عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
بماذا تحلم هذه السيدة؟

بماذا تحلم هذه السيدة؟

بقلم : سامية صادق

هل تسقط أحلامنا بالتقادم؟!



هل تستطيع طاحونة الحياة أن تطحن مشاعرنا الحقيقية تحت تروس روتينها اليومي واللهث وراء المتطلبات الأساسية فتقتلها كما تقتل أشياء كثيرة أخرى بداخلنا؟!

سؤال سألته لنفسي مرارا..

وعرفت إجابته حين التقيت ببعض النساء والرجال ممن اعتقدوا أنهم استطاعوا وأد أحلامهم والانتصار لواقعهم.. ورغم ذلك ظل الحلم بداخلهم يئن ويصرخ ويقاوم ويتمسك بالحياة.. فالأحلام الصادقة لا تموت..

وكانت آخر من التقيت بها وأكدت لي هذه الحقيقة.. تلك السيدة التي كنت أتجنب الوقوف معها وتصر أن تستوقفني فأضطر أن أصافحها وأستمع إليها..

علاقتي بها علاقتي بسابع جار فهي تسكن في نفس منطقتي لكن يبتعد سكنها عن بيتي كثيرا ورغم ذلك كلما رأتني تسألني سؤالها الذي لا تمل منه:

تزوجت ولا لسه؟

في هذه المرة كانت مختلفة.. لم تسأل سؤالها المتكرر.. بل تظل تحكي معي وتفضفض في أمور خاصة لا تتناسب مع علاقتي المحدودة بها!

شعرت بأن هناك شيئا ثقيل يجثم على صدرها وتريد أن تزيحه فأشفقت عليها.. وشجعتها على مزيد من الفضفضة بإظهار تجاوب مع حديثها والابتسام لها..

فتقول وقد خيم الأسى على وجهها الأسمر العريض:

تزوجت وأنا فتاة صغيرة في التاسعة عشرة من عمري.. كان شابا صغيرا أيضا يكبرني بعامين فقط.. وعلى قدر من الوسامة وخفة الدم.. شاهدني في عيد ميلاد صديقتي.. لم يرني جميلة.. لكنه أعجب بحيويتي وضحكتي الدائمة كما قال لي بعد ذلك.. لقد كنت محبة للحياة.. لا أحمل للدنيا هم.. أملأ الأَماكن التي أتواجد بها بالمرح والبهجة.. فألفت الأنظار وأقتحم القلوب كما كان يقول لي الآخرون.

ويتقدم للزواج مني.. لكنني كنت مرتبطة بشاب آخر لبناني وسيم ذي عيون زرقاء وطول فارع.. تعرفت عليه في الإسكندرية، حيث كنت أعيش هناك وكان يعمل بحارا على إحدى السفن.. وكلما جاء إلى مصر ألتقي به ويهديني الورد وقطع الشوكولاتة.. حتى إنني كنت أحتفظ بورق الشوكولاتة التي، يهديها لي.. عشت معه أجمل قصة حب يشهد عليها بحر ورمال وهواء الإسكندرية.. وحين يسافر أمضى شهورا وأسابيعا في انتظاره إلى أن يعود.. أعيش على ذكرى لحظاتي الجميلة معه.. لكن أبي تاجر الفاكهة الصارم لا يعترف بالحب وربما لو اعترفت له بأنني أعرف شاب لقتلني! ويوافق على العريس الذي شاهدني في عيد ميلاد صديقتي لأتزوج منه خلال شهرين فقط وانتقل لبيته في القاهرة!

ويعود حبيبي من لبنان ليجدني قد تزوجت.. فيصدم وينسحب من حياتي إلى الأبد.. فلم يحاول رؤيتي أو الاتصال بي!

ورغم أن زوجي ليس بالشخص السيئ.. لكنه لم يستطع أن يمنحني الحب كما منحه لي الحبيب اللبناني.. فهو رجل تقليدي يعمل موظفا بإحدى المصالح الحكومية.. حين يأتي من عمله يتناول طعام الغداء ثم ينام بعدها ساعتين ثم يستيقظ يشاهد التليفزيون أو يجلس مع الأبناء إلى أن ينام.. فهو لا يحب الخروج ولا تناول الطعام في المطاعم... وأتذكر أنه لم يهدني يوما وردة أو يصنع لي مفاجأة أو يحضر لي هدية أو يصطحبني للسينما.. ويعتقد أنه طالما يوفر لي المال الذي أشتري به احتياجاتي فلست في حاجة لهداياه أو زهوره.. أنه رجل طيب لكنه لا يفهم نفسيتي ولا يقدر مشاعري فنحن مختلفان في كل شيء.. أحب السهر ويحب النوم بدري.. أحب الزهور وهو لا يعترف بجمالها ولا يفهم لغتها.. أحب الناس والحياة الاجتماعية وهو يفضل الجلوس في البيت والأكل حتى زاد وزنه بشكل لافت وهو غير مبال!  فصارت حياتي معه كالمياه الراكدة تسير على وتيرة واحدة بلا تغيير بلا جديد.. فأصابها الملل والفتور.. ولولا وجود أبنائي الثلاثة في حياتي لأوشكت على الجنون.

تصمت السيدة وتقول وهي تشرد بعينيها بعيدا:

أتدرين بماذا أحلم بعد كل هذا العمر الطويل؟

أقول وأنا أزفر تنهداتي:

بماذا تحلمين؟

تقول السيدة وفي عينيها نظرة حالمة:

أحلم أن أرى حبيبي اللبناني ويهديني الورد والشوكولاتة!

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز