عاجل
الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
كلام في الاقتصاد
بقلم
محمد نجم

كلام في الاقتصاد

بقلم : محمد نجم

البعض يتساءل: أين تذهب عوائد الاكتشافات المتتالية مــن الغــاز الطبيعي والبتــرول، ولمـــاذا لا ينعكس عائدها على الاقتصاد الوطني.



ويتساءلون أيضا: لماذا لا تستخدم الحكومة جزءا من احتياطي النقد الأجنبي لسداد جزء من الدين الخارجي الذي وصل حجمه مؤخرًا إلى 92 مليار دولار؟

وبالطبع من حق الناس أن تسأل، وواجب على المسؤولين والمتخصصين أن يجيبوهم ويردوا على استفساراتهم، حتى لا يكون هناك مجال للشائعات المغرضة، ولا الإفتاء بغير علم!

وإلى أن يحدث ذلك، سوف نحاول الاجتهاد في الإجابة عن السؤالين السابقين، مع الاستعانة ببعض الأصدقاء المعنيين بالأمر.

ونبدأ بالتساؤل الأول: لماذا «لا تُسمع» الاكتشافات الجديدة في الاقتصاد الوطني؟ ونقول إنه يجب العلم أن تلك الاكتشافات تتم وفقا لاتفاقيات دولية بين مصر والشركات المتخصصة في هذا المجال، حيث يتم تحديد واجبات والتزامات وحقوق كل طرف، بداية من المكان والمساحة وحتى نسب اقتسام العائد من البيع سواء للسوق المحلي أو التصدير، وذلك بعد أن تسترد الشركة المكتشفة ما يسمى تكاليف (الدراسات والإنشاءات والمعدات).

وأنا لست خبيرًا في البترول ولا متابعًا لما يجرى في هذا القطاع، وما أقوله عبارة عن قواعد عامة بين أطراف التعاقد في كافة الأنشطة الاقتصادية.

لكن ما أعلمه أننا دولة مستوردة للمنتجات البترولية وما ننتجه في الداخل أو ما نحصل عليه من الحقول المكتشفة لا يكفي الاستهلاك المحلي، ويتم تغطية العجز خاصة في مجال «المنتجات البترولية من بنزين وسولار ومازوت.. إلخ» بالاستيراد من الخارج وبأسعار السوق العالمية، وهنا تضطر الحكومة لدعم هذه المنتجات في السوق المحلي حتى تتناسب مع قدرات المواطنين، ودعم قطاع البترول بلغ في الموازنة العامة الحالية 90 مليار جنيه.

وأعتقد أن الجميع يعلم أن هناك خلافًا بين الحكومة المصرية وصندوق النقد الدولي الذي يضغط لخفض هذا الدعم، بينما ترى الحكومة ضرورة التأني.. وأن يجرى الخفض على مراحل زمنية وبشكل متدرج.

والمعنى.. أن قطاع البترول- في الوقت الحالي- لا يمول الموازنة العامة للدولة بمليم، وإنما يحصل منها على دعم سنوي، وقد يتغير الوضع إلى الأفضل مع التوسع في الاكتشافات، وزيادة المستخرج من البترول أو الغاز.. وهو ما نتوقعه.. إن شاء الله، أما موضوع سداد الدين الخارجي من احتياطي النقد الأجنبي بالبنك المركزي.. فقد استعنت فيه بصديق، وهو د. محمود أبو العيون محافظ البنك المركزي الأسبق والذي أوضح أن هذا الاحتياطي يتكون من: الذهب الموجود لدى البنك المركزي، ورصيد مصر لدى صندوق النقد الدولي، وودائع دول عربية أو أجنبية لدى المركزي لمدد طويلة نسبيًا، وأي مبالغ أخرى بالنقد الأجنبي تأتي من الخارج سواء في صورة معونات أو قروض.

وهذا الاحتياطي الذي بلغ مؤخرًا أكثر من 45 مليار دولار، جزء كبير منه يخص الحكومة (الخزينة العامة) مثل القروض والمعونات ورسوم المرور بقناة السويس، ودور البنك المركزي هو الاحتفاظ بالحصيلة (من النقد الأجنبي) وإصدار ما يقابلها بالجنيهات المصرية لوزارة المالية (الخزينة العامة).

ويخصص هذا الاحتياطي لبندين أساسيين، أولهما: تمويل واردات البلاد من السلع الضرورية مثل القمح والمواد التموينية.. التي يجب أن يغطي المخزون منها داخل البلاد ثلاثة أشهر على الأقل.. وحتى لا نكون في وضع حرج أو تحت رحمة المنتجين الدوليين لتلك السلع!

أما البند الثاني، فهو سداد أقساط وفوائد الدين الخارجي عند مواعيد استحقاقها، والجدير بالذكر هنا أن مصر تعد من أولى البلاد الملتزمة في سداد ديونها الخارجية في المواعيد المحددة، ومنذ بدأت الاقتراض من الخارج.

انتهى توضيح د. محمود أبو العيون، الذي حدد الأغراض التي يستخدم فيها احتياطي البلاد من النقد الأجنبي ومن خلال البنك المركزي.

والمعنى أنه يجب «الحفاظ» على هذا الاحتياطي والعمل على زيادته لمواجهة الاحتياجات الطارئة للبلاد، فضلا على الاستمرار في الالتزام بسداد أقساط وفوائد الدين الخارجي في مواعيدها المحددة.

وكيف إذن نسدد هذا الدين الخارجي أو نستهلك جزءًا كبيرًا منه حتى لا يكون عبئا على الأجيال القادمة!

أولا هذا الدين الخارجي- رغم تضخم حجمه مؤخرًا- لا يمثل مشكلة للاقتصاد المصري، لأنه لا يتجاوز نسبة 15% من الدخل القومي المصري، كما أنه مستحق السداد على آجال طويلة نسبيا، فجزء منه يستحق بعد 15 سنة، وآخر بعد 20، و30، بل قد تصل أجزاء منه لخمسين سنة قادمة.

وبالطبع مصر ملتزمة بسداد الديون قصيرة الأجل منه، أو التي حل موعد استحقاقها، وهو ليس لجهة واحدة، وإنما يخص دولا ومؤسسات مالية أجنبية، بالإضافة إلى كل من صندوق النقد والبنك الدولي.. والأخيرة تتميز بأنها قروض ميسرة بفترات سماح وفوائد بسيطة.

أما حكاية السداد الفوري أو المعجل- كما يقولون- فليست متاحة في الوقت الحالي بسبب العجز المستمر في الموازنة العامة للدولة والذي يبلغ- طبقا لوزير المالية- 440 مليار جنيه، والذي يتم تغطيته باقتراض محلي (أذون وسندات خزانة)، أو باقتراض خارجي من خلال طرح السندات الدولارية في الأسواق الخارجية.

وللعلم.. موارد الموازنة العامة لا تتعدى 990 مليار جنيه، 75% منها تأتي من حصيلة الضرائب بمختلف مسمياتها والباقي لا يزيد على 70 مليار جنيه حصيلة المرور بقناة السويس، و2 مليار فقط من أرباح شركات قطاع الأعمال العام!

أما مصروفات الموازنة فتبلغ حوالي تريليون و430 مليار جنيه، حيث المرتبات والأجور، ومخصصات الدعم، وأقساط وفوائد الديون، والاستثمارات العامة، مع العلم أننا نزيد سنويًا بحوالي 2.5 مليون مولود، وهو أعلى معدل زيادة سكانية في العالم!

إذن لا بديل عن السيطرة على هذا المعدل، إلى جانب العمل الجاد المتواصل لزيادة معدلات النمو في الاقتصاد القومي لخفض الواردات وزيادة الصادرات، بعد تغطية الاحتياجات في السوق المحلي.

والحمد لله نحن على الطريق.. لكنه طويل نسبيا، ويحتاج لعزم الرجال وجهد الشباب.. والله الموفق.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز