عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
إلى أمي التي أهدتني الحياة

إلى أمي التي أهدتني الحياة

بقلم : عبد الحليم حفينة

عامٌ يمر، ويأتي آخر، تمضي بنا الحياة، ونذوب في دوامة السعي بماديته وقسوته، ولكن تبقى في نفوسنا مساحة من سكينة، تتسع وتضيق بنظرة حانية من أم، دعوةٌ من القلب تغسل الروح من هموم الدنيا، وتهدينا بها الشعور الأبدي بالرضا والطمأنينة.



 الجميع يدين لأمه بأفضال يعجز أن يحصيها، ولأن لكل منّا تجربته الخاصة في الحياة، فلكل منّا أيضًا تجربته الخاصة جدًا مع أمه، وهنا وفي مساحة تضيق لسرد ما يمكن أن أعتبره عرفانًا بأفضال لا تفيها الكلمات بكل تأكيد، أعترف بشيء مما يدور في نفسي عن أمي الحبيبة.

الإيمان، الكلمة الأكثر دلالة وتعبيرًا عن علاقتي بأمي، فمنذ عهد طفولتي الأول، وبينما كنت أنشط مع أقراني في تظاهرات طلاب المدارس للتضامن مع الانتفاضة الفلسطينية الثانية، كنت أكتب مقالات حماسية وأقوم بتوزيعها على زملائي للتنديد بالإجرام الصهيوني حينها، كنت ُأشرك أمي في كل ما أكتب، لم تقابلني بعاصفة غضب، كانت تبتسم، تشجعني، وأحيانًا تمنحني بعض النقود خلسة فوق مصروفي، لأتمكن من طباعة عدد أكثر من مقالاتي التي أوزعها على زملائي بالمدرسة.

أرى في عينيها دائمًا الإيمان بكل خطوة في حياتي، وإن التبس عليها أمري، تدعو الله أن ييسر أحوالي، كانت تشاركني كل تفاصيلي الصغيرة، خارج إطار المسؤوليات اليومية الاعتيادية، تقرأ لي، تساعدني في مسابقات تلخيص الكتب، تسمع مني قصص الحب الطفولية.. كل شيء أحببته كانت دائمًا حاضرة في القلب منه، ربما اعتبرت لبعض الوقت أن هذا العطاء حقًا مكتسبًا، وتخيلت أنه هكذا تجري الأمور في كل مكان، لكن عندما استقبلتني الحياة بقسوتها، أدركت أن أمي استثناء وسط هذا العالم الصاخب.

لم أتخيل يومًا أن تأخذني الحياة بعيدًا عنها، وإن كنت في الحقيقة لم أبتعد إلا جسدًا، بينما روحي وعقلي في حماها دائمًا، يأتي صوتها الحاني كل صباح ليمنحني القوة لأن أقاتل لأجل كل ما أؤمن به.

وإليكِ يا أمي، أقول، أنتِ الحبيبة وإن جال في القلب خلق الله، أنتِ الصديقة، وإن أخلص لي كل البشر، ومنكِ ولكِ المحبة أتشربها وأهديها.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز