عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
المبادرات المصرية لإنقاذ ليبيا والسودان
بقلم
محمد نجم

المبادرات المصرية لإنقاذ ليبيا والسودان

بقلم : محمد نجم
أعتقد أن الجميع بات يعلم الآن أن مصر عادت لممارسة دورها المتوقع والمنتظر في دعم ومساندة أشقائها من العرب والأفارقة.

وأن رئاسة مصر للاتحاد الإفريقى ليست «شرفية»، وإنما هي «منصة» للانطلاق والتطبيق العملى لما تدعو إليه مصر دائمًا من تحقيق الاستقرار والسلام لجميع شعوب العالم.



فالتحرك السريع والمبادرة من قبل الرئيس السيسى لعقد قمتين إفريقيتين لبحث الأوضاع في ليبيا والسودان لم يكن بسبب «الجوار» فقط، وأن ما يحدث فيهما يتعلق بالأمن القومى المصري والعربي، وإنما لأن هذا ما كان يتوقعه الأشقاء في ليبيا والسودان من الشقيقة الكبرى.. مصر، كما أن هذا التحرك يؤكد عودة مصر الجديدة التي تملك توجيه «دفة» الحركة في المنطقة.. وكما كانت من قبل.

ومن المؤسف.. أن ما سُمى بالربيع العربي قد تأخر كثيرًا في الوصول إلى السودان الشقيق.. الذي عانى أبناؤه كثيرًا سياسيًّا واقتصاديًّا من الحكم «الذي شاخ في موقعه»، فضلًا عن تحالفه المعلن والمستتر مع جماعة الإخوان، وهو ما انعكس على مواقفه المترددة والمتغيرة في المفاوضات الثلاثية بشأن سد النهضة الإثيوبى!

لقد صبر الأشقاء في السودان كثيرًا على حكم الرئيس البشير، وعندما انتفضوا ضده أصروا على اقتلاع جميع رموزه ومحاكمتهم على ما ارتكبوه من فساد سياسي ومالى، خاصة بعد المفاجأة التي أعلنها رئيس المجلس العسكرى هناك من العثور على ملايين الدولارات المخبأة في خزن حديدية بمنزل الرئيس السابق والذي كان يدعى التدين!

وكما حدث في مصر.. ساندت القوات المسلحة السودانية المواطنين في ثورتهم السلمية، وتولت - كفترة انتقالية - إدارة شؤون البلاد، وهو ما أدى إلى اصطدام السودان الشقيق مع مبادئ وقواعد الاتحاد الإفريقى، حيث منحتهم مفوضية الاتحاد خمسة عشر يومًا فقط لتسليم الحكم لحكومة مدنية، وهو ما يصعب تحقيقه في ظل تباين وجهات النظر بين قيادات الثورة وقوى التغيير، وكذلك الأحزاب السودانية الفاعلة على الأرض والعريقة نسبيًّا ومنها أحزاب الأمة والاتحاد والمؤتمر وغيرها.

ومن ثم كانت مبادرة الرئيس السيسى رئيس الشقيقة الكبرى (مصر) ورئيس الاتحاد الإفريقى بدعوة دول الجوار لعقد قمة موسعة للتشاور والبحث عن حل للخروج من هذا المأزق، وكانت الاستجابة السريعة من قبل رؤساء تشاد والكونغو وجيبوتى ورواندا وجنوب إفريقيا والصومال وإثيوبيا وأوغندا وكينيا ونيجيريا.. وممثل عن السودان.

وقد كللت الجهود المصرية بالنجاح، حيث انتهى المجتمعون بمنح الأشقاء في السودان ثلاثة أشهر، بدلًا من 15 يومًا فقط، لتشكيل حكومة مدنية، والكشف عن ملامح الانتقال إلى الحكم المدنى.

ولم يختلف الأمر كثيرًا فيما يتعلق بالشأن الليبى مع اختلاف الأسباب والأحداث، حيث استجاب رؤساء رواندا وجنوب إفريقيا والكونغو ورئيس المفوضية الإفريقية للمبادرة المصرية، وانتهت قمة «الترويكا» - كما أطلق عليها - إلى الدعوة إلى وقف فورى غير مشروط لإطلاق النار في ليبيا وضرورة تعاون المبعوث الأممى إلى ليبيا مع الاتحاد الإفريقى بإيجابية وشفافية، فضلًا عن ضرورة توقف البعض عن تهريب السلاح والإرهابيين للأراضي الليبية، وتمكين القوات المسلحة الليبية من ممارسة مهامها في بسط الأمن في جميع الأراضي الليبية.

وفى الحقيقة ما يحدث في ليبيا يختلف عما حدث في السودان، فقد تحولت الأراضي الليبية إلى «مقرات آمنة» للعديد من الجماعات الإرهابية المسلحة وبمسميات مختلفة، حتى إن بعضها «تحكم» في مؤسسات البلاد ومدنها ومواطنيها.

ويكفي الإشارة هنا إلى ما كانت تعانيه ليبيا من انقسامات، فهناك حكومة السراج والتابعة للمجلس الرئاسي، ثم الحكومة المؤقتة برئاسة الثنى والتابعة للبرلمان الليبى، هذا بخلاف حكومة الإخوان، ثم هناك الجيش الوطنى الليبى بقيادة المشير خليفة حفتر والمدعوم من قبل البرلمان الليبى، وأيضا ما سمى بالقوات المسلحة الليبية الموالية لحكومة السراج.

والمشكلة أن حكومة السراج لم تكن تحكم العاصمة طرابلس ولا ليبيا بكاملها، حيث تحكمت فيها الميليشيات المسلحة وحددت تحركاتها، خاصة بعد أن استولى بعضها على مقرات بعض الوزارات كمقر لقيادتها.

هذا بخلاف سيطرة الحكومة المؤقتة على ما سمى بالشرق الليبى، حيث برقة وبنغازى مع وجود قوات القبائل وأنصار النظام السابق «القذافى» في الجنوب.

والمعنى أن ليبيا لم تكن دولة، وإنما مناطق ومدن يتحكم في كل منها ميليشيات مسلحة، خاصة مصراتة التي عانى أهلها كثيرًا من فلول داعش والقاعدة وبعض الكتائب المسلحة التي تحالفت معها بعد أن انفصلت الجيش الوطنى الليبى.

أضف إلى ذلك أن مؤسسة النفط الليبية كانت تعانى من سيطرة ما سمى بقوات الحرس النفطى بقيادة اللواء الجضران والذي انشق عن رفيق دربه المشير حفتر قبل أن يتمكن الأخير من دحره وتشتيت قواته.

والطريف أن مؤسسة النفط الليبية كانت تسلم عوائد تصدير النفط إلى البنك المركزي في طرابلس، حيث كان يقوم رئيس حكومة الإنقاذ «السراج» بتوزيعها على الميليشيات المسلحة التي تتحكم في العاصمة.

والخطير في الأمر أن ليبيا تحولت إلى مقرات آمنة لفلول داعش بعد هزيمتها في كل من العراق وسوريا، بخلاف حركات المعارضة المسلحة لدول الجوار، والتي اتخذت مدن الجنوب مقرًا لها.

كل هذه الأوضاع المأساوية دفعت القوات المسلحة الليبية للتحرك لتحرير المدن الليبية من تلك الميليشيات وبدأت بمدن الشرق ثم الجنوب وبعض مدن الغرب، وهي الآن على أبواب العاصمة طرابلس، حيث الاستعداد للمعركة النهائية مع الميليشيات المتمركزة فيها والتي عاثت فيها فسادا وتدميرا.

وأعتقد أنه بعد التحرك المصري السريع والفعال سوف يستعيد السودان استقراره، كما ستعود ليبيا إلى سابق عهدها.. موحدة وقوية وفاعلة في الشأن العربي والإفريقى.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز