكز أولى يتباهى بها عندما يرفع علم دولتهم مرفرفًا فى أى إنجاز يصل  أولادهم إليه فى أى من اللعب التى تعبر عن القدرات، سواء فردية أو جماعية ويهنئون الدولة على الإنجاز ويحاسبونها على الإخفاق، وهم فى ذلك قائمون بإضافة عنصر الرياضة إلى قوى بلدهم الشاملة بكل ما أوتوا من إثبات ذلك غير آبهين إن كان المجتمع الدولى سيقر الرياضة مثلها كالثقافة من العناصر التى تؤثر فى قياس قوة الدول أولًا، لأنهم  بحسهم الوطنى الفطرى يعلمون أن المنظرين السياسيين يضعون هذا فى اعتبارهم بتحليلاتهم أو وضع سيناريوهات لزعماء دولهم حتى وإن لم يجهروا به واتخذوه عنصرًا ضمنيًا يدخل فى قياس مكانة الدولة وقدرتها على الاستعدادات  لاستقبال أحداث رياضية عالمية وأيضًا  لتأهيل الفرق لتكون لائقة وضمن الصفوف العالمية.



من هنا نقف أمام تهنئة الشعب المصرى لبعضه ولدولته ومسئوليه عندما فازت مصر بأن يكون على أرضها حدث كروى قارى ينظر إليه العالم ويقيمه، وكان للتصويت الكاسح لفوز مصر بالتنظيم أهمية قصوى لدى الشعب الذى قدر لرئيسه اهتمامه بقارتنا الأفريقية الامتداد الجينولوجى لنا والأكثر اشتراكنا فى مساعدة دول قارتنا بمشاريع تنموية للنهوض بها وتكون عونًا لشعوبها  فأعادت لنا القارة الريادة ومنحتنا رئاسة الاتحاد الأفريقى بعد أن استبعدوا مصر منها لظروف سياسية عانينا  منها  الكثير ويعتبر هذا التصويت هو أحد صور التفاف دول القارة حول أهمية فوز مصر التى شهدوا لها أيضًا كيف كانت على قدرة واستيعاب  (منتدى شباب العالم) ونجاحه بكل ما تعنى الكلمة والأكثر أنه رمى بدلالاته العالمية إلى الثقة فى أن مصر بعد فترة من عدم الاستقرار  صارت قادرة بل أقوى عن ذى قبل فى تأمين أحداث عالمية، وأن إنشاءاتها المختلفة من قاعات وملاعب مستوفاة الشروط والمعايير العالمية هندسيًا وتأمينيًا وهو ما جعلها أهلًا للفوز  بتنظيم  كأس أفريقيا وقد انتزعته بجدارة فى منافسة حادة بينها وبين دولة جنوب أفريقيا، ولهذه  المنافسة بين الدولتين مذاق خاص كونهم من مؤسسى هذا الاتحاد الكروى القارى الذى بدأ التفكير فيه يوم ٨ يونيو ١٩٥٦ على هامش اجتماع خاص بالفيفا، يومها كان المصريون عبدالعزيز سالم (والذى صار أول رئيس للاتحاد الأفريقى) ومحمد لطيف ويوسف محمد اجتمعوا مع السودانيين عبدالرحيم شداد وبدوى محمد وعَبَد الحليم محمد والجنوب أفريقى وليم فيل فى فندق (أفينيدا) بلشبونه عاصمة البرتغال وبدأوا يفكرون فى تأسيس (اتحاد قارى للكرة الأفريقية) وتدشين بطولة تقوم على المنافسة بين دول القارة السمراء لتحديد البطل الذى يجلس على عرشها، وبالفعل تكلل جهد هؤلاء الرواد بنجاح وبعد مرور ثمانية أشهر عقد الاجتماع التأسيسى للاتحاد وبعدها بيومين كان لاعبو مصر والسودان يقيمون مباراة فى الخرطوم معلنين عن بداية أول مسابقة لكأس الأمم الأفريقية والتى أقيمت يوم ١٠ فبراير ٥٧ باستاد الخرطوم وفاز الفراعنة (وهو كونية المنتخب الكروى المصرى مضافًا إليه فريق الساجدين مؤخرا) بهدفى رأفت عطية ومحمد دياب العطار (الديبة) فى حين سجل صقور الجديان  (وهو كونية المنتخب السوداني) هدفًا، وكان الدكتور السودانى عبدالحليم محمد هو صاحب فكرة إقامة أول بطولة فى السودان وأقيمت بعد ذلك البطولات تباعًا وشهدت البطولة فى فترة الستينيات نظامًا عشوائيًا فى إقامتها فمرة كل عام وأخرى بعد اثنين أو ثلاثة حتى أقيمت البطولة السادسة بإثيوبيا عام ٦٨ وبعد ذلك أصبحت البطولة نظامًا متعارفًا عليه وهو كل سنتين فى إحدى الدول الأفريقية. 

يضاف إلى هذا الحدث المهم هو فوز الابن البار بوطنه (محمد صلاح)  بأحسن لاعب أفريقى، الذى يقدر حب المصريين له ودعمهم المستمر لنجاحاته متباهين بمن يحمل هويتهم ويقدم كل نجاح هدية لمصر الذى لم ينسها  رغم أنه يلعب ضمن فريق أجنبى،  هكذا يكون الانتماء لا يباع ولا يشترى أنه يجرى فى دماء الوريد.

ويحضرنى أيضًا لماذا اهتم الرئيس بالكشف على صحة المصريين والوقوف على أهم الأمراض التى تعتريهم، والأهم أن هذا المسح الطبى الشامل بصر المسئولين من الأسرة الصغيرة وحتى مستوى الدولة  ما هى المقومات البدنية والصحية التى سنحتاجها لبناء إنسان مصرى حديث قوى يخرج منه تصنيف الفئات التى تحتاجها الدولة من عسكريين ورياضيين والتخصصات الأخرى،  وتحية لشعب مصر الذى أضاف لقوته الشاملة مالم يكن مضافًا من قبل إنها إنجازاته وحضارته التى يحددها لترثها الأجيال.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز