عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
مصر من الوصل الجغرافي إلى السياسي إقليميًا وقاريًا وعالميًا

مصر من الوصل الجغرافي إلى السياسي إقليميًا وقاريًا وعالميًا

بقلم : أيمن عبد المجيد

يكتب من شرم الشيخ



 

 

عندما يُعانق التاريخ والجغرافيا الحاضر

جرب أن تضع خريطة العالم، بين أضلاع مستطيل، ثم ارسم قطرين له، ولاحظ أين نقطة تقاطعهما، ستفاجئك النتيجة، إنها مصر، قلب العالم، عبقرية المكان، حلقة الوصل ونقطة تلاقي قاراته.

حاول أن تتلصص على التاريخ، اجتهد لأن تعرف بعض الشيء عن حضاراته، وتحولاته، وأين بزغ في حقبه فجر البشرية، ونشأت العلوم، ستجد مصر ضاربة بجذورها في عمق الحضارات وتاريخ الإنسانية.

انتقل من الجغرافيا، والتاريخ، للحاضر، للواقع، دقق في تفاصيل المشهد، جمع أجزاء الصورة المبعثرة، اعد تركيب الأجزاء لتعرف الحقيقة، انتزعها من مخالب من يقطعها من سياقها لتشويه ذهنيتك.

في شرم الشيخ، مدينة السلام، تلك البقعة الرابطة، بين القارة الإفريقية والآسيوية، وعبر قناة السويس بالقارة الأوروبية، وما تحويه قارات العالم من دوائر إقليمية وعالمية، كالدائرة العربية المتداخلة في إفريقيا وآسيا، والإسلامية المتداخلة في العالم، يجتمع القادة العرب والأوربيون في القمة التاريخية الأولى على مستوى القادة.

ماذا يعني هذا؟! يعني أن نقطة تلاقي الجغرافيا، هي اليوم نقطة تلاقٍ لساسة العالم.. يعني أن مصر حلقة الوصل الجغرافي بين قارات العالم وشريان الاتصال والتنقل. باتت فعليًا اليوم، نقطة تلاقي ساسة العالم، وبحث التحديات العالمية المشتركة وسُبل مواجهتها.

يعني أن مصر عبقرية المكان، تستعيد عن استحقاق المكانة الإقليمية والقارية والعالمية، بما لتلك القوة الدبلوماسية من آثار وانعكاسات إيجابية كبيرة، على الأمن القومي والنهضة الاقتصادية والنهوض بالأشقاء، واستعادة الدول الوطنية العربية التي شهدت نزاعات هددت استقرار كيانها.

للإيضاح، جمع مع أجزاء الصورة المبعثرة، انظر للجزء العربي، البعد الإقليمي، ستجد مصر استعادت مكانتها العربية القوية، صلابة العلاقات مع البلدان العربية باستثناء نظام الحمدين، الرافض الانسلاخ من دوره التخريبي.

سنجد القمة العربية، حاضرة برئيسها الحالي، الملك سلمان خادم الحرمين الشريفين، وأعضائها ملوك ورؤساء الدول العربية، ستلاحظ قوة الرباعية العربية مصر والسعودية والإمارات والبحرين، ستكتشف وقوف مصر القوي في مختلف المحافل الدولية، دفاعًا عن الحق في دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية، وضرورة تكاتف العالم لاستعادة الدولة الوطنية في ليبيا وسوريا، واليمن، وإعادة إعمار العراق.

قاريًا: ستجد في ذلك الجزء من الصورة، مصر عادت بقوة لقارتنا الإفريقية، رئيسًا للاتحاد الإفريقي ٢٠١٩، تدعم جهود التنمية في القارة، تجتهد لإسكات البنادق، في بؤر الصراع، تقدم روشتة علاج حقيقية، تنطلق من مواجهة التحديات الأمنية، والاجتماعية، بالتنمية الاقتصادية والتكنولوجية والمعرفية، تطرق باب المنطق في كل محفل عالمي، للتنبيه لدور أوروبا في دعم تنمية إفريقيا، كعلاج جذري لمشكلات تمتد آثارها لأوروبا منها الهجرة غير الشرعية.

عالميًا.. امسك بهذا الجزء، ولاحظ توازن العلاقات بين الأقطاب الدولية، الأمريكية والروسية، الانفتاح على آسيا، الصين والهند، صلابة العلاقات مع قبرص والعودة للجذور، الانفتاح على قطاعات أكبر من بلدان العالم، رومانيا وكازاخستان نموذجًا، مصر المنفتحة على الجميع، الخير للجميع.

اليوم على أرض شرم الشيخ، مدينة السلام، نقطة تلاقي مصر بالعالم، يجتمع العرب والأوروبيون والأفارقة، القمة العربية- الأوروبية، برئاسة مصرية، مصر العربية، الإفريقية، رئيسة الاتحاد الإفريقي.

"الاستثمار في الاستقرار"، إنه عبقرية الشعار، الذي يلخص الخبرة المصرية، وأهدافها وغاياتها السامية من جهودها الإقليمية والقارية والعالمية.

 

ماذا تعني مصر منظمة ومستضيفة القمة من هذا الشعار؟

مصر تقول للعالم، تعالوا نبحث معًا، كيف نعزز دعائم الاستقرار في الدول المستقرة، ونعمل على إعادة الاستقرار للدول التي يهددها الفقر والتحديات الاقتصادية والنزاعات.

لماذا؟، لأن التحديات والأزمات، باتت عالمية الأثر والتأثير، ما يحدث من نزاعات وتوترات في الشرق، يكتوي بنيرانها الغرب.

الهجرة غير الشرعية، التي أرقت اقتصادات الغرب، وخلّقت صراعات سياسية بين وجهات النظر المتباينة في قواه السياسية والاجتماعية، ناتجة عن أزمات في بلدان إفريقيا والوطن العربي، دفعت آلاف المواطنين لإلقاء أنفسهم بين أنياب أمواج المحيطات، أملًا في شاطئ نجاة.

مصر تمد يدها للعالم، للعمل معًا على الاستثمار في الاستقرار، لتكاتف الجهود للعمل على ترسيخ الاستقرار، ولن يكون ذلك إلا بالعمل المخلص على إيجاد حلول واقعية لخمسة تحديات عالمية، وهي:

 

الأول: التحديات السياسية

في أرض السلام، يبحث القادة العرب والأوربيون رفيعو المستوى، بلوغ مقاربات لبلوغ حلول سياسية، للقضية الليبية واليمنية، والدفع بعجلة الحل العادل للقضية الفلسطينية، بحث ترسيخ مبدأ الحلول السلمية، لما هو قائم أو يلوح في الأفق من أزمات.

 

الثاني: التحديات الاقتصادية

 وهي التحديات الأهم، فالتنمية هي أساس، توفير حياة أفضل كريمة، للشعوب، بما ينزع فتيل الأزمات، ويعيد إعمار الدول التي أصابتها الهزات، ويحول دون حدوث انتكاسات.

وعلى هامش القمة يبحث القادة، سُبل التعاون البناء، لشراكات اقتصادية أقوى، في مجالات النهوض بالبنية التحتية، والتجارة، والاستثمارات المشتركة، وإعادة الإعمار للدول التي شهدت نزاعات.

مصر قطعت مسافات كبيرة، في فترة زمنية قصيرة، على طريق، النهوض بالبنية التحتية، والإصلاحات الاقتصادية، وتهيئة مناخ جاذب للاستثمار، يسمح بخلق شراكات كبيرة أوروبية وعربية، وعالمية، خاصة في محوري قناة السويس، لسهولة نقل المنتجات للعالم بكلفة أقل عبر قناة السويس.

 

الثالث: التحديات الاجتماعية

وهي التحديات المرتبطة بشكل مباشر، بسابقتها، فالتنمية والاستقرار السياسي، ووجود دولة قوية، يسمح للمجتمع بحياة أفضل، يقضي على الهجرة غير الشرعية، والنزوح والتوترات.

 

الرابع: التحديات البيئية

فالتغيرات المناخية، خلقت أزمات اقتصادية، جفاف المراعي، يخلق صراعات، نقص المياه يولد حروب المياه، آثار اقتصادية خطيرة، يواجهها العالم، يحتاج لعمل مشترك لتلافي آثارها، إفريقيا والدول النامية الأكثر تضررًا منها، والغرب الأكثر استفادة من التكنولوجيا المسببة لها، ومن ثم تنادي مصر بأن تتحمل الدول الصناعية الكبرى مسؤوليتها بدعم إفريقيا والدول النامية، لتتمكن من تخفيف آثار التغيرات المناخية.

 

الخامس: التحديات الأمنية

الإرهاب والهجرة غير الشرعية، أخطر التحديات الأمنية التي تواجه العالم، وسببها الرئيس وجود ممولين، وداعمين، للإرهاب، بخلاف ضعف بعض الدول التي تحولت أراضيها لمعسكرات تدريب، وتنامي فكر التطرّف المستقطب، ومصر طالما وما زالت تؤكد ضرورة المواجهة الجذرية الشاملة والعالمية للإرهاب.

أحد أهم، آليات المواجهة تكمن في قطع شرايين التمويل للإرهاب، ومحاصرة داعميه لردعهم، ومحاربة الفكر المتطرف، واستعادة قوة الدول الوطنية، ودعم جهود التنمية الاقتصادية والتكنولوجية والتعليمية والاجتماعية، للقضاء على الفقر والجهل والمرض.

على أرض مصر اليوم حدث تاريخي، الاستثمار في الاستقرار، فلا استثمار بدون استقرار، عسى الله أن يوفق قادة العالم، لبناء دعائم الاستقرار وتنميتها، الاستثمار فيها وبها.

تحيا مصر، قلب العالم ونقطة التقاء قاراته وسياساته وساسته.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز