عاجل
الثلاثاء 19 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
كيف تعاملت مصر بحكمة مع قضية معبر رفح البري

كيف تعاملت مصر بحكمة مع قضية معبر رفح البري

بقلم : رهام عودة

مع استمرار اشتعال الأزمة السياسية بين حركتي فتح وحماس بقطاع غزة منذ شهر يناير 2019 حتى الفترة الحالية، وذلك إثر منع حركة حماس أعضاء حركة فتح بغزة بالاحتفال بذكرى انطلاقة حركة فتح الرابعة والخمسين، بالإضافة لاعتقال حماس للعشرات من الناشطين بحركة فتح بسبب احتجاجهم ضد منع حركة حماس لهم بالاحتفال بالذكرى السنوية لفتح، كل ذلك أدى إلى سحب السلطة الفلسطينية لموظفيها العاملين في معبر رفح البري، وذلك تعبيرًا عن استيائها من تصرفات حماس ضد حركة فتح بغزة.



هذا الانسحاب لموظفي السلطة من المعبر البري رفح، انعكس سلبيًا على حرية الحركة والمرور في المعبر، حيث تم إغلاق المعبر لمدة أسبوعين، لحين تهدئة الأوضاع ومنح المجال للمسؤولين المصريين لمحاولة إقناع السلطة الفلسطينية بإعادة موظفيها للعمل في معبر رفح البري، لكن تلك المحاولات المصرية باءت بالفشل، نظرًا لتمسك السلطة الفلسطينية بموقفها الاحتجاجي، حيث لم تسمح السلطة لموظفيها للعمل مرة أخرى في معبر رفح البري.

جدير بالذكر، أن معبر رفح البري هو معبر حدودي يقع عند مدينة رفح بين قطاع غزة في فلسطين وشبه جزيرة سيناء في مصر، حيث تم تشييد المعبر بعد الاتفاق المصري الإسرائيلي للسلام سنة 1979 والانسحاب الإسرائيلي من سيناء سنة 1982.

والمعبر يشكل أهمية كبيرة لسكان قطاع غزة، كون المطار الوحيد الذي كان موجودًا بالقطاع تم تدميره من قبل الطيران الحربي الإسرائيلي ما بين عامي 2001 و2006.

 لذا يشكل معبر رفح البري، أهمية كبيرة لسكان القطاع من أجل السفر لعدة أغراض مثل: العلاج بالخارج في ظل نقص المعدات والمستلزمات الطبية بالقطاع، ومن أجل الدراسة بالخارج، ومن أجل الالتقاء بالأقارب المغتربين، ومن أجل أداء شعائر العمرة والحج أو من أجل دواعي السفر المتعددة الأخرى.

لذلك السؤال الذي يطرح نفسه هنا، ألا وهو كيف تعاملت مصر مع انسحاب موظفي السلطة الفلسطينية من المعبر، ومع توقف عمل المعبر لمدة أسبوعين؟

يمكننا الإجابة عن هذا السؤال، بأن مصر تعاملت بحكمه كبيرة مع قضية المعبر، حيث نأت مصر بنفسها عن الخلافات الداخلية بين الفلسطينيين حول كيفية إدارة المعبر ين السلطة الفلسطينية وحماس، وتعاملت مع قضية المعبر من منطلق إنساني بحت، كون المعبر هو معبر إنساني بالدرجة الأولى، وهو معبر المواطن الفلسطيني المدني وليس معبرا سياسيا أو ساحة للخلافات الداخلية.

لقد أنقذت مصر باستمرارها فتح معبر رفح البري، وعلى الرغم من الخلافات الفلسطينية الداخلية، مئات الجرحى والمصابين والمرضي الذين لم يجدوا علاجا لأمراضهم المستعصية وإصاباتهم الخطيرة داخل قطاع غزة، وتمكنوا عن طريق المعبر من تلقى العلاج في بعض المستشفيات المصرية والعربية.

ولقد منحت مصر بفتحها معبر رفح آمال كبيرة للطلبة الفلسطينيين النابغين الحاصلين على منح دراسية بالخارج، والذين حصلوا على مقاعد دراسية بالجامعات المصرية، من أجل تطوير وتنمية قدرات جيل جديد من الشباب المتعلمين والمثقفين الفلسطينيين، ضمن أعرق الجامعات المصرية والعربية والدولية.

لقد وصلت مصر أيضًا عبر استمرار فتحها للمعبر، الأرحام بين الإخوة والآباء والأمهات والأبناء المغتربين، من خلال سماح مصر لتلك الفئات بالمرور عبر المعبر للالتقاء بذويهم بعد سنوات كبيرة من الغربة والفراق.

إن مصر تعاملت بالفعل بحكمه ومسؤولية مع قضية المعبر، حيث اعتبرت المعبر البري بأنه مجرد معبر إنساني بغض النظر عن الخلافات السياسية الفلسطينية ومشاكل الانقسام الفلسطيني.

 لذا نتمنى أيضًا، أن تستمر مصر بفتحها المعبر ليس فقط للحالات الإنسانية، بل أن يتوسع الأمر ويشمل السفر لأغراض الأعمال التجارية والسياحة في ظل الحصار الإسرائيلي، وغياب أي أفق سياسي أو إنساني لسكان قطاع غزة نحو الحرية والاستقلال، مع الأخذ طبعًا بعين الاعتبار مصلحة الأمن القومي المصري، وحمايته من أية جهات متطرفة قد تستغل المعبر لأغراض غير إنسانية. 

 

* كاتبة فلسطينية ومحللة سياسية مستقلة

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز