عاجل
الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
روح النصر

روح النصر

بقلم : عصام شيحة

لا شك أن انتصار السادس من أكتوبر، العاشر من رمضان، قد نثر في الأجيال، التي تلت النصر بذورًا ستظل تطرح ثمارها الطيبة متى استلهمنا ما في النصر من عِبر ودروس تتجاوز بكثير حدود التفوق العسكري، الذي حققه المقاتل المصري البطل على أرض سيناء الحبيبة.



 

 وبالفعل طرحت هذه البذور وأينعت ثمارها فيما نراه من مشروعات قومية عملاقة، عملقة نصر أكتوبر في سماء العسكرية المصرية، والتي يتكرر افتتاحها في مصر بشكل لافت للنظر، وآخرها أنفاق "تحيا مصر" العملاقة بين الوادي وسيناء، وغيرها من المشروعات الأخرى.

 

وبالنظر إلى ما يتم إنجازه بالفعل في مشروعات أخرى تنتظر الافتتاح قريبًا بإذن الله، يمكن التأكيد، دون شك، على أن مصر تمر بمرحلة استثنائية فارقة في مشوارها الشاق نحو تحقيق التطلعات الشعبية المشروعة في حياة كريمة حرة، مستندة إلى قيم ومبادئ نصر أكتوبر، وما به من تضحيات وإيثار، وإعلاء من شأن الوطن فوق كل شيء، استنادها إلى كافة المعطيات التي أفرزتها العلاقات الدولية المعاصرة؛ إذ دائمًا ما نؤكد أن السياسة الخارجية إنما تُصنع بالداخل، مثلما التشابك الشديد والتعقيد والتفاعل من السمات الرئيسة التي تجعل من مُجمل مضامين التنمية، السياسية والاقتصادية والاجتماعية، سبيكة واحدة لا يمكن فك ما بها من ترابط.

 

ولعل الجديد في المرحلة الراهنة من عمر الوطن يكمن في قدرة الدولة على نيل تقدير المؤسسات الدولية لصحة توجهاتها، وما تبذله من فكر وجهد في سبيل تحقيق أهدافها، بالتوازي مع ما يشعر به المواطن من تقدم في السياسات العامة التي تُدار بها الدولة. وليس وراء ذلك إلا روح انتصار العاشر من رمضان العظيم.

 

فقد جربنا في عهود سابقة أن الدولة تنال رضا المؤسسات الدولية بما تحققه من معدلات نمو تجاوزت أحيانًا 7%، لكن المواطن لم يكن أبدًا يشعر بها، ولم يجد لها أثرًا في حياته، بل أن معاناته كانت تتزايد فيما يلاقيه من عناء يومي أثناء محاولاته تسيير أموره اليومية. ووقتئذ قيل إن التنمية يتم اقتطاف ثمارها في الطبقات الأعلى، ولا تصل إلى يد المواطن البسيط. أما وقد علمنا نصر العاشر من رمضان أن المقاتل، الإنسان المصري، كان المفاجأة الحقيقية في حرب 1973، كما صرح قادة العدو الإسرائيلي، فإن الإنسان المصري هو الهدف الأسمى من وراء كل جهود التنمية، مثلما هو بانيها الحقيقي.

 

 وبالفعل ليس إلا المواطن العادي جوهر ومحور اهتمام القيادة السياسية الحالية، ومن هنا كان السعي بجدية صوب تحقيق تقدم ملحوظ في مجال التنمية البشرية، تلك التنمية التي تعني بالإنسان بالأساس، وتعتبر أن المواطن هو باني حضارته، وهو الهدف من التنمية مثلما هو مُحركها الأول. وعليه فقد انحازت جهود الدولة إلى ملفات بعينها تمثل مركز احتياجات المواطن، مثل الصحة والتعليم والإسكان وغيرها من المجالات التي يلمس المواطن بنفسه حجم التقدم الحاصل فيها، إلى جانب رفع الحد الأدنى للأجور مؤخرًا إلى 2000 جنيه شهريًا، فضلًا عن دعم وتعزيز برامج الأمان الاجتماعي إلى حدود غير مسبوقة في مصر. ولست أشك أن في الطريق إلى المواطن البسيط المزيد من المكتسبات التي يستحقها بالفعل، بعد أن كان هو البطل الحقيقي لعملية الإصلاح الاقتصادي، كما صرح بذلك كثيرًا الرئيس السيسي.

 

وبالتوازي مع الجهود المبذولة في سبيل رفع المستوى المعيشي للناس، لا تفتر قبضة الدولة في مجابهة أعداء الوطن، في الداخل والخارج على السواء، بل وتحارب الإرهاب وحدها، وبصدور أبنائها وحدهم، كما هي عادتهم وهم يواجهون أعداء الوطن. صحيح أن مصر تلقي كل التأييد من القوى الإقليمية الدولية الحريصة على تطبيق صحيح القيم والمبادئ التي تقوم عليها الشرعية الدولية، إلا أن الحرب ضد الإرهاب على أرض مصر، مصرية خالصة، تتحمل نفقاتها خزينة الدولة، رغم ما تحمله من أعباء ضخمة.

 

 وتمتد روح النصر، روح العاشر من رمضان، السادس من أكتوبر 1973، فلا تكتفي الدولة المصرية بما تبذله من جهود تنموية، وحرب مع الإرهاب، فتتجه بعزيمة لا تلين إلى إجراء إصلاحات سياسية حاسمة، تصحح الكثير من المعوقات، التي كانت تقف في سبيل تحقيق استقرار الوطن بدعاوى كاذبة ومنحازة إلى أعداء الوطن، لا تعرف سبيلًا إلى المسؤولية الوطنية.

ومن هنا كانت التعديلات الدستورية الأخيرة التي هيأت سُبل الاستقرار، وقدمت العون لكافة الجهود الوطنية المخلصة الساعية بصدق صوب مواجهة ما يحيط بنا من تحديات ومخاطر.

 

كذلك فقد سعت مصر ونجحت بالفعل في استعادة دورها الإقليمي الرائد، وباتت قوة إقليمية فاعلة في كافة الملفات الساخنة بالمنطقة، وأصبحت كلمة مصر مطلوب سماعها من جانب القوى الدولية قبل تمرير سياساتها في المنطقة الأكثر سخونة في العالم، والتي تحتفظ لمصر بمكانة تاريخية لا يمكن النيل منها تحت أي مزاعم من صغار المنطقة وتجار السياسة فيها من ممولي الإرهاب.

على هذه الخلفية يمكن قراءة واستيعاب التقرير الأخير لصندوق النقد الدولي، الذي أشار إلى أن المؤشرات الكلية للاقتصاد المصري شهدت تحسنًا ملحوظًا منذ انطلاق عملية الإصلاح الاقتصادي في نوفمبر عام 2016، وتوقع التقرير أن ينمو الاقتصاد المصري 2019 ـ 2020 نحو 5.9% مقارنة بـ 5.5% خلال العام المالي الحالي 2018 ـ 2019. وتوقع التقرير أن ينخفض التضخم في مصر من 14.5% في نهاية العام المالي الحالي 2018 ـ 2019 إلى 10.7% للعام المالي 2019 ـ 2020.

 

وعندما تحقق مصر هذه النجاحات، وبحسابات المؤسسات الدولية التي لا تعرف المجاملة، وبالتوازي مع ما تحققه من إنجازات في كافة مجالات التنمية، كما سبق الإشارة عالية، فإن أملًا حقيقيًا يمكن الوثوق في إمكانية إدراكه بما يُهيئ للوطن موقعًا أفضل بين الأمم، بما يناسب مخزونه الحضاري الهائل، وإسهاماته الفريدة في تقدم الحضارة الإنسانية، وأيضا بما يعادل حجم التضحيات التي يقدمها أبناء الوطن في كافة مجالات التنمية، سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، في الوقت ذاته الذي تخوض فيه حربًا شرسة لن تخمد نيرانها قبل القضاء على الإرهاب واقتلاع جذوره من مصر. فلا تندهش...فهذه مصر التي يعرفها التاريخ... والحاضر أيضًا. طالما تمسكنا بروح النصر.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز