عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
السيرة النبوية وفن الدبلوماسية

السيرة النبوية وفن الدبلوماسية

بقلم : سعدون بن حسين الحمداني

(إتيكيت المصافحة وأنواعها وأنماطها)"1"



 

تحاول المدارس الغربية إهمال وأغفال الدبلوماسية الإسلامية في إتيكيت المصافحة والعناق بين الأخوة والأصدقاء والأقارب وخاصة في المجتمع العربي أو الإسلامي والتي لها الأثر الكبير في توطيد المحبة بين جميع شرائح المجتمع سواء الرسمي أو الشخصي وإشاعة المودة والسلام بين الشعوب وتطبيق ما يدعو إليه الدين الإسلامي الحنيف من تسامح وتآخي ومحبة ونبذ العنف والعنصرية والفوقية، حيث اتصفت الدبلوماسية الإسلامية (إتيكيت المصافحة) بالذوق واللطف والكياسة واللياقة والتي أسست معالم وأهداف واستراتيجية الدبلوماسية السلسلة المحبة للخير والتسامح والتآخي والتي نتعامل بها الآن.

هناك مهارات يجب أن تكون عند الدبلوماسي أو يتحلى بها الشخص العادي وكذلك عند أي قائد أو مسؤول مما كان منصبه أو درجته، وهو إتيكيت المصافحة والتي لها الأثر الكبير في إظهار معاني العلاقة بين الاثنين، سواء على المستوى الرسمي أو المستوى الشخصي الاجتماعي مما لها من دلالات إيجابية أو سلبية على مستوى العلاقة المستقبلية.

المصافحة تعني التقاء الأيدي وهي تعبير عن التحية أو الوداع أو عقد اتفاق، سواء على المستوى الرسمي أو الاجتماعي الشخصي وفي السلك الدبلوماسي تكون المصافحة خط التواصل والتفاهم وإن كان هناك أي تجافٍ في العلاقات الدبلوماسية ويعتبر المجال الدبلوماسي أكثر حساسية وغير قابل للمجاملة في هذه الأمور لكون المصافحة فيها كثير من الدلالات والمعاني، حسب استراتيجية المخطط لها مسبقًا من قبل الدولة وهرمها، لذلك تعتبر المصافحة من أهم قواعد الآداب والسلوك الحسن.

وتختلف المصافحة والترحيب من مجتمع إلى آخر ففي المجتمع الغربي تكون المصافحة بالأيدي أو الكلام فقط، دون العناق والتقبيل (بين الرجال كما هو مجموع في عالمنا العربي) الذي يميل إلى المصافحة والتقبيل تعبيرا عن المودة الحقيقية أو الشوق الكبير خاصة إن طال التلاقي نسبيا. أهم القواعد المهمة الواجب الالتزام بها والتعرف عليها لتتحقق المصافحة السليمة ولتجنب نفسك الوقوع في أخطاء غير مستحبة قد تؤثر سلبا في عملية التعارف خلال لقاءات العمل أو المؤتمرات الرسمية ومنها؛ المسافات بين الأصدقاء والمعارف والأهل والمدراء والوزراء وفي الوفود الرسمية وأهميتها وكذلك بين الرجال والنساء، وهي كما يلي:

المسافات عند المصافحة أو التحية/ المسافة الحميمة (بين الأهل والأصدقاء المقربين) من صفر إلى 50سم/ المسافة الشخصية (مع كبار الشخصيات) من 50 سم إلى 1.50 متر/ المسافة الاجتماعية (بين الرجال والنساء) من 1.50 إلى 2.00 م/ المسافة الجماهيرية أكثر من 2م وقد تكون الإشارة باليد من بعيد.

أما أنماط المصافحة؛ فهي تختلف باختلاف البشر في طبائعهم، ولكل مصافحة دلالة، وبعضهم يستخدم نوعا من المصافحة دون أن يدركوا معناها الحقيقي ومنها؛ المصافحة الأنانية أو المسيطرة؛ اذ استقبلت بمصافحة المسيطرة (وهي وضع راحة اليد إلى الأسفل جاعلًا راحة اليد المقابل مقابلة للسماء) وبهذا الحركة يكون الشخص الأول يرغب بالسيطرة على اللقاء، وأن يكون رد فعلك هو أن تقدم بخطوة بقدمك اليسرى، ثم تقدم بقدمك اليمنى مقتحما المسافة الحميمة للرجل الآخر، جالبا المصافحة إلى وضع أفقي. المصافحة المطيعة المتزنة/ وضع راحة اليد الأعلى للسماح للشخص الآخر بوضع راحة يده للأسفل، أي عكس السابقة وهي إشارة منك باللين والتعاون/ المصافحة السياسية وهي عندما يضم أحدهم يدك بكلتا يديه وهي تدل على عمق المحبة التي يكنها لك هذا الشخص وعندما يضع يده على كتفك أو المعصم فيدل على محبة أكبر وتعطيه انطباعا بأنه جدير بالثقة ولا ينصح باستخدامها بمقابلة الشخص للمرة الأولى، لأنها ستولد بعدم الارتياح أو الشك/ المصافحة الهزيلة البعض يصافحون مصافحة ضعيفة بيد رخوة وهي دليل كبرياء وتعال، وهي لا تشجع على الاستمرار بالعلاقة أو الثقة بالمقابل/ المصافحة الحديدية أو القوية وهي مصافحة تولد إحساسا بالعنف والغلظة وعدم إراحة وتمييز بالضغط على اليد المقابلة بصلابة وهي دليل عدوانية أو أن الشخص يريد أن يظهر بمظهر الشخص القوي الحازم/ المصافحة المتساوية المتوازنة وهي تتميز بالثقة والهدوء والاحترام من قبل الطرفين بشكل سليم وهي مصافحة من قبل ذوي الأخلاق العالية من كافة شرائح المجتمع وهي المرغوبة عند الجميع وسوف نتطرق بالمقال القادم عن الخطوات السليمة والمثالية للمصافحة.

أن سمات الشخصية الدبلوماسية الناجحة تعتمد كثيرا على إتيكيت المصافحة وهذا لا يأتي من قراءة كتاب أو الاطلاع على النظريات الحديثة، وإنما يأتي من خلال الورش التدريبية والعمر الطويل في هذا المجال الاحترافي والخبرة المتنوعة في مواضيع مختلفة ومستمرة وأماكن مختلفة معتمدًا على المعرفة والمهارة وتحسين القدرات الدبلوماسية، خاصة في موضوع البروتوكول والإتيكيت.

وفي الختام فإن السيرة النبوية غنية وثرية حول إتيكيت المصافحة عند اللقاء، وهي تعبير عن المحبة والمودة بين المتصافحين، عن قتادة رضي الله عنه قال: (قُلْتُ لأنس بن مالك: هل كانت المصافحة في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم) رواه البخاري. وقد جاء في فضلها أحاديث عظيمة، فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا لقِي المسلم أخاه المسلم فأخذ بيدِه فصافحه تناثرتْ خطاياهما من بين أصابعهما كما يتناثرُ ورقُ الشجرِ بالشِّتاء) رواه الطبراني. وعن البراء بن عازب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غُفِر لهما قبل أن يفترقا).

 

* دبلوماسي سابق

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز