عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
هل جربت النظر من أعلى ساري سفينة؟

هل جربت النظر من أعلى ساري سفينة؟

بقلم : أيمن عبد المجيد

عزيزي القارئ، تخيل مصر سفينة، تُبحر في محيطها العربي والإقليمي، متلاطم الأمواج، ارفع رأسك، لا تنظر تحت قدميك، مد بصرك، لا تنظر في محيطك الضيق، وأنت تصدر أحكامك.



اصعد ساري السفينة، انظر هناك على مرمى البصر، خلف الحدود الغربية، الشقيقة ليبيا، أصغِ السمع، هل تلتقط أصوات الاشتباكات، بين قوات الجيش الوطني الليبي، وعناصر الميليشيات؟ هناك على حدودنا الغربية، دولة تعاني الصراعات، سعى من سعى لإفشالها، ومع ما تعانيه تكمن التهديدات، التي تتطلب يقظة وتأمين 1115 كم حدود بما يستلزم من تبعات ونفقات.

التفت إلى الجنوب، حيث حدود مصر مع الشقيقة السودان، دقق في المشهد، تظاهرات وتوترات، ومحاولات من النظام لاحتواء الموقف، هناك كان السودان الواحد، قبل انفصال الجنوب، الجنوب لم يزده الانفصال من الاستقرار إلا فرارًا، وفي السودان تبقى الاحتمالات مفتوحة، بأقل تقدير على الحدود الجنوبية غاب الاستقرار.

فولِّ وجهك قبل الشرق، ما بين رفح المصرية، والضفة الغربية الفلسطينية، يقع قطاع غزة المحاصر، وبجواره الكيان الصهيوني، المسمى إسرائيل، هذا القطاع وبجواره الاحتلال، تراشق دائم وتهديدات باشتعال الأوضاع، لا استقرار ولا أمان.

على حدود مصر الشرقية بسيناء، تجرى معركة بقاء، تقاتل القوات المسلحة والشرطة المصرية، لاقتلاع فلول الإرهاب من جذوره، تلاحق جرذان الأنفاق، لهدمها على رؤوسهم، تجاهد كي لا يُسمح بثقوب في جسد الوطن، تزحف عبرها الأفاعي، التي تسعى للدغ خيرة جنود الأرض، هؤلاء المرابطين على ثغور الوطن.

ابعد قليلًا، لما خلف ليبيا، هناك في الجزائر، تهديدات وجودية، شعب ينتفض لتقرير مستقبله، وجيش يبحث عن مخرج يضمن استقرار الوطن، يدعو للاستجابة لمطالب الشعب، أخطاء سياسية بالجملة، ارتكبتها زمرة حاكمة، بإصرارها على ترشح الرئيس بوتفليقة، رغم ظروف سنه وصحته، دفعت الشعب لرفضها، اضطر بوتفليقة للانصراف، بيد أن قراره جاء متأخرًا، فقد سمح سوء التقدير بتحريك الشارع، وعندما تتحرك الجموع، يحاول المتربصون استغلال المطالب المشروعة، لتحقق أهداف خبيثة، وتبقى نتائج الحراك غير محسومة.

كل الأمنيات للجزائر الشقيق بالاستقرار، وما دون ذلك الخيار سيكون مهددًا لأمن الجزائر ودول الجوار، استقرار الجزائر أمن قومي عربي، فعلى حدودها صحراء مالي، بما تعنيه من تهديدات التنظيمات الإرهابية.

هل رأيت الحقيقة بأم عقلك؟ محيط عربي متلاطم الأمواج، والتحديات والتهديدات، في ظل ذلك تبحر سفينة مصر، نحو الاستقرار، تبذل من دماء جنودها، الغالي والنفيس لحفظ أمن وسلامة شعبها.

تبني وتعمر، تصلح وتقوم، وفق سياسة بناء القدرات الشاملة، أمنيًا تحارب الإرهاب، وتدعم الاستقرار، اقتصاديًا تحقق الإصلاحات، وتنجز المشروعات، وترتفع بنسب النمو، فتقترب من مرحلة جني الثمار.

سياسة خارجية تستعيد مكانتها، وتفرض ريادتها، في إفريقيا عودة قوية، برئاسة الاتحاد الإفريقي، ولأول مرة منذ العام 1965، يزور رئيس مصري غرب إفريقيا، التي بدأها الرئيس عبد الفتاح السيسي بغينيا، حيث قوبل بحفاوة بالغة بالأمس، هناك تبقى آثار السياسة الخارجية المصرية شامخة، حيث جامعة الزعيم المصري جمال عبد الناصر.

في تلك الجامعة، تسجل تاريخ الدعم المصري لحركات التحرر، كانت لمسة الوفاء، حيث أزاح الرئيسان الغيني ألفا كوندي، والمصري عبد الفتاح السيسي، الستار عن تمثال للزعيم عبد الناصر، وعلى أحدث مباني الجامعة، وضع اسم الرئيس السيسي، ليؤرخ الزعيمان لفترتين من أزهى فترات التعاون المصري- الإفريقي، يليها بعد أيام زيارتان لكوت دي فوار والسنغال.

وبدعوة من الرئيس الأمريكي ترامب، يزور الرئيس عبد الفتاح السيسي، أمريكا، ويعقد قمة مصرية- أمريكية، مقررًا لها غدًا، لتعزيز ثوابت الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، وهي القمة المصرية- الأمريكية السادسة، بين السيسي وترامب، بما تسعى إليه من أهداف، وما تعكسه من دلالات.

أولى تلك الدلالات: هي رسوخ السياسة الخارجية المصرية، القائمة على الانفتاح على العالم، بشرقه وغربه، بالتوازي مع تقوية دوائر الأمن القومي المصري، عربيًا وإفريقيًا، فالجولة الرئاسية الخارجية، بدأت بغينيا غرب الإفريقية، ثم الولايات المتحدة الأمريكية، وتختتم من القارة العذراء، حيث كوت دي فوار والسنغال، فضلًا على علاقات مصر بروسيا في الشرق، والصين في آسيا وغيرها من البلدان، ما يعكس سياسة الانفتاح على الجميع، بما يحقق مصلحة مصر وشركائها.

ثاني تلك الدلالات: هي يقين الأمريكان بقوة مصر ودورها الفاعل عربيًا وإقليميًا، بما تملك من رؤية ثاقبة لتحديات الإقليم وعلاجات أزماته، والتي تنطلق من ركيزة أساسية، هي دعم الحفاظ على الدولة الوطنية، ودعم مؤسساتها.

الدلالة الثالثة: الرؤية المصرية، رقم فاعل في أي معادلة تستهدف حلولًا للقضايا العربية، فالرؤية المصرية لا يمكن إغفالها، خاصة أن مصر تتبنى دعم استعادة قوة الدولة الوطنية، في بلدان النزاعات، وتتمسك بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية.

الدلالة الرابعة: استقرار الداخل المصري، والإصلاحات السياسية إلى جانب الاقتصادية، ركيزة لقوة السياسة الخارجية.

فعناصر القوة الشاملة، لا يمكن إلا أن تسير في خطوط متوازية ومتوازنة لتحقيق الأهداف الوطنية: تطوير التسليح لتعزيز قوة الردع، وتوفير الأمن، توازيهإصلاحات وإنجازات اقتصادية، لخلق استثمار في الاستقرار، تقوية لحمة الداخل، تعزيز قوة التأثير الخارجي.

القدرة الشاملة للدولة، تزيد من صلابة وقوة السفينة، بقدر التهديدات والتحديات، التي تتصاعد مع تلاطم الأمواج السياسية في الإقليم ودول الجوار.

قوة إرادة الشعب المصري، ومشاركته في جميع الاستحقاقات الدستورية والانتخابية، تزيد من تلاحم وقوة الجبهة الداخلية، عندما تكون الخيارات والقرارات تمثل الأكثرية، مصر مقبلة على استفتاء على تعديلات دستورية، المشاركة بقوة تعزز قدرة الدولة المصرية، وإدراك شعبها لأهمية الاستقرار، لتصل السفينة تلك- التي تحمل مائة مليون مصري- إلى شاطئ الأمان، تعبر السفينة بمجرد المشاركة، أيًا كان خيارك، شارك ودوّن قرارك، فبصيرتك اليوم حديد.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز