عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
السيرة النبوية وفن الدبلوماسية "2"

السيرة النبوية وفن الدبلوماسية "2"

بقلم : سعدون بن حسين الحمداني

(إتيكيت المصافحة وأنواعها وأنماطها)



 

 تحاول المدارس الغربية إهمال وإغفال الدبلوماسية الإسلامية في إتيكيت المصافحة والعناق بين الأخوة والأصدقاء والأقارب، خاصة في المجتمع العربي أو الإسلامي والتي لها الأثر الكبير في توطيد المحبة بين جميع شرائح المجتمع، سواء الرسمي أو الشخصي، وإشاعة المودة والسلام بين الشعوب، وتطبيق ما يدعو إليه الدين الإسلامي الحنيف من تسامح وتآخٍ ومحبة ونبذ العنف والعنصرية والفوقية، حيث اتصفت الدبلوماسية الإسلامية (إتيكيت المصافحة) بالذوق واللطف والكياسة واللياقة والتي أسست معالم وأهداف واستراتيجية الدبلوماسية السلسلة المحبة للخير والتسامح والتآخي، والتي نتعامل بها الآن.

إتيكيت المصافحة، الذي له الأثر الكبير في إظهار معاني العلاقة بين الاثنين، سواء على المستوى الرسمي أو المستوى الشخصي الاجتماعي، مما له من دلالات إيجابية أو سلبية على مستوى العلاقة المستقبلية.

إن سمات الشخصية الدبلوماسية الناجحة، تعتمد كثيرا على إتيكيت المصافحة، وهذا لا يأتي من قراءة كتاب أو الاطلاع على النظريات الحديثة، وإنما يأتي من خلال الورش التدريبية والعمر الطويل في هذا المجال الاحترافي والخبرة المتنوعة في مواضيع مختلفة ومستمرة وأماكن مختلفة، معتمدًا على المعرفة والمهارة وتحسين القدرات الدبلوماسية، خاصة في موضوع البروتوكول والإتيكيت.

إن الطريقة السليمة والمثالية للمصافحة هي: أن يكون كامل الجسم أو الجسد في مقابل أو مواجهة الشخص الذي ستصافحه، الحرص على عدم وجود حاجز بين الاثنين(طاولة أو كرسي أو شخص بالوسط)، أثناء المصافحة يجب أن تكون العينين متقابلة وليس أن تصافح الشخص ونظرك إلى شخص آخر، الحفاظ على المسافة الحميمة، كما أوضحنا في المقال الأول، أثناء المصافحة من الضروري وجود ابتسامة بسيطة معبرة، الإمساك باليد بحيث تلامس الجلد بين الإبهام والسبابة مثيلتها في يد التصافح، مراعاة عدم وجود فراغ بين راحتي اليد، وأن يكون التلامس بكامل اليد، يفضل الانحناء قليلا أثناء التحية والمصافحة دون تكلف أو افتعال مع النظر إليه مباشرة أمام الآخر، خاصة لرجال الدين الأفاضل أو لكبار الشخصيات أو رؤساء القبائل العموم أو كبار السن، إذا كان الشخص يتناول طعاما أو شرابا أو يدخن فعليه أن يضع الأكل أو الشراب على أقرب طاولة ويبدأ بالمصافحة، أثناء حفل أو مناسبة اجتماعية، فلا تقحم نفسك في المصافحة إلا عند تقديم ضيف الشرف لك الضيوف، ولا تحاول لفت الأنظار إليك بالمصافحة من دون علم ضيف الشرف، أن أنسب مصافحة هي التي تدوم ما بين 3 – 6 ثوان، وعلى الشخص المصافح أن يشد على يد مصافحه بطريقة مناسبة ومتوازنة بين الشد والاسترخاء، والأفضل لا يصافح بأطراف الأصابع لأنه هذا أسلوب ملكي أرستقراطي محدود الاستعمال، الابتعاد عن إطالة المصافحة وكثرة التحريك تبعث على الضيق، خاصة مع العنصر النسوي لأنه قد يلفت الأنظار ويسبب الحرج للمرأة، الانتباه إلى زمن المصافحة القصير؛ لأنه يعكس فتوراً أو عدم مبالاة، لا يبدأ الرجل بمصافحة المرأة بل المرأة هي التي تبادر أو تعطي الإذن بالمصافحة بأن تمد يدها أولا، وإن لم تمد السيدة يدها للرجل فليكتفِ بالابتسام مع إيماء خفيف بالرأس.

يطبق نفس المبدأ على الرجال كبار الشخصيات  Vip، والمقصود من ذلك هو عدم الإحراج بالمصافحة دون رغبتهم لضيق الوقت لديهم وللواجبات والمهام الجسيمة التي لديهم، لا تليق بالمصافحة واليد داخل القفاز وإن كان الجو باردا، لا يجوز تقبيل اليد في الأماكن العامة أو في الطريق وتبدل بانحناء الرأس إلا في العائلة الشرقية العربية المسلمة، عندما يقوم الابن بتقبيل يد والديه، فهي من العادات المستحبة في العالم العربي لما فيها معانٍ أخلاقية كبيرة، لا يجوز تقبيل أيدي النساء لأي سبب كان، من العادات غير المستحبة في المجتمعات الغربية تقبيل الرجال بعضهم بعضا، كما هو موجود في العالم العربي والإسلامي، حتى وإن كان أحدا من أفراد العائلة أو أقاربك.

أكد أغلب البحوث التي تصب في علم الاجتماع أو علم النفس أن النية الصافية الصادقة النابعة من القلب في المصافحة، هي أعلى وأغنى ما موجود لدى الشخص المصافح، ولأنها صراحة تغسل الحقد والمكر داخل النفس البشرية على أن تكون بنية القلب الصافي الطيب المتسامح، لذلك فإن علم النفس الاجتماعي يحذر من استخدام هذه العادة وهي المصافحة دون النية الصادقة المحبة للخير، خاصة بين الدبلوماسيين، لأنهم يمثلون بلدانهم، مما قد يؤدي إلى إغلاق باب الحوار وديمومة العلاقة بسبب هذا الفتور والإهمال في المصافحة. لذلك على الدبلوماسي الالتزام بما يصل إليه من توجيهات من بلده اتجاه الآخر، لتكون المصافحة لها دلالات مفهومة من الطرف الآخر.

وفي الختام.. فإن السيرة النبوية غنية وثرية حول إتيكيت المصافحة عند اللقاء، وهي تعبير عن المحبة والمودة بين المتصافحين، عن قتادة رضي الله عنه قال: (قُلْتُ لأنس بن مالك: هل كانت المصافحة في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم رواه البخاري.

وقد جاء في فضلها أحاديث عظيمة، فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا لقِي المسلم أخاه المسلم فأخذ بيدِه فصافحه تناثرتْ خطاياهما من بين أصابعهما كما يتناثرُ ورقُ الشجرِ بالشِّتاء)، وعن أميمة ابنة رقيقة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إني لا أصافح النساء"، رواه النسائي وابن ماجة، عن معقل بن يسار أن النبي صلى الله عليه وسلم، "كان يصافح النساء من تحت الثوب".. رواه الطبراني في الأوسط.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز