عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
«فاريا ستارك»  والإخوان «2»

«فاريا ستارك»  والإخوان «2»

بقلم : د. فاطمة سيد أحمد

    كانت فاريا وهى تقوم بتجهيز الإخوان لدور جديد مع الحلفاء فى الحرب  وإعداد خلايا تابعة لهم بالدول العربية، تضع نصب عينيها أهمية دخول «الأزهر»  والتفاعل مع علمائه، فهو المنارة الإسلامية الكبرى لكل المسلمين وإذا أرادت دعم الإخوان فعليها باجتياز اختبار دخولها الأزهر لتصير مستشرقة معترفا بها فى العالم العربى وغير مشكوك فى ولائها للقضايا العربية مع الحكومات الاستعمارية وخاصة بلدها بريطانيا.




 هكذا كانت الجاسوسة الرحالة تستخدم كل الحيل للوصول إلى هدفها فى مساعدة وطنها الاحتلالى، كانت فاريا قد طلبت تعيين مساعدتين لها تسند إليهما المهام بالقاهرة إذا ما غادرت إلى أحد الأقطار العربية لتكوين الخلايا الإخوانية  هناك وكانت المساعدة  الأولى هى  «باميلا هور روثفين» وكانت بينها وبين السفير «لامبسون» بالقاهرة علاقة غرامية على الرغم من إنها متزوجة من «الشريف باتريك هور - روثفين» ابن حاكم أستراليا العام وكان يعمل ضابطا فى الجيش الملكى البريطانى  وهو شاعر هاوٍ ويتغيب بالأسابيع كونه مقاتلًا فى الصحراء.


 أما الثانية فهى «لولى أبوالهدا» وهى ابنة لرئيس وزراء  أسبق لشرق الأردن،  قامت هاتان المساعدتان تحت قيادة فاريا وبمعاونة سكرتيرة ببناء أول تشكيل لشبكتهن بإصدار نشرة أسبوعية وإدارة جماعات الحوار والمناقشة وحضور حفلات الشاى وطورن بحماس كبير قناعة بأن بريطانيا سوف تكسب الحرب ولم يكن من السهل إقناع المصريين الذين يحضرون اجتماعات الإخوان بربط مصيرهم بمصير البريطانيين الذين كانوا يضربون بالقنابل ليلا فى الغارات الجوية فى الحرب التى يخوضونها، حيث كان الحلفاء يتساقطون تاركين بريطانيا وحدها تتحمل المعركة وأن النازيين وحلفاءهم متأكدون من انتصارهم فى الحرب، ومع ذلك قد تمكنت فاريا والمساعدتان لها من إضافة ٥٢٤ عضوا جديدا إلى الإخوان،  وفى أثناء تلك الأجواء كانت كلتا المساعدتين  قد تعرفتا على كل الخيوط ولذا  فان  «فاريا» أحست بالأمان وهى تضع لجانها الإخوانية فى رعايتهما، لأن هناك تكليفا بسفرها فورا إلى العراق ولكنها كانت كارهة لمغادرة القاهرة والبدء من جديد فى تكوين الخلايا الإخوانية ببغداد،  وفى تسابق للسفيرين البريطانيين  فى  كل من مصر والعراق للفوز بمجهود فاريا أصر السفير «كورنواليس» فى بغداد على أن تلبى فاريا التكليف والنداء الوطنى، وعليه جرى فى نهاية المطاف تعيين فاريا سكرتير ثان بالسفارة البريطانية ببغداد وهذا كان لتحفيزها وقبولها مغادرة القاهرة، وقد فرحت كثيرا بهذا المنصب وقالت لأصدقائها أن وضعها الجديد أعطاها الحق فى إرسال رسائلها عن طريق الحقيبة الدبلوماسية، وكانت ترى أنها بذلك قد وضعت رجلها على أول درجة مهمة على سلم حياتها العملية الجديدة فى وزارة الخارجية، ولكن فاريا قبل مغادرتها القاهرة قامت هى ومساعدتها باميلا بأعظم الانتصارات كما يذكرون فى رسائلهما التى وردت بمذكراتهما، فقد دخلتا  «الأزهر» وتتحدثان عن ذلك بأنه أقدم جامعات العالم والذى أنشأه الفاطميّون عام 972 ويمضى الطالب فيه مالا يقل عن ثلاثة عشر عاما فى الدراسات الدينية قبل تخرجه، وفى أى محفل من المحافل الأكاديمية الدولية يكون لممثل الأزهر الأولوية فى الصف ولا يمكن لحكومة مصر ولا أى زعيم من زعماء العالم العربى أن يؤخذ مأخذ الجد دون موافقة من علماء الأزهر الموقرين، ويقولون كان الأزهر قلعة صاحبة نفوذ غير عادى وكان القسم الأكبر من الجهود النازية موجها للحصول على رضا الأزهر، وفى إحدى  رسائل باميلا إلى أمها كتبت تقول «قيل لنا أن دخولنا الأزهر عملية مستحيلة، ولكن فاريا قادرة على تحقيق أى شىء وأنه لشىء جميل أن ترى فاريا وهى جالسة بين علماء الأزهر بملابسها الغربية فى حين يرتدون هم رداءهم الجميل يستمعون ويدققون ويبتسمون حتى أن فاريا أحست بأنها توجت أفكارها لأنه لم يسبق لأى أمراة مسيحية وأجنبية أن حظيت بمثل هذا الفضل» … 


    ذهبت فاريا إلى بغداد حيث وجدت المشاعر المعادية للبريطانيين على حالها خاصة بعد محاكمات نصبت لأتباع «رشيد على» وأن الغضب والاستياء يسود البلاد وفى ازدياد بسبب أن هناك خطة بريطانية سوف تتم بغزو إيران الجارة الشيعية كان ذلك عام 1942، ولما كان الجيش الألمانى قد حقق انتصارات كثيرة على بعد أميال قليلة من الشمال فقد تزايدت الشائعات حتى إنه طلب من ناظرات مدارس البنات تقديم الامتحانات شهرين قبل موعدها حتى يمكن الانتهاء من تلك الامتحانات قبل وصول الألمان.


 ومن هنا تقول فاريا لم تكن مسالة أن تبدأ بإنشاء الخلايا الإخوانية عملية سهلة فى مثل هذا الجو، لكنها بدأت عملها بالفعل وراحت تعمل على تكوين مجموعات بطريقة ودية وكانت تختبر ميول واهتمامات هذه المجموعات التى كونتها وتنشر بينهم الثقة والاقتناع بأن أى شخص عاقل لابد أن يفضّل طريق الديمقراطية «وواضح أن كلمة الديمقراطية المزيفة التى يسوقونها للبلدان العربية وورثوها لذيلهم الإخوانى ماهى إلا الطعم الذى يصطادون به شعوبنا على مر الأيام» كانت فاريا تغتاظ من أحد الدبلوماسيين بعدن ويدعى «سيتوارت» لأنه عندما يجمعهما عمل ما تقول إنه يعاملها وكأنها زوجته عليها أن تتبعه ولايعتد برأيها ومن هنا استعدت عليه السفيرين الصديقين لها؛«لامبسون فى مصر» و«كورنواليس فى بغداد» اللذين يقدمان كل العون لها ويثقان فيها وخططها ويسعيان دوما لترقيتها بعد ترشيحهما لها للعمل بالخارجية البريطانية بعد أن كانت رحالة مستقلة تقوم بالإنفاق على رحلاتها الاستكشافية، ولذلك حثتهم على  نقل سيتورات من عدن ليتولى مشروع خلايا الإخوان.. «يتبع».

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز