عاجل
الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
بالإنجاز يا حبيبتي

بالإنجاز يا حبيبتي

بقلم : أيمن عبد المجيد

لم يكن، بالقرار السهل، أن أذهب إلى سيناء في أغسطس ٢٠١١، فمن في المدينة خائفًا يترقب.



 بالقرب من ميدان الرفاعي بالعريش، اتخذت مسكنًا، أجريتُ اتصالاتي بمصادري، لترتيب لقاء مع سالم لافي، أشهر المطلوبين أمنيًا، فجاء الرد، سيتصل بك شخص من طرفه، لتتناول معه الإفطار غدًا.

كان اليوم الموعود الجمعة ٢٦ رمضان، ٢٠١١، أديت صلاة الجمعة، وذهبت لفندق، ظللت أفكر، في مثل هذا القرار، وكيف سأواجهه بأسئلتي، وهو الهارب من عدة أحكام، بينها مؤبد، بعد مقتل ضابط وثلاثة جنود، أثناء عملية تهريبه خلال ترحيله، في الثانية ظهر الأربعاء ٣ فبراير ٢٠١٠.

كانت الساعة تقترب من الرابعة، عندما رن هاتفي الجوال..

ألو؛ من معي؟

الأستاذ أيمن؟

 نعم.

 من معي؟

 أحمد من طرف الشيخ سالم، انزل وخليك معي على الهاتف…

معي؟.. نعم أنا الآن في الشارع.

اتجه يسارًا.... معك سر في الشارع الرئيسي.. انظر يمينًا.. نظرت.. سيارة لاند كروز هل تراها؟ نعم.. تعال.

مرحبًا.. مرحبًا بك.

تنطلق السيارة بنا ساعة ونصف الساعة إلى مكان خالٍ من العمران بالجبل.. ثلاثة شيوخ يشعلون نارًا عليها براد شاي في انتظار أذان المغرب.. يا مرحب.. مرحبًا بكم.. تفضل.

قليلًا ويؤذن المغرب.. تأتي سيارتان لاند كروز، ينزل سالم، وينزل آخر ويقدم الطعام.. صمت مطبق أحاول كسره بأسئلة نمطية.. كيف الحال وأخباركم في سيناء.

يبدأ الاسترسال، تمهيدًا للحوار الصحفي المعمق، عقب الإفطار، خلاصة الحوار كانت أنه لا تنمية في سيناء بلا أمن، ولا آمن إلا بمراجعة السياسات الخاطئة المتجاهلة لحقوق أهالي سيناء في تنمية حقيقية.

خلاصة الحوارات التي شملت كثيرين، في سيناء، أن التصريحات التي يطلقها مسؤولون متعاقبون حول التنمية في سيناء، لو تحقق ٥% منها فقط، لتغيرت الأوضاع.

خُلاصة التحقيقات والحوارات، أن الاحتفالات بسيناء بالأغنيات، يجب أن تتوقف لتكون الاحتفالات بتنمية على أرض الواقع.

سالم الذي عاش مطاردًا، مات شهيدًا، بعد أن خاض المعركة ضد الإرهاب، ولذلك قصة أخرى، فأهالي سيناء أشخاص طبيعيون أو ملاحقون في قضايا، أدركوا خطورة الإرهاب، عليهم قبل الوطن ككل، فكان الانحياز للوطن.

بالأمس، كنت شاهد عيان، على الواقع الذي يتغير في سيناء، فالاحتفالات بتحرير سيناء، لم تعد مقصورة على أغنيات بالأحضان يا حبيبتي يا سينا بالأحضان، بل هي احتفالات بالإنجازات العملاقة، التي تحققت على أرض الواقع.

بالأمس كان افتتاح أنفاق «تحيا مصر»، التي تنهي معاناة الانتقال من وإلى سيناء، عبور جديد لقناة السويس، في ٢٠ دقيقة فقط، لقد عبرت بالأمس في ٢٠ دقيقة، فيما كنت أنتظر ساعات للعبور على ظهر معدية عائمة.

 

 إنجاز تاريخي، وشريان حياة، صنعه المصريون بأموالهم وسواعدهم، وإرادتهم التي لا تلين، حققوا رقمًا قياسيًا غير مسبوق في التكريك، بشهادة الشركة العالمية التي أمدت مصر بالحفارات.

هناك على الضفة الشرقية للقناة، نشأت مدينة الإسماعيلية الجديدة، أصبحت واقعًا، تراه العين، مجهود جبار، تطهير للصحراء من مخلفات الحروب، زرع الحياة بها، تستوعب ٢٥٠ ألف نسمة، منشآت حضارية، تجمع بين الأصالة والجمال.

بيئة بكر، تنمية تسهم في تعزيز الكثافة السكانية في سيناء، زحف للعمران للقضاء على الفراغ الذي استغله الأعداء لتهديد أمن مصر.

 

مشروعات طرق عملاقة تربط بين شمال وجنوب ووسط سيناء، شرايين للتنمية، زراعة مئات الآلاف من الأفدنة، بمياه معالجة، كانت تسبب أضرارًا بيئية للبحيرات المصرية، انتصار حقيقي للإرادة المصرية بقيادة سياسية حكيمة.

هذه الإنجازات القومية العملاقة، أنجزت بسواعد مصرية، شركات مدنية، في مقدمتها المقاولون العرب، وكونكورد وأوراسكوم، تحت إدارة وإشراف القوات المسلحة المصرية، لضمان سرعة الإنجاز وفق الخطط وبالكفاءة المطلوبة، بحسب ما أكده الرئيس.

 

حديث الرئيس عبدالفتاح السيسي، في كلمته بحفل الافتتاح، حمل رسائل بليغة وواضحة ومباشرة، للداخل والخارج، في الحفل الذي حضره سفراء عدد من الدول والكثير من مراسلي الصحف الأجنبية. 

أولى تلك الرسائل هي:

أن لجيش مصر مهام كثيرة، في مقدمتها حماية حدود الوطن، وما يشاع عن أنه هو من يقوم بإنجاز جميع المشروعات العملاقة، غير صحيح، فهي مشروعات يعمل بها ٥ ملايين عامل مصري، ينتمون للعديد من الشركات المدنية المتخصصة في الإنشاءات، وما دور الجيش إلا الإشراف والإدارة لمنظومة العمل، لضمان تحقيق الأهداف وفق خطط التنمية وفي جدولها الزمني المحدد.

 

الرسالةُ الثانية:

ما تم افتتاحه بالأمس من مشروعات تنموية عملاقة، في إقليم محافظات القناة، وهو إقليم واحد من عشرة أقاليم يجري تنميتها، الإقليم الأول بحلول ٣٠ يونيو ٢٠٢٠، تفتتح به مشروعات بكلفة ٨٠٠ مليار جنيه، وهو ما يعني أن الأقاليم العشرة تتكلف ٨ تريليونات جنيه في مدة زمنية أقصاها عامان آخران.

 

الرسالةُ الثالثة: 

مشروعات التنمية الشاملة، بمختلف أقاليم مصر، هدفها حياة أفضل للمواطنين، وخلق فرص عمل للشباب.

 

الرسالةُ الرابعة: 

بالرغم من الكثافة السكانية المحدودة بسيناء، إلا أنها استحوذت على النصيب الأكبر من الإنفاق على التنمية في إقليم محافظات القناة، لسبب مهم، هو الإدراك من القيادة السياسية، أن مجابهة الإرهاب لا ينبغي أن تكون أمنية فقط، بل فكرية، وثقافية واقتصادية، والتنمية سلاح قوي لمكافحة التطرّف.

 

الرسالةُ الخامسة: 

الدول لا تبنى بالدلع، بل بالعمل والصبر والالتزام، والاستقرار، فلن يأتي أحد للاستثمار في مصر، بدون استقرار حقيقي، وما تحمّله المصريون من إجراءات إصلاحية، يدرك المصريون أهميتها.

 

الرسالة السادسة: 

ما يروجُ عن مصر بشأن حقوق الإنسان وغيرها، يتجاهل أن الشعب المصري، ثار في ٢٠١١، وفِي ٢٠١٣، وذلك الشُعب الذي ثار ثورتين، يستطيع أن يفعلها مرة ثالثة ورابعة، ولا يسمح بانتقاص حقوقه، لكنه شعب يملك من الوعي، ما يجعله قادرًا على إدراك، إذا ما كانت معاناته، ينتج عنها إصلاحات حقيقية، من عدمه، فالشعب يعلمُ من يعمل بصدق من أجل الوطن، ومن أجل الأبناء والأحفاد، وهناك من ضحوا بدمائهم من أجل أن تعيش مصر وشعبها.

 

الرسالةُ السابعة: 

ما يتم إنجازه، هو نتاج منظومة عمل، عملاقة، تُمكن من التنقل من بورسعيد غربًا، إلى سيناء شرقًا، ومنها طرق، تَنقل المواطن للعريش شمالًا، وشرم الشيخ جنوبًا، فسيناء بها الآن شرايين تربطها وتؤسس للتنمية.

 

الرسالةُ الثامنة: 

مصر تتصدى لتحدياتها، تم الاستغلال الأمثل لمياه المخلفات، التي كانت تلقي في بحيرة التمساح، وبحيرة المنزلة، لنقلها عبر ترع إلى الشرق بسيناء عن طريق سحارة سرابيوم، لتنقية ٢ مليار متر مكعب سنويًا من المياه المهدرة، لزراعة ٤٠٠ ألف فدان جديد في سيناء، وتطهير البحيرات التي كانت تستقبلها. تلك المشروعات، والمزارع والبنية التحتية، نهضة حقيقية، تخلق ملايين فرص العمل، وتسمح بانتقال ٣ ملايين مواطن من مختلف محافظات مصر لسيناء، فرص عمل وتنمية، وحماية للأمن القومي المصري.

أخيرًا نستطيع أن نقول إن حلولًا جذرية، يجري إنجازها لمشكلات كانت عصية في عهود سابقة، نستطيع أن نقول لسيناء بالإنجازات يا حبيبتي يا سيناء، نحتفل، لا بالأغنيات فقط كما كان.

وما يجري إلا خطوة على الطريق الصحيح، عاشت مصر وشعبها الأبي، وكل لحظة وشعب مصر في تقدم.

[email protected]

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز