عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الإعلام الدبلوماسي والإعلام السياسي أعمدة الحياة اليومية

الإعلام الدبلوماسي والإعلام السياسي أعمدة الحياة اليومية

بقلم : سعدون بن حسين الحمداني

فن الدبلوماسية



 

تتفنن المطابخ الدبلوماسية خاصة الغربية بالاعتناء والاهتمام بالإعلام الدبلوماسي والسياسي لكونه العامل المؤثر على أغلب شرائح المجتمعات خاصة مجتمعات العالم الثالث التي لا تزال تعيش على أفكار وأيديولوجيات الطائفية والمذهبية والعشائرية والانتهازية والفوقية والوصولية والحزبية وبالإضافة إلى بعض الشرائح المجتمع في مختلف بقاع العالم التي تطفو وتعيش في مستنقعات الإعلام الدبلوماسي السياسي الذي يوظف الإعلام لغرض أهداف السياسية استراتيجية بعيدًا عن الحقائق الواقعية، وهذا ما تابعناه وبعد أحداث سبتمبر 2001 وإعلانه الحرب على ما يسميه "الإرهاب"، والحديث لم ينقطع حول توجهاته الفكرية والسياسية ووظف الإعلام الأمريكي والغربي لتحقيق هذه الأهداف، وقبل الخوض في هذين الاتجاهين المتعاكسين في غسل عقول المجتمعات علينا أن نغطي كل نوع حتى نعرف الفرق بينهما:

تعرف الدبلوماسية بأنها السياسة الخارجية للدولة وقسم آخر يعرفها بعلم المفاوضات والبروتوكول والإتيكيت والتعريف الشامل هو: بأنها مجموعة من المفاهيم والقواعد والإجراءات والأعراف الدولية التي تنظم العلاقات بين الدول والمنظمات الدولية بهدف خدمة المصالح العليا للدول والشعوب، أما الأعلام الدبلوماسي فهو توظيف هدف السلطة بأداة واحدة لهدف معين محدد بوقت مخصص وبأسلوب واضح المعالم وتوطين استراتيجيتها من خلال المفاوضات، التمثيل الرسمي، جمع المعلومات وتحليلها، العلاقات العامة، التميز في أدوات الإدارة الإعلامية.

الإعلام الدبلوماسي لا يتدخل بشؤون الدول ولا يتعامل مع أهداف بسيكولوجية المجتمعات بحيث غالبًا ما يعتمد على المعلومات التي تم جمعها بصورة دقيقة لكي يكون هو الواجهة المرجوة لذلك، سواء كتعاون أو استثمار اقتصادي/ ثقافي/ طبي. ويتأثر الإعلام الدبلوماسي بالمتغيرات الدولية والإقليمية والمحلية سواء الاقتصادية منها أو السياسية وبدأت نظريات جديدة بالإعلام الدبلوماسي وارتباطاتها تسمى (الدبلوماسية الترابطيةAssociative Diplomacy ) وهو تكوين المجموعات الإقليمية والدولية، خاصة بعد انهيار وتلاشي حركة عدم الانحياز، وانتهاء الحرب الباردة وتفكك الاتحاد السوفيتي إلى دول ويبدو هذا الاتجاه واضحا بالفترة الأخيرة مثل السوق الأوروبية المشتركة EEC التي توسعت إلى الاتحاد الأوروبي EU وفي النطاق العربي مجلس التعاون الخليجي GCC وقد خدم الأعلام الدبلوماسي هذه المكونات الترابطية بالتعريف بنشاطاتها أكثر من الإعلام الكلاسيكي أو الإعلام السياسي الذي سوف نتطرق له في أدناه.

الإعلام السياسي هو أهم دعامات الثورة التكنولوجية الحديثة والذي أحدث انقلابا شبه جذري في كل مجالات الحياة المعاصرة وسلوكيات أفراد المجتمع، وأحد أهداف الإعلام السياسي في العالم العربي هو إعلام موجه من قبل السلطة السياسية لخدمة بقائها بالسلطة وتلميع صورتها أمام الجميع (التثقيف والتسويق السياسي) بينما الإعلام السياسي الغربي موجه سياسيا لخدمة مصالحهم الاستراتيجية، والإعلام السياسي أحد أهم أهدافه بتوجيه العالم نحو هدف ما يروم به هرم السياسة ومثال ذلك كما حصل بالإعلام الأمريكي وعلى رأسه الرئيس بوش الابن عندما قاد الحملة الإعلامية السياسية ضد العراق بأنه يمتلك أسلحة دمار شامل واستخدم الإعلام السياسي التجاري ليوجه العالم ضد العراق ولم يكن للعراق أي من هذه الاتهامات.

الإعلام السياسي هو الخطاب المعسول السياسي الذي يوصف بأنه القوة الأكثر تأثيرًا في مسار حياة الشعوب واتجاهاتها ويعمل بنفس قوة السلاح. الإعلام السياسي أداة بحد ذاته إذ أحسن استخدامها استطاعت أن تؤثر كما تؤثر الأسلحة الفتاكة الأخرى وربما أكثر، ومثال ذلك ما حصل بما يسمى "الربيع العربي"، حيث تغيرت أنظمة وحكومات عريقة ورصينة من ناحية أجهزتها الأمنية والعسكرية لكنها انهارت بفعل الإعلام مما كان لونه والجهة الداعمة له. فالإعلام السياسي هو أداة للسياسة وهو القادر على التأثير على عقول الناس واتجاهاتها كما قال (ماك كويل) عالم الاجتماع: بأن تأثير وسائل الإعلام على العقل البشري أخطر من السلاح الناري لكون الأول يتعامل مع عقول وسلوك الناس عكس السلاح الناري وبالتالي يلعب التضليل الإعلامي دوره بفعالية أكبر في غسل عقول قليلي التجربة والمعرفة من الناس.

الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون يقول بأن تأثير الإعلام السياسي بكل أنواعه (الصحافة، الدوريات، الإذاعة، التليفزيون، الفضائيات، الإنترنت) يقوم على تحريك الشعوب حسب الهدف المخطط له واختراقهم في قضاياهم الوطنية أو القومية أو حتى الاستراتيجية، وهذا الاختراق يؤدي إلى تغييرات أساسية في البيئة الثقافية والدينية والاقتصادية، وهذا ما حصل في يوغسلافيا عندما انهارت وتقسمت على دويلات والتي لعب فيها الإعلام السياسي دورًا مهما بقوة الحرب التي دارت رحاها هناك وربما أقوى.

وفي الختام الإعلام الدبلوماسي إعلام محدود الأهداف آني الوقت ذات تأثير معين بوقت بمكان محدد وبأدوات معلومة ومخطط لها من قبل هرم الدولة مثل الاتفاقيات التجارية أو العسكرية أو الطبية ويكون الكادر الدبلوماسية طرفا فيها.

بينما الإعلام السياسي هو إعلام مسير لسياسات مؤثرة كبيرة تسعى إلى استراتيجيات جديدة ويتخذون منه منبرًا لإيصال أصواتهم للشعب وغالبًا ما يكون وسيلة اتصال بين الحكومة والجماهير، ويظل الإعلام السياسي مرهونا بالأجندة السياسية لهرم الدولة ونظامها لغرض التلميع والتثقيف السياسي.

 

*دبلوماسي سابق

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز