عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الأخوة الإنسانية

الأخوة الإنسانية

بقلم : محسن عبدالستار

الأخوة في الله أحد طرق السعادة البشرية بوجه عام، لذلك لا يتصور لأي مجتمع كان أن يقوم أو يشتد عوده بدونها.. بها يصبح أفراده كأغصان الشجرة الواحدة لا تؤثر فيها عواصف الأعداء أو رياح الأهواء مهما كانت.



إن "الأخوة"، نعمة إلهية يقذفها الله عز وجل في قلوب المخلصين من عباده والأصفياء من أوليائه والأتقياء من خلقه.

 ولقد قال الله سبحانه وتعالى: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ".

لقد خلق الله البشر جميعًا متساوين في الحقوق والواجبات والكرامة، ودعاهم جميعًا للعيش كإخوة، متحابين ومتعاونين على الخير وتقديم الدعم لكل محتاج، لعمارة الأرض، ونشر قيم الخير والمحبة والسلام، فيما بينهم.

وفي مشهد يجسد معاني التسامح واحترام الآخر والتعايش وفي العاصمة الإماراتية أبوظبي، وقع شيخ الأزهر الشريف الإمام الأكبر أحمد الطيب وبابا الكنيسة الكاثوليكية، البابا فرنسيس، "وثيقة الأخوة الإنسانية".. التي تجمع البشر جميعًا، وتوحدهم وتسوي بينهم.

وكان الهدف من هذه الوثيقة أن تكون إعلانًا مشتركًا عن نوايا صالحة وصادقة من أجل دعوة كل من يحملون في قلوبهم إيمانًا بالله وإيمانًا بالأخوة الإنسانية، أن يتوحدوا ويعملوا معًا من أجل أن تصبح هذه الوثيقة دليلًا للأجيال القادمة، يأخذهم إلى ثقافة الاحترام المتبادل، في جو من إدراك النعمة الإلهية الكبرى التي جعلت من الخلق جميعًا إخوة".

وأجمل ما جاء في نص وثيقة الأخوة الإنسانية، أنها تتحدث باسم الأيتام والأرامل، والمهجرين والنازحين من ديارهم وأوطانهم، وكل ضحايا الحروب والاضطهاد والظلم، والمستضعفين والخائفين والأسرى والمعذبين في الأرض، دون إقصاء أو تمييز.. وباسم الشعوب التي فقدت الأمن والسلام والتعايش، وحل بها الدمار والخراب والتناحر.

وباسم "الأخوة" التي أرهقتها سياسات التعصب والتفرقة، التي تعبث بمصائر الشعوب ومقدراتهم، وأنظمة التربح الأعمى، والتوجهات الأيديولوجية البغيضة.. وباسم الحرية التي وهبها الله لكل البشر وفطرهم عليها وميزهم بها.

ولم تغفل الإرهاب البغيض الذي يهدد أمن الناس ويقضي على آمالهم، سواء في الشرق أو الغرب، وفي الشمال والجنوب، ويلاحقهم بالفزع والرعب وترقب الأسوأ لمصائرهم، فهو ليس نتاجًا للدين - حتى وإن رفع الإرهابيون لافتاته ولبسوا شاراته - بل هو نتيجة لتراكمات المفهوم الخاطئ لنصوص الأديان وسياسات الجوع والفقر والظلم والبطش والتعالي على الآخرين، فكان حتميًا وقف دعم الحركات الإرهابية بالمال أو بالسلاح أو التخطيط أو التبرير، أو بتوفير الغطاء الإعلامي لها، واعتبار ذلك من الجرائم الدولية التي تهدد الأمن والسلم العالميين، ويجب إدانة ذلك التطرف بكل أشكاله وصوره.

"الأخوة الإنسانية".. دعوة للمصالحة والتآخي بين جميع المؤمنين بالأديان، بل بين المؤمنين وغير المؤمنين، وكل الأشخاص ذوي الإرادة الصالحة فهذه الوثيقة تعتبر نداء لكل ضمير حي ينبذ العنف البغيض والتطرف الأعمى، ولكل محب لمبادئ التسامح والإخاء التي تدعو لها الأديان كلها، وتشجع عليها، فهي شهادة لعظمة الإيمان بالله الذي يوحد القلوب المتفرقة، ويسمو بالإنسان، فالوثيقة رمز للعناق بين الشرق والغرب، والشمال والجنوب، وبين كل من يؤمن بأن الله خلقنا لنتعارف ونتعاون ونتعايش كإخوة متحابين.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز