عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
النصف غير الآخر«2».. صورة زفاف

النصف غير الآخر«2».. صورة زفاف

بقلم : سامية صادق

تدهشني صورة زفافه التي أشاهدها مصادفة على الفيس بوك مع عروسه الجميلة التي ربما تصغره بسنوات قليلة... فكم أنا معجبة بشجاعته التي دفعته أن يقيم حفل زفاف كبيرا بأحد الفنادق الكبرى وأن يجلس في الكوشة عريس تعدى الستين من العمر... لاشك أنه شخصية قوية واثق من نفسه لا يعبأ بالتقاليد البالية... ولا يهمه الناس وما يقولونه عن زواجه في هذا العمر بعد أن أصبح جدا وله أحفاد!!... ولكن لايهم... كل ذلك لا يعنيه... المهم أن يكون سعيدا وليذهب الناس إلى الجحيم!!.



 يبدو أنه مؤخرا وجد النصف الآخر الذي يشبهه... فهي أيضا مثله لا تعبأ بالآخرين ولا بكلامهم وبالرغم من أنها ليست صغيرة وربما تعدت الخمسين أو في أواخر الأربعينات إلا أنها لم تخجل أن ترتدي فستان زفاف أنيقا وطرحة مطرزة بالدانتيل فبدت جميلة  مثل كل عروس... ربما ساعدها على ذلك قوامها الممشوق وملامحها الرقيقة وَمكياجها الناعم... تجلس بجواره في ثقة وسعادة... تتلقى التهنئة وهي توزع ابتساماتها وقبلاتها... كما أنه يقوم بتلبيسها الشبكة أمام الجميع... لقد أحضر لها طاقما رائعا من الذهب الأبيض المطعم بفصوص الفيروز إنه يبدو بوضوح في صور زفافهما التي تنشرها على حسابها بالفيس بوك!!.. يا لها من امرأة قوية... إن المرأة في هذا العمر لا تقرر أن ترتدي فستان زفاف وتجلس في الكوشة إلا لو كانت سعيدة جدا وتريد أن يشاركها الجموع فرحتها... يبدو أنها أيضا وجدت النصف المكمل لها... لا أعرف شيئا عن ظروفها الاجتماعية إذا كانت مطلقة أو أرملة أو لم يسبق لها الزواج...

لكنني أعرفه جيدا.. لقد سبق له تجربتا زواج... تجربة في بداية حياته حين كان شابا في السابعة والعشرين من العمر وقد تزوج من زميلة له في العمل وأنجب منها ابنتين توأم... ولم يكن موفقا معها... فكانا على خلاف دائم حتى إنه كان يتعمد الهروب من البيت والابتعاد عنها وقضاء معظم وقته في عمله حيث يعمل باحثا بأحد المراكز العلمية الكبري... فيهب كل طاقته لأبحاثه وعلمه... ويتعامل مع البيت على أنه أوتيل ومكان للنوم فقط!!... وحين يعود يدعو الله أن يجد زَوجته نائمة حتى لا يصطدم بها فيوقظ صوتها العالي ابنتاه النائمتان... فكم سببت لهما إزعاجا وأساءت لحالتهما النفسية... إن ابنتيه هما نقطة ضعفه الحقيقية لولاهما لانفصل عن أمهما وتزوج بأخرى... لكنهما متعلقتان به بشكل جنوني... وكانا لوقت قريب ينامان بجواره واحدة على ذراعه الأيمن والأخرى على ذراعه الأيسر...فكم يهونان عليه قسوة الحياة وحرمانه من الحب والاستقرار مع زوجة لم يعد يشعر تجاهها بأي عاطفة...لقد قرر أن يتحمل من أجلهما فقط وينسى حياته الخاصة وتعاسته... لقد وهب لهما أجمل سنوات العمر.... كما حرص أن يزوجهما وهما ما زالتا طالبتين بالجامعة.

إنه يريد أن ينقذ ما يمكن إنقاذه من عمره المتبقي... فكان على مشارف الخمسين من العمر حين طلق زوجته الأولى وقرر الزواج للمرة الثانية...وقد التقيت به في أحد المنتديات الثقافية بصحبة عروسه الجديدة... ربما كانت تصغره بعشرين عاما على الأقل... بيضاء جميلة...لكنها لم تكن أنيقة فملابسها تفتقد إلى الذوق والتناسق... كانت صامتة طوال الوقت غير مرحبة بالأجواء التي تتواجد بها... فتراها تائهة بين الحضور... ولا أعلم لماذا شعرت أنهما لا يليقان ببعض...أتحدث معها وتخبرني أنها موظفة بوزارة التضامن الاجتماعي... وقد تعرفت عليه من خلال صديقتها ابنة عمه.... وأنها تحاول إسعاده لكنها لم تنسجم مع أجواء الأمسيات الثقافية أو الندوات العلمية التي يحبها زوجها...ولم تستطع التأقلم معها...

وبعد عام من هذا اللقاء عرفت أنهَما قد انفصلا بعد زواجهما بفترة قصيرة...وأقسم أمامنا أنه لن يتزوج ثالثا إلا حين يجد النصف الحقيقي المكمل له...وأنه سيظل ينتظره حتى آخر العمر... ولو قدر له أن يلتقى به في أي وقت لن يتركه وسيتمسك به ويتزوجها على الفور... حتى لوكان في الثمانين !!!

والآن أرى صورته وهو عريس في الستين من عمره يجلس في الكوشة بلا خجل أو تحرج يقبل يد عروسه وفي عينيه نظرة حب وامتنان واطمئنان... كما يرحب بالمدعوين بفرح وحفاوة... كما آراه يراقص عروسه (سلو) في خفة ورشاقة شاب في العشرين!!...

يستهويني ما أراه... فأظل أقلب في حسابه على الفيس بوك... وأعرف أن صورة الزفاف قد مر عليها عام كامل... وأرى صورا أخرى تجمعه بزوجته الجديدة الأنيقة في كل الأماكن التي يحبها..إنها تحرص أن تشاركه اهتماماته العلمية والثقافية والفنية... فدائما بجواره ومعه... في الأوبرا... في المجمع العلمي... في معارض الفنون التشكيلية...في حفلات توقيع أصدقائه... على البحر بالإسكندرية... فوق القارب في شرم الشيخ... في رحاب النيل وقت الغروب تشاركه احتساء فنجان قهوة...

وتكتب عنه:

ربما أراد الله أن يكافئني بعد سنين من الحزن والجفاء فكانت جائزتي هذا الزوج الحنون والرجل الاستثنائي.. إن صورتي لا تكتمل إلا به ومعه...

ويعلق على ما كتبته:

لقد عشت نصف إنسان غير مكتمل حتى بلغت الستين من العمر... ورغم ذلك لم أفقد الأمل أن أجد النصف المكمل لي... إلى أن التقيت بك... ومنذ الوهلة الأولى التي لمحتك فيها والتقت أعيننا في نظرة اشتياق لن أنساها ما حييت... أدركت أنني وجدت ما أبحث عنه طوال العمر... إنها السعادة الحقيقية أن تجد نصفك الذي يتلاءم معك وينطبق عليك...فلو لم يتبق من عَمرك سوى ساعة واحدة ووجدت فيها النصف الآخر الذي ظللت تبحث عنه  طوال العمر... فاقتنص الفرصة ولا تضيعها وعش الساعة المتبقية من حياتك وأنت إنسان كامل غير منقوص....

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز