عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
أوسكار

أوسكار

بقلم : سامية صادق

شعرت وهو يتحدث عنها كأنه يتمنى لو تزوج بمثل هذه المرأة المخلصة وعاش الدفء العاطفي الذي يفتقده والذي تمنحه تلك المرأة لزوجها.



لقد استطاعت بحنانها وعطائها وتفهمها لشخصية زوجها وطبيعته ومتطلباته أن تكفيه عن نساء العالم!

ولكن أين زوجته من هذا النموذج.. فلم يشعر يوما معها أنها نصفه الآخر أو أنها تشبهه أو تكمله في أي شيء! أنه يعاني من الفجوة العميقة بينهما وعدم التكافؤ النفسي والعاطفي.. فرغم علمها ورقيها وكرمها وحسن خلقها.. إلا أنها أبدا لم تكن شريكة حقيقية لحياته.. أنها شريكته في قسيمة الزواج فقط وفي شهادة ميلاد أبنائهما.. لكن الحقيقة أنهما منفصلان تماما في المشاعر ولأحاسيس والاهتمامات.

لكن تلك السيدة التي يتحدث عنها بانبهار وإعجاب تمثل في رأيه النموذج الذي ينبغي أن تكون عليه الزوجة.

لقد اختار زوجها قاعة شهيرة بأحد فنادق النجوم الخمس من أجل الاحتفال بعيد ميلادها ودعا إليه أصدقاءهما وأقاربهما.. ذلك رغم الضائقة المالية التي يمر بها.. تحاول الزوجة المحبة والمقدرة لظروفه أن تثنيه عن ذلك وتقنعه أن يوفر المبلغ الذي يدفعه في تأجير القاعة وعلى العشاء الفاخر الذي أوصى عليه بنفسه.. وأن يكتفيا بالاحتفال بعيد ميلادها في البيت بين أبنائهما.. لكنه يرفض ويصر على الفندق الذي يراه يليق بهذه المناسبة العزيزة على قلبه.

كان يشرف على كل ما يخص الحفل بنفسه رغم مشغولياته الكثيرة وازدحام يومه.. كما يحرص أن يحضر له فستانا جديدا ولنفسه بدلة أنيقة.

يتوافد المدعوون على الحفل وهم في أبهى صورهم.. فالمكان المميز الذي يقام فيه والذي يلتصق اسمه بالأثرياء والمشاهير جعلهم يحضرون بأفضل ما لديهم.

يقف الزوجان في استقبال ضيوفهما بسعادة وهما بكامل أناقتهما وحيويتهما، كأنهما عروسان حديثا الزواج.

يتناول الضيوف العشاء الفاخر في أجواء شاعرية هادئة على أنغام موسيقى عمر خيرت.

وبعد الانتهاء من العشاء.. يلتفون حول التورتة ليحتفلوا بمضيفتهم وهي تطفئ شموع عام مضى وتحتفل بمجيء عام قادم.

يستأذن الزوج ضيوفه في أن يقدم لشريكة عمره هدية عيد ميلادها.

بينما العيون تتطلع إليه وتنتظر ماذا يقدم لها.. ليفاجئ الجميع بروعة هديته واختلافها.. لقد كانت غير تقليدية.. حيث قام بفتح صندوق عاجي أنيق ثم أخرج منه تمثالا صغيرا ذهبيا يشبه ذلك الذي يمنح للفائزين بجوائز الأوسكار.. ويقول وهو يضم زوجته بعينين عاشق:

شكرا لك.. لقد كنت لي نعم الزوجة ونعم الحبيبة ونعم الصديقة.. لقد كنت لي الظهر والسند في كل ما مررت به من صعوبات وأزمات في حياتي.

شكرا لك لقد شاركتني المرة قبل الحلوة وتحملتني في الفقر قبل الغنى.

شكرا على ابتسامتك التي لم تفتر وعلى بشاشتك التي لم تخفت وعلى حبك الذي لم ينقص.

كانت الزوجة تسمع لزوجها وهي لم تسطع أن تسيطر على دموعها.. بينما المدعوون يصفقون لهما بحماس

ثم يبدأ الزوج في توجيه خطابه للحضور قائلا:

لقد فكرت في طريقة جديدة أعبر فيها عن شكري وامتناني لزوجتي الغالية.. فقررت أن أمنحها (الأوسكار) على الدور العظيم الذي لعبته في حياتي.. فذهبت بنفسي لأحد كبار النحاتين وطلبت منه أن يصنع تمثال له ملامحها الجميلة وابتسامتها الدائمة وأن يكون من الذهب على غرار ذلك الذي يمنح في جوائز (الأوسكار).. وقد نفذ الفنان ما طلبته منه بالضبط.. وأبدع تمثالا رائعا يليق بحبيبتي.

واسمحوا لي أن أسرد عليكم موقفا واحدا من مواقفها العظيمة معي التي لا تعد ولا تحصى والتي دائما ما تمس قلبي ووجداني.

فيقول وهو يضمها بنظرة حب وامتنان:

لقد مررت بوعكة صحية شديدة ألزمتني الفراش لفترة ليست بالقصيرة.. وكعادة زوجتي الحبيبة كانت دائما بجواري ومعي.. لم تتركني أو تتخلى عني ولو للحظة واحدة.. بل وتفعل أقصى ما في وسعها من أجل شفائي والتخفيف عني.. كانت تحاول أن تبدو أمامي متماسكة قوية حفاظا على نفسيتي.. وتحاول أن تطمئنني دائما بابتسامتها الطيبة الحانية وكلماتها الرقيقة المشجعة وتوكد لي أنني سأشفى بإصراري وإيماني بالله وتنفيذ تعليمات الأطباء.. بينما كنت أشعر بحزنها وتمزقها وانهيارها الداخلي كلما رأتني لم أقو على المشي أو الحركة لأيام طويلة.. كما كانت تقوم بدور الممرضة المجتهدة فتعطيني الدواء في مواعيده وتقيس لي الضغط والحرارة وتطهو لي بنفسها الطعام الذي حدده الطبيب رغم وجود طباخ في بيتنا! كما تفاجئني بإعداد ملف خاص بحالتي الصحية يضم كل ما يتعلق بمرضي من التحاليل والأشعات والروشتات والأدوية والتقارير الطبية.. حتى إن الطبيب المعالج أبدى دهشته وإعجابه من دقة الملف وأكد لها أنه سهل عليه مهمته.

كان موقفها يزيدني حبا وعشقا وارتباطا بها.

ولم أستطع أن أسيطر على دموعي وخفقات قلبي حين سمعتها وهي تدعو الله في خشوع وتوسل أن يشفيني ويمنحني الصحة والعافية.. حتى إنها انحنت وقبلت قدمي التي تبللت بدموعها.. لقد كانت تعتقد أنني نائم بينما كنت أشعر بها وأسمع دعاءها وأحس بشفتيها وهي تلثم قدمي.. فبكيت وحمدت الله أنه أكرمني بزوجة صالحة وفية يظهر معدنها الطيب في وقت الشدة قبل الرخاء.

ومنذ ذلك اليوم وأنا أقبل كل يوم قدميها امتنانا واحتراما وتقديرا لها.

واليوم أحب أن أشكرها على الملأ وأهديها (الأوسكار) الذي يحمل ملامحها الجميلة.. وأعترف لها أمام الجميع بأنني سأظل أحبها وأدين بجميلها إلى آخر يوم في عمري.

ثم يقترب الزوج من زوجته ويقبلها في جبينها أمام الجميع قائلا:

شكرا حبيبتي

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز