عاجل
الأربعاء 8 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
العقاد محللاً وناقداً كرويًا!

العقاد محللاً وناقداً كرويًا!

بقلم : رشاد كامل

لم يترك الكاتب الكبير الأستاذ «عباس محمود العقاد» مجالاً إلا وكتب فيه وتناوله من جميع الجوانب، وأحاط به إحاطة شاملة كاملة!!



وأتاح العمل الصحفى للأستاذ «العقاد» أن يكتب فى كل شىء وبنفس العمق والجدية التى كتب بها سلسلة «العبقريات» وغيرها من كتب الدراسات النقدية والأدبية ودواوين الشعر.. وغيرها!!

وفى ستينيات القرن العشرين وما قبلها كان العقاد يكتب بانتظام فى الزميلة الأخبار «يوميات» أسبوعية تناول فيها تعليقاته على الأحداث والبشر وملاحظاته الفنية والأدبية بل الكروية أيضًا.

كتب العقاد عن «التفوق فى كرة القدم» و«هبوط الرياضة عندنا» و«مدارس كرة القدم» و«الفول المدمس» وغيرها من المقالات!

يقول الأستاذ «العقاد»: لاحظ بعض النقاد الرياضيين أن لاعب الكرة المصرى يفوق غيره فى براعة اللعب، ولكن الفرق المصرية تنهزم أحيانًا أمام الفرق التى لا تساويها فى براعتها لأن اللاعب المصرى يحب الانفراد بالإصابة ولفت الأنظار ولا يلعب متعاونًا مع زملائه.

ملاحظة يمكن أن تقال عن كل ميدان من ميادين الحياة المصرية ولا يقصرها الناقد على ميادين الألعاب.

وعن «مدارس كرة القدم» يكتب العقاد محللًا وشارحًا فيقول:

«يعرف خبراء كرة القدم أربع مدارس مشهور لهذه اللعبة وهى:

المدرسة الأيقوسية: وهى التى تعتمد على الضربات القريبة مع ملاحظة أساليب الشخصيات اللاعبة التى تنتقل بالكرة منها وإليها لحظة بعد لحظة!

والمدرسة الإنجليزية وهى التى تعتمد على الكرة نفسها وعلى اللاعب الذى يصادفها بعد وصولها إليه ولو ابتعدت المسافة بين من يرسلها ومن يتلقاها!

والمدرسة الأوروبية وهى تجمع بين الطريقتين على حسب المناسبة وتضيف إليهما شيئًا من ألاعيب المناورة والرشاقة.

والمدرسة الأمريكية التى يسمونها مدرسة «مائة ريال» ويشرحونها على وجوه كثيرة، أقربها إلى الواقع أنها توزع الحركة نصفين متعادلين بين خطة الدفاع وخطة الهجوم، وبين الابتداء بالسرعة أو تأجيل السرعة إلى الأشواط الأخيرة!

وينتقل «العقاد» بعد ذلك إلى حال الكرة المصرية فيكتب قائلاً:

«ويقول خبراؤنا الوطنيون إن الأندية الرياضية عندنا أخرجت من اللاعبين الممتازين طائفة تضارع نظراءها فى كل مدرسة من هذه المدارس العالمية، ولكنها إلى الآن لم تخرج «مدرسة كاملة» تجرى على خطة متفق عليها بين اللاعبين ومن هنا تتسرب إليها الهزيمة حيث ينبغى أن تنتصر، لولا هذا التخاذل فى تطبيق الخطة العامة.

فاللاعب الممتاز عندنا يعرض «ما على الحبل كله» دفعة واحدة فى ميدان اللعب، فيحاور ويناور ويسرع ويتراجع ويقارب ويباعد ولا يعنيه فى جميع هذه الحركات أن يختار لها مناسباتها أو من يناسبونها من الزملاء والخصوم!

والمطلوب إذن - هو الاتفاق على مدرسة تحكم اللعب فى الميدان، كائنًا ما كان الأسلوب الذی يبرع فيه اللاعب على حدة، وليس بالعسير بعد ذلك أن يوجد عندنا الفريق الذى ينازل سادة اللعب فى جميع الميادين.

وبعد يومين تبتدئ الدورة الأوليمبية فى العاصمة الإيطالية وتشترك فيها أشهر الفرق العالمية، ولا نستهين بالفخر الذى نناله إذا كان لفريقنا نصيبه من الفوز فى هذا السباق المشهور».

••

وينتهز «العقاد» فرصة هجوم النقد الرياضى على اللاعبين المصريين وهزيمتهم فى المباريات بسبب تناولهم «الفول المدمس» قبل اللعب فيكتب:

«الفول المدمس مظلوم وأول من يظلمه أولئك الوطنيون الذين يحملونه تبعة «الوخم» كله، ولو شاءوا لأنصفوه وشكروه كلما تعددت أمامنا عيوب التغذية الناقصة التى يعوضها هذا الفول المظلوم!

 والفول المدمس - مع البصل شريك فى التهمة - هو المسئول على رأى - متفرج قديم - عن هزائمنا فى ميادين الألعاب الرياضية، لأن السيد المتفرج القديم «يأبى أن يعجب لهزيمة اللاعب الذى يحشو معدته بالفول والبصل قبل ذهابه إلى الميدان، وهما - على حد القافية التى يحسنها المتفرج القديم - ضرب من الأسمنت المسلح لا يصلح سلاحًا للغلبة فى ميدان كرة القدم، اللهم إلا غلبة النوم!!

ولسنا نزعم أننا نعرف نظام الوجبات عند أبطالنا الرياضيين، ولكننا نعتقد أنهم يحرصون على التغذية الصالحة فى يوم اللعب على الأقل، إن لم يحرصوا عليها فى وجباتهم المنتظمة خوفًا على السمعة وحكم الصنعة، وهما سيدان يتمتعان بالطاعة ممن لا يطيع أحدًا فى عالم الرياضة البدنية على اختلاف الطلاب!

إلا أن عشاق المائدة الحافلة من أبطال الألعاب الرياضية يستطيعون أن يطمئنوا على هوايتهم المحبوبة بعد الإصغاء إلى تجارب الخبراء فى فنون المائدة وفنون الميدان.

فالظاهر من «تحقيقات» هؤلاء الخبراء أن صداقة اللعب لا تستلزم عداوة الطعام، وأن تكاليف الصيام الرياضى ليست من الصعوبة ولا من القسوة بحيث تتعسر على اللاعب الغيور فى يوم المعركة وفى غيره من أيام «السلام».. أو أيام الأجازة من خط القتال!

ويقول الخبير العالمى « لوفتاس توتنهام» فى كتابه الأخير عن فن كرة القدم الحديث: «إنك لهذا السبب أو لذاك قد يتعذر عليك أن تتناول وجبتك الوافية قبل موعد اللعب بالساعات الثلاثة المطلوبة، فماذا عساك أن تصنع؟

إن كل إنسان بصير بنفسه فيما أعتقد، وعليه أن يعرف بالخبرة ما يصلح له فى كل حال، وقد يرى بعضهم - وأنا منهم - أن جهازهم الهضمى من القوة بحيث يحتمل تناول الوجبة المطلوبة قبل موعد اللعب بساعة واحدة أو أقل من ساعة.

وقد يشق ذلك على آخرين فلا تحتمله معداتهم الحساسة، ولكننى أشعر يقينًا بأن الأفضل من الأمرين أن تتزود بالطعام الذى يعطيك الطاقة ولاتذهب إلى الطرف الآخر فى إجتناب التغذية!

ويبدو لى من مراقبة اللاعبين الشبان مرة بعد مرة أن اللاعب الذى لا يستوفى غذاءه يعجز عن الثبات فى المباراة الشاقة إلى النهاية!

أما فى عامة الأيام - غير يوم اللعب - فهذا اللاعب الفخور بمعدته يقول إن الرياضى الصادق لا ينبغى أن يحذر شيئًا على المائدة غير الطعام الموصوف للسمنة وزيادة الوزن وهو معروف! وإنه إذا فاته المقدار اللازم من أغذيته المألوفة واضطرته الدعوة العاجلة إلى اللعب فى يومه على حين غرة، فلا حرج عليه من التهام ست ملاعق جلوكوز فى قدح من الماء أو الشاى قبل اللعب بنصف ساعة، وفيها الكفاية لضمان النشاط إلى نهاية الشوط!

بهذه الوصفة من أبناء الصنعة المختصين يستطيع أبطالنا اللاعبون أن يأكلوا على هواهم وأن يتسلحوا بالفول والبصل وهم على استعداد للغلبة على خصومهم، فليس الذنب للفول والبصل فى معاركنا الرياضية المفقودة وليس الصيام عن فولنا وبصلنا ضمانًا للغلبة على النوم أو الغلبة على الخصوم الأيقاظ.

ولكن السر كله فى البراعة المبعثرة على غير هدى، وقد يكون نصف البراعة الملمومة أنفع من عشر براعات مبعثرات على حد قول القائل الذى نستمع إليه والعهدة عليه، وما على الرسول إلا البلاغ المبين.

وفى مقال ممتع للأستاذ «معتز شكرى» بعنوان «رأى العقاد فى الأهلى والزمالك» كتب يقول إن العقاد سئل فى إحدى ندواته الأسبوعية عن الأهلى والزمالك فقال:

لست من أنصار أحد الناديين وإن كنت أشاهد أحيانًا على الشاشة بعض المباريات الهامة، وأنى أحبذ المنافسة الرياضية الشريفة البعيدة عن التعصب الممقوت، وألاحظ أن الدولة والشعب يعنون تمامًا بهذه اللعبة الشعبية ولكن لم يتحقق فيها المستوى المطلوب ولا تزال الفردية وعدم اللياقة البدنية وعدم متابعة خطة محكمة، كل ذلك أصبح ظاهرًا فى الملاعب.

إن اللعبة جماعية وتحتاج إلى تعاون وتفاهم تامين، كما تحتاج إلى وضع خطة ينفذها اللاعبون بقوة ورجولة.

انتهى تحليل أستاذنا العقاد وأظن أن أغلب ما قاله هو الصح بعينه!

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز