عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
مصر.. الجسد الواحد

مصر.. الجسد الواحد

بقلم : محسن عبدالستار

يظهر معدن المصريين، عندما يتعرض الوطن لأزمة، فتجدهم متماسكين ومتعاونين لتجاوز تلك الأزمة التي ألمت بهم، وضح ذلك في الأمس القريب عندما تعرضت مصرنا الحبيبة لحادث قطار "محطة مصر"، برمسيس، فظهر معدن المصري الأصيل، الذي يكون في الأزمات والشدائد، ورأينا بعض النماذج الذين كادوا يضحون بأنفسهم من أجل إنقاذ أرواح ضحايا الحادث الأليم، الذي هز أركان مصر بأكملها لبشاعته، ومرت علينا جميعًا ليلة حزينة، خفف من وطأتها التلاحم والتعاون بين تلك النماذج المشرفة التي ظهرت في كادر من المشهد الأليم، وهم يسعون في ذلك الوقت العصيب لمساعدة إخوانهم من الضحايا، كل حسب ما يستطيع.



ولقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".

فالمقصود بالمودة هنا هي خالص المحبة، وإصغاء القلب وميله إلى الناس والشخص المحبوب، فالمحبة كما هو معلوم على درجات، ومن هذه الدرجات المودة.

أما الرحمة، فتكون بالقلب وتظهر آثارها، بمعنى أن الرحمة تعني لونًا من الشفقة على الشخص والتوجع له لما يصيبه، ومحبة الخير له، والتأذي بما يحصل له من الضرر، وما إلى ذلك مما يمكن أن يقرب معناها بالنسبة إلينا.

أما التعاطف، فإنه يدل على الشفقة على الشخص لما يحدث له، وبعض أهل العلم يفرق بين هذه الأمور الثلاثة فيقولون: إن التواد هو ما يحصل به التقرب إلى الشخص بهدية ونحوها، وأما الرحمة فهي معروفة، يفسرونها بمعناها المعروف، وأما العطف فهو بمعنى العون والتضافر من الانعطاف.

وهو ما فعله المصريون الشرفاء مع ضحايا القطار، لم تنزع الرحمة من قلوبهم، ولم يتخلوا عمن احتاج إليهم، وسارعوا بتقديم العون لهم في أثناء الحادث، وبعده عن طريق التبرع بالدم.. فهرول الكثير من الشباب إلى المستشفيات لتقديم خدماتهم، لمن يحتاج إليهم.. وهذا ما يتميز به المصريون في الشدائد.

إن العطف لا يأتي من أصحاب القلوب القاسية، وكذلك الرحمة والمودة، فإذا كان الإنسان قاسي القلب، نزعت الرحمة من قلبه، وليس منا من يفرح ويشمت في مصاب الوطن، الإعلام الإرهابى نموذجًا، كما حدث من القليلين، فوجدنا من لا يبالي بمشاعر الآخرين، ويتخذ صورة سليفي في مكان الحادث.

وفي الجانب الآخر من المشهد وجدنا نموذجًا مشرفًا لهذا الوطن الغالي، وهو محمد عبد الرحمن، بطل محطة مصر، أحد الشجعان الذين قاموا بإنقاذ العديد من المصابين في حادث قطار محطة مصر.. كان همه الأول هو إنقاذ الضحايا فقط، ولا ينتظر جزاء من أحد على ما قام به، هذه هي طبيعة المصريين.

إن من كان همه الأكبر وهدفه الأعظم أن يستريح فهذا لا شك مخطئ، مع أننا نقول: إنه لن يحصّل الراحة، لأن طريق السعادة والراحة إنما يكون بالإحسان مع الخالق، وبالإحسان إلى المخلوقين أيضًا، وكلما ازداد الإنسان إحسانًا إلى الناس واجتهد في مساعدتهم، وكان في عونهم ولو بالكلمة الطيبة، أو بحل مشكلة من مشكلاتهم، أو بالوقوف معهم في محنتهم فسيجد الراحة والسعادة في قلبه، نحن الذين نجلب الشقاء والهم والغم لأنفسنا حينما نضيق بالآخرين، فلا يظن أحد بحال من الأحوال أنه يمكن أن يحصّل الراحة بالأنانية.

حفظ الله مصر وأهلها من كل سوء.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز