عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الدراما العربية وقضايا الهوية "3-3"

الدراما العربية وقضايا الهوية "3-3"

بقلم : د. شريف درويش اللبان

برعاية د. خالد عبد الغفار وزير التعليم العالي والبحث العلمي ود. ألفت كامل رئيس الجامعة الحديثة للتكنولوجيا والمعلومات ورئاسة د. سامي الشريف عميد كلية الإعلام بالجامعة وأمانة د. السيد بهنسي وكيل كلية الإعلام وتنسيق د. ميرال مصطفى عبد الفتاح رئيس قسم الإذاعة والتليفزيون بالكلية، عُقد المؤتمر العلمي الثالث للكلية تحت عنوان: "الدراما العربية وقضايا الهوية"، خلال يومي الثلاثاء والأربعاء 18 و19 ديسمبر الماضي.



وقد ترأس الجلسة العلمية السادسة د. هالة كمال نوفل، عميد كلية الإعلام بجامعة جنوب الوادي، وقام د. شريف درويش اللبان وكيل كلية الإعلام جامعة القاهرة ورئيس وحدة الدراسات الإعلامية بالمركز العربي للدراسات والبحوث بالتعقيب على البحوث المعروضة فيها، التي استعرضنا عددًا منها في المقالين الماضيين من هذه السلسلة من المقالات التي خصصناها لاستعراض أهم الدراسات المعروضة في هذا المؤتمر.

ومن بين البحوث المهمة التي قمت بالتعليق عليها بحثٌ للدكتورة جيلان عبد اللطيف حمزة المدرس بقسم الصحافة بكلية الإعلام بالجامعة الحديثة وعنوانه: "أثر تدفق الدراما الأجنبية على الهوية العربية"، وبحث آخر للباحثة مروة رضوان إبراهيم شعبان بمركز المعلومات، ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء وعنوانه: "معالجة الأفلام السينمائية المصرية والهندية لقضايا الهوية القومية".

واستهدفت الدراستان التعرف على طبيعة المعالجة الدرامية السينمائية المصرية لقضايا الهوية القومية، من حيث المحتوى الفكري والشكلي، الذي تطرحه الأعمال الدرامية المصرية، والتي تقدم في إطار واقع اجتماعي تحكمه محددات ثقافية وقيمية معينة، في إطار مقارن مع الأفلام السينمائية الهندية التي تحرص على تقديم نمط ثقافي قيمي محدد عن المجتمع الهندي مما يبرز هويتها فكريا وثقافيا، وهو الأمر المُعين في معرفة قضايا الهوية القومية التي تركز الدراما المصرية والهندية على معالجتها وما تغفله، والظروف المجتمعية المؤثرة في توجيه هذه المعالجات الدرامية المصرية والهندية نحوها، وبالتالي تدعيمها دراميًا من عدمه، وأثر تدفق الدراما الأجنبية على الهوية العربية بشكلٍ عام.

وقد علقتُ على هاتيْن الدراستيْن وقلت، إن السينما والدراما من القوة الناعمة المهمة في الترويج للثقافة والهوية القومية، وإن السينما المصرية كانت تفعل ذلك بنجاح في زمنٍ مضى، ولكن الواقع الراهن مزرٍ إلى أقصى درجة، فنحن محصورون بين أفلام السُبكي وأفلام "المهرجانات" وسينما "القزقزة" وسينما البلطجة والعشوائيات.

وعلى النقيض من ذلك استطاعت السينما والدراما التركية والهندية والمكسيكية والأمريكية أن تعكس الثقافة والهوية لبلدانها بشكل أصبح يؤثر علينا نحن العرب والمصريين في السنوات العشر الأخيرة، كما أصبح الهنود يؤثرون على منطقة الخليج العربي بأكملها، سواء في الثقافة أو الإعلام أو الموسيقى أو الأكلات المفضلة أو الفندقة أو المراكز التجارية.

ومنذ أن تخلت الدولة المصرية عن السينما، وهي تعاني أمراضًا تسبب فيها القطاع الخاص، بدايةً من أفلام "المقاولات" وانتهاءً بمرحلة التردي الحالية التي تشهدها السينما المصرية. نحن في حاجة إلى إحياء "مؤسسة مصر للسينما" وأفلام التليفزيون الراقية حتى لا نترك جمهورنا وهويتنا في أيدٍ غير أمينة ليس لها هدف أو مقصد سوى الإسفاف والابتذال جريًا وراء الربح وشباك التذاكر.

إن تركيا اليوم تقوم بتصدير الدراما التي تنتجها ولاسيما في مجال الدراما التاريخية والاجتماعية إلى 22 دولة في قارات العالم المختلفة، مع ما تتضمنه هذه الدراما من تزييفٍ مُتَعَمَد للتاريخ وقيمٍ أخلاقية مشوهة لا تتناسب مع القيم العربية والإسلامية الأصيلة.

لقد تخلت مصر عن مكانتها في الإنتاج السينمائي والدرامي منذ سنوات فاستفادت تركيا، ويجب أن تعود مصر إلى مكانتها المفقودة للتأثير والفاعلية الثقافية في محيطها الإقليمي.

ولم يهمل المؤتمر قضية الإرهاب، حيث عرضت د. ياسمين أحمد علي بحثًا مهمًا بعنوان "المعالجة الدرامية لقضية الإرهاب في دراما رمضان 2018"، كما قدمت د. فاطمة أبو الحسن دراسة أخرى عن "الإرهاب في السينما الأمريكية".

وفي ضوء العروض البحثية والمناقشات، التي شهدتها كل فاعليات المؤتمر، تم التوصل إلى جملة من التوصيات المهمة نذكر أهمها فيما يأتي:

أولاً: التحرك الجاد من جانب المسؤولين عن صناعة الدراما، للتواصل مع القيادة السياسية والمؤسسات السيادية لإعادة وتفعيل دور الدولة في إصلاح أوضاع صناعة الدراما من خلال:

- نيل الدعم المباشر من القيادة السياسية.

- إيجاد مرجعية عليا لصناعة الدراما تتولى وضع السياسات الإنتاجية بجوانبها المختلفة الكمية والنوعية والحرفية والرقابية والتوزيعية والبثية.

- توفير الدعم المالي لجهات الإنتاج مثلما يحدث مع كل المشروعات الاستثمارية.

ثانيًا: إذكاء روح العمل الجماعي في المجالات المختلفة لصناعة الدراما لمواجهة ظاهرتي الاحتكار الإنتاجي والبطولات الفردية، والتوجه نحو الإنتاج الجماعي والبطولات الجماعية مع العمل على ضبط ظاهرة الكتابة الجماعية أو ما عرف بورش الكتابة.

ثالثًا: بذل الجهود المكثفة لمواجهة سطوة الإعلان على الإعلام، وضرورة إيجاد  الضوابط والوسائل الممكنة لتحقيق ذلك، من خلال التنسيق والتواصل الفعال بين جهات الإنتاج ووكالات الإعلان وقنوات البث وجمعيات حماية جمهور المشاهدين والمستمعين، والنقابات الفنية  وأجهزة الرقابة.

رابعًا: توجيه مزيدٍ من الاهتمام للإنتاج الدرامي الذي يرسخ قيم الانتماء الوطني والمشاركة السياسية، ويدعم ملامح ومقومات الهوية الوطنية والقومية، ويحسن الصورة الذهنية عن مصر في محيطها العربي، ويُعلي من شأن القواسم المشتركة بين المجتمعات العربية، ويسهم في مواجهة الآثار السلبية للغزو الثقافي والتطرف والعنف والتحيز والتمييز، وما تحمله الدراما الأجنبية المترجمة والمدبلجة، من رسائل بأن القضايا المسكوت عنها في إنتاجنا الدرامي، لحساسيتها الخاصة دينيًا وسياسيًا وأمنيًا.

خامسًا: دعوة المؤسسات التربوية والاجتماعية للتواصل مع وسائل الإعلام وجهات الإنتاج لتبادل الرؤى بشأن تقييم الإنتاج الدرامي، وتفعيل دور الدراما في التنشئة الاجتماعية، والارتقاء بالذوق العام وتحسين جودة الحياة، والمحافظة على الصورة الذهنية الإيجابية للمرأة، والفئات المهنية ذات الوضعية الخاصة، كرجال الشرطة والدعاة والمعلمين والموظفين الحكوميين.

سادسًا: مناشدة وسائل الإعلام وجهات الإنتاج الدرامي بضرورة المتابعة والاستفادة مما تنشره الصحافة الفنية وما تقدمه مواقع التواصل الاجتماعي من نقد وتقييم لما يُذاع من أعمالٍ درامية، وذلك لتحقيق المواءمة والتوافق مع متطلبات الجمهور، وما يقبله الذوق الاجتماعي العام.

سابعًا: تكثيف المشاركة الفعالة والتنافسية الجادة بين الأعمال الدرامية في المهرجانات والمسابقات الدورية والموسمية في مجال صناعة الدراما، باعتبار ذلك أحد مداخل آليات التطوير والارتقاء بمستوى الأعمال الدرامية، نصًا وأداءً وإخراجًا وإنتاجًا.

ثامنًا: مخاطبة وسائل الإعلام المختلفة بضرورة الالتزام بمواثيق الشرف الصادرة في هذا الشأن، التي تُوجب عدم المساس بمنظومة القيم الأخلاقية والثوابت الدينية والأعراف الاجتماعية المستقرة، وتحظر المساس بالأمن القومي للبلاد.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز