عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
معرض مصر "الجديدة"
بقلم
محمد نجم

معرض مصر "الجديدة"

بقلم : محمد نجم

أقول وبشكل مباشر لكل من تخلّف عن زيارة معرض الكتاب هذا العام.. لقد فاتك الكثير!



فاتك أولا أن ترى هذا المظهر الحضاري للمصريين- أفرادًا أو عائلات- وهم سعداء بوقفتهم الطويلة في طوابير ممتدة لمئات الأمتار للحصول على تذاكر دخول المعرض، ثم طوابير أخرى مماثلة لدخول القاعات والأجنحة المختلفة، فضلا على احترامهم الكامل للإجراءات الأمنية البسيطة والمنضبطة في ذات الوقت.

وفاتك أيضا.. أن تمتع نظرك بالمقر الجديد للمعرض، الراقي في مظهره والمتسع في مساحته، والمنظم في توزيع أجنحته وقاعاته والأماكن المخصصة للراحة والترفيه، إلى جانب تعدد المساحات المتاحة للسيارات العامة والخاصة، مع عدم تأثر الشوارع الرئيسية بمنطقة القاهرة الجديدة خاصة حي التجمع الخامس بهذا الزخم من السيارات والأفراد.

ثم نأتي للأهم.. وهو شكل المعرض من الداخل.. قاعات فسيحة مكيفة، وسجاد أحمر في الممرات، وأزرق داخل الأجنة وكُتب مرصوصة بعناية على استاندات موحدة تسر الناظرين، ناهيك عما يسمى منطقة «البلازا» حيث مكاتب الاستعلامات والمتطوعين من الشباب ومسؤولي المعرض ولكل من له علاقة بصناعة الكتب وتوزيعها.

كل هذا في الدور الأول بمساحات واسعة، أما الدور الثاني الذي تصعد آلية بأسانسيرات متعددة أو سلالم كهربائية فسوف تجد قاعات السينما، والندوات الثقافية، والفنية وحفلات توقيع الكتب الجديدة.. إلخ.

وبالطبع سوف تلاحظ الاهتمام الخاص من المنظمين بالأطفال وذوي القدرات الخاصة، حيث منطقة خاصة متسعة لتعليم الرسم وممارسة الألعاب الذهنية والعزف الموسيقى للأطفال، ثم مسرح خاص ليقدم أصحاب القدرات الفنية مواهبهم التمثيلية والغنائية عليه، بالإضافة إلى الورش الفنية للحرف، والفنون البصرية، ومعرض كبار الفنانين العالميين.

وإجمالا.. سوف ترى صورة مختلفة لمعرض القاهرة الدولي للكتاب المقام حاليًا في مركز مصر للمعارض الدولية، خلافا «للسوق» التجاري الذي كان يقام من قبل في أرض المعارض بمدينة نصر!، حيث الأتربة والزبالة والباعة الجائلين وتُجّار الكتب بأصواتهم المرتفعة وكأنهم يبيعون خضار وفواكه!

وتكفي الإشارة هنا على نجاح المعرض هذا العام أنه تعدى المليون زائر في أسبوعه الأول.

وفي رأيي أن «المعادلة» في غاية البساطة، فقد احترم منظمو المعرض زواره المحتملين وبذلوا جهدًا ملحوظًا في الإعداد والتنظيم والنظافة، فكانت النتيجة المتوقعة أن احترم المترددين عليه بعد افتتاحه.. النظام وتصرفوا بشكل حضاري واتبعوا التعليمات المنظمة للدخول والخروج والمرور بين صالات العرض وأجنحة الكتب.

ويكفي هنا أيضا شهادة الأخوة المشاركين من الناشرين العرب وبعض الأجانب الذين التقيت بهم، والذين أشادوا بالمعرض الذي يمثل «مصر الجديدة» بعد أن تعافت من السنوات العجاف التي مرت بها بعد أحداث يناير 2011.

وإذا تحدثنا بلغة الأرقام.. فالمساحة الإجمالية للمعرض 45 ألف متر، تضم 723 جناحا، بعدد ناشرين متواجدين بلغ 748 ناشرًا، بخلاف التوكيلات- لعرض كتب الغير- وعددها 525 توكيلا، منهم 169 ناشرًا يمثلون 35 دولة عربية وأجنبية.

وإذا كانت هناك 62 دار نشر مصرية تشارك في معرض الكتاب لأول مرة، ففي رأيي أن عدد دور النشر العربية والأجنبية (24 دار نشر) منخفض جدًا عن السنوات السابقة ولست أعلم السبب هل لتغيير مكان المعرض أم لأسباب أخرى!

على أي حال.. فإنني أعتقد أن نجاح المعرض في مقره الجديد سوف يجذب في عامه المقبل من تخلفوا عن المشاركة من دور النشر العربية والأجنبية، وكذلك من تكاسلوا عن زيارته هذا العام وضيعوا على أنفسهم فرصة تكوين «مكتبة منزلية» تضم مئات الكتب بقدر قليل من الجنيهات المصرية.

ونأتي لما يسمى الفعاليات الثقافية والفنية- التي تستحوذ عليها شلة محددة سنويا- سواء كانوا متحدثين أو معقبين أو مديرين للندوات واللقاءات.

وما كل هذا العدد من الفعاليات الثقافية (594)، وكذلك الفنية (144)، وحفلات التوقيع (600)، و300 شاعر و2500 كاتب وناقم!

لقد جاء الكم على حساب الكيف، فعدد كثير من هذه الفعاليات لم يتم، ولم يكن هناك وقت لكل هؤلاء الشعراء ولا الكُتّاب والناقدين! إنما يبدو أن بعض موظفي الهيئة يتعاملون مع المعرض وكأنه «فرح العمدة».. حيث يخرج الكل.. متعشى ومبسوط!

فيا أيها المسؤولين في الهيئة.. هناك آخرون مبدعون في مجالات مختلفة، فرجاء أعطوهم الفرصة بدلا من «شلة» المنتفعين المعتادة!

ومع ذلك.. وعلى الرغم من العادة المصرية السخيفة بأن «الأقربون أولى بالمعروف»، فلا يمكن تجاهل تلك اللمحة الجميلة من الوفاء المصري المعتاد للآباء المؤسسين لهذا العُرس الثقافي السنوي «معرض الكتاب»، وهما رائد الثقافة المصرية د. ثروت عكاشة.. الذي وضع البنية الأساسية للمؤسسات الثقافية الحالية، والمفكرة والأستاذة الكبيرة د. سهير القلماوي أول رئيس للهيئة المصرية للكتاب وأول رئيس للمعرض في عام 1969، ثم الفنان عبد السلام الشريف صاحب فكرة المعرض.. والذي ساهم بجهده المخلص في وضع أسس تنظيمه ونجاحه.

وأخيرًا.. الشكر والتقدير لرئيس الجمهورية الذي حرص على افتتاح المعرض والتجول في صالاته وأجنحته.. بما يعنيه ذلك من رسالة واضحة للجميع!

حفظ الله مصر.. وألهم أهلها الرشد والصواب.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز