عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
عُدْنَا.. إلى إفريقيا
بقلم
محمد نجم

عُدْنَا.. إلى إفريقيا

بقلم : محمد نجم

إذا كان الأشقاء الأفارقة قد «تحفظوا» من قبل على عضوية مصر في اتحادهم، فقد عادت إليهم مصر مرة أخرى رئيسًا وقائدًا لهذا الاتحاد.



وهو ما يعني أن «سحابة الصيف» التي شابت العلاقات التاريخية المتجذرة بين مصر وأشقائها الأفارقة، قد «انقشعت»، وأنهم تأكدوا أن مصر تسير على الطريق الصحيح، بعد أن صححت أوضاعها الداخلية وأعادت بناء مؤسساتها على أسس سليمة راسخة.

وإذا كان الأشقاء الأفارقة قد انتخبوا مصر لرئاسة اتحادهم، فإنهم ينتظرون أن يتحقق على يديها الكثير مما صعب تحقيقه في السنوات الماضية بسبب النزاعات الحدودية والحروب الأهلية، ومشاكل التصحر والجفاف وضعف الاستثمارات.. إلخ.

وأعتقد أن مصر لن تكتفي بتلك العودة القوية، لكنها ستحاول وبكل جدية، العمل على استمرار هذا التقدير الإفريقي لها، طبقا للمقولة الشهيرة.. ليست المشكلة في الوصول إلى القمة، وإنما في استمرار الحفاظ على ما وصلت إليه!

أقول ذلك.. لأنني أخشى أن «نتراخى» بعد تحقيق الهدف، وهي عادة بشرية ملحوظة، ولكنها- وللأسف- أحيانًا ما تكون «طبيعة» مصرية متوارثة!

وأعتقد أن هذا الظرف مختلف وأن الأمور في طريقها للإصلاح، على أساس أن الجدية في إعادة البناء الداخلي سوف تمتد إلى الخارج، وطبيعة وأسلوب عمل القيادة السياسية المصرية حاليا يؤكد ما أعتقده وما أتمناه.

ونحن جزء أصيل من إفريقيا، وعلاقتنا بدولها وشعوبها ممتدة منذ اكتشف ربوعها أجدادنا الفراعنة، وسار على ذات الدرب أيضا محمد على وأبناؤه وأحفاده، ثم جاء الدعم المعنوي والمادي في خمسينيات وستينيات القرن الماضي وازدادت العلاقات عمقًا في فترة تولي عاشق إفريقيا المرحوم د. بطرس غالى قيادة الدبلوماسية المصرية في فترة التسعينيات وأثناء توليه الأمانة العامة للأمم المتحدة.

والمعنى.. أننا لم نبتعد عن دول القارة إلا سنوات قليلة في أواخر حُكم الرئيس مبارك ولأسباب أمنية وداخلية! ومع ذلك ظلت «مدرسة» الري المصرية تباشر عملها في أغلب دول القارة سواء بشق ترع ومصارف مياه الأمطار، أو حفر آبار جوفية.

كما واصلت شركة المقاولون العرب مساعدة الأشقاء الأفارقة في إقامة السدود لحجز مياه الأمطار، أو بناء طرق جديدة، أو تشييد مبان حكومية في أكثر من 22 دولة إفريقية.

كذلك استمرت شركة النصر للاستيراد والتصدير تمارس عملها في تيسير وتشجيع التجارة البينية بين مصر ودول القارة.

وكذلك كانت وزارة الزراعة المصرية التي أقامت العديد من «الحقول الإرشادية» في بعض دول القارة قبل أن يزاحمها الإسرائيليون في ذلك.. ومن بعدهم الصينيون!

وأيضا ظل الأزهر الشريف محتضنًا للدارسين الأفارقة في كلياته المختلفة وأنشأ من أجلهم مدينة البعوث الإسلامية، وكذلك فعلت وزارة الخارجية المصرية من خلال «صندوق الدعم الفني».

نعم.. كنا ومازلنا موجودين في إفريقيا.. وبأشكال مختلفة، ولكن الآن.. مصر رئيسًا للاتحاد الإفريقي، ومن تابع ما جرى في الاجتماعات وما قيل من تصريحات على لسان بعض المسؤولين والقادة الأفارقة، لا بد أنه لاحظ مدى ما يعوله الأشقاء الأفارقة على قيادة مصر لاتحادهم في تلك الفترة، فهناك النازحون من بلادهم بسبب الحروب الأهلية.. وهؤلاء لا بد من عودتهم إلى ديارهم بعد أن هدأت حدة تلك الحروب.. واستقرت الأوضاع في أغلب دول القارة.. وهي قضية «إنسانية» لا تتحمل التأجيل.

وهناك أيضا ضعف التجارة البينية بين دول القارة خاصة بين دول الغرب ودول الشرق وما بينها دول الوسط الإفريقي، بسبب غياب الطرق الدولية الرابطة بين عواصم تلك الدول، وعدم وجود رحلات طيران منتظمة بين الدول المختلفة.

ثم هناك المساعدات والمعونات الدولية التي تمنح بالقطــارة لبعض دول القــارة ولأسباب سياســية أو لعمل تحالفات دولية مؤقتة!

وكذلك الاستثمارات الأجنبية المباشرة في دول القارة والتي تمثل نسبة ضئيلة مقارنة مع مناطق أخرى من العالم.

ثم تلك الزيادة السكانية المضطردة في القارة الإفريقية ويتوقع أن يصل سكانها إلى 20% من سكان العالم عام 2030.

ومع ذلك.. ومن حُسن الحظ أن إفريقيا لديها الكثير مما يفي بحاجات شعوبها لو أحسن استغلاله؛ حيث تمتلك 30% من احتياطي العالم من المعادن، و10% من احتياطي النفط، و8% من احتياطي الغاز الطبيعي.

والأهم من ذلك أن لديها أراضي شاسعة صالحة للزراعة، ولا تنقصها المياه ولا تعوزها الأيدي العاملة.

ولديها أيضا صناعات وليدة في مجالات التعدين وتكنولوجيا المعلومات، وبعض المواد الغذائية.

والأكثر أهمية أن دول عديدة منها تنمو اقتصادياتها بمعدلات متواترة سنويا.

إذن المطلوب فقط أن يكون التعاون المصري- الإفريقي أكثر عمقًا وتوسعًا، وأن تعود مصر إلى إفريقيا بكل تاريخها وقوتها بعد أن منحتها القارة ثقتها.

وأعتقد.. أن مصر سوف تكون عند حُسن ظن الأشقاء الأفارقة.. بإذن الله.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز