عاجل
الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
(النصف غير الآخر) قلوب الشعراء

(النصف غير الآخر) قلوب الشعراء

بقلم : سامية صادق

التقيت بهما في دار الاوبرا منذ عدة سنوات ..أثناء حضوري   لأمسية شعرية  تقدم  عددا من الشعراء الشباب الجدد ...سمعتها وهي تلقي قصيدة عامية تدين فيها الفساد...أعجبت بطريقة ادائها وبساطة كلماتها ...وشاهدته أيضا على نفس المسرح وقد ألقي شعر غزل باللغة العربية الفصحى حظيت بتصفيق طويل من الحضور...كان لافتا ببشرته السمراء الجذابة وعيناه الذكيتان اللامعتان ووسامته غير التقليدية وجسده القوي  الفتي ....لم يلق عليه ان يكون شاعرا رغم رصانة اللغة لديه  وعمق المعاني ...أن شكله أقرب لنجوم السينما !!



وكنت قد إصطحبت معي لدار الأوبرا صديقة  قد تعرفت عليها حديثا ... وحين أخبرتها أنني سأذهب للأوبرا  طلبت مني أن تذهب معي فوافقت.

بعد إنتهاء الأمسية جلسنا في كافتيريا مسرح الهناجر   ...وبها إلتقيت بهما... الشاعر والشاعرة اللذين إستمعت لشعرهما منذ قليل ...فحين عرفا أنني صحفية حضرا لمصافحتي ...دعوتهما على فنجان شاي وجلسا على مائدتنا ...وأخبراني  أنهما مخطوبان...يا الله... لأول مرة أرى شاعر سيتزوج شاعرة!!!...أن الرجل بطبيعته يهرب من المرأة المثقفة ويهيئ له أنها ستحوله بيته إلى ندوة ثقافية!! وستصدعه بمعرفتها وثقافتها وإستعراض قراءاتها!!... فما باله لو كانت  شاعرة!!!  يعتقد أنها ستوقظه من النوم بقصيدة  للمتنبي وتمسيه بمعلقة لزهير إبن سلمى... وتستقبله برباعيات الخيام!!!

ولكن هذا الشاعر الذي يجلس أمامي شجاعا واثقا من نفسه لا يخشى المثقفات الموهوبات!! ... فيتفاخر بحبه لتلك الشاعرة التي تجلس أمامي أيضا...ورغم أنه كان لافتا وسيما أنيقا إلا أنها لم تكن جميلة ولا أنيقة  مثله!! ولكن  هكذا  يكون الحب  لا يعترف بالمنطق ولا بالتكافؤ!! ...ظلا يتحدثان عن قصة حبهما التي بدأت منذ النظرة الأولى حين إلتقيا لأول مرة  بسور الأزبكية بمعرض الكتاب وهما يقلبان بين كنوز الكتب القديمة يبحثان عن مجلدات الشعر والأدب حتى وقعت أيديهما معا على مجلد عن الشعر الجاهلي كانا يبحثان عنه وكل منهما يصر أن يأخذ الكتاب لنفسه ويؤكد أنه قد سبق في وضع يده عليه وأحق به من الآخر ...وتحولت المشادة الخفيفة إلى بداية لقصة حب عميقة ...ومنذ تلك اللحظة التي مر عليها خمس سنوات  تعانقت أرواحهما ولم يستطيعا أن يتركا بعضهما إلى أن صارا روحا واحدة وقلبا واحدا  وكيانا واحدا... حتى أنهما  يفهمان بعضهما  بدون أي كلام ...ويتحدثان وهما صامتان!!!

وربما لو ذهبت لمكان دون أن تخبره يدله قلبه على عنوانها فتجده أمامها يحتضنها بعينيه وإبتسامته ...ونفس الشي بالنسبة لها أن حبيبته يمكنها أن تعرف في أي وقت وفي أي ساعة أين هو وماذا يفعل!!!

أنه نوع فريد من الحب تتوحد فيه الأرواح ويتكشف مكنون كل منهما للآخر كأنها نفسه!!!

كانا يتسابقان  في الحديث عن حبهما وفي سرد المواقف والحكايات ووصف المشاعر التي تدلل على هذا الحب العظيم.

حتى أنهما كتبا قصائد مشتركة ألقياها أمامنا ...فكان يلقي بيتين وتكمل حبيبته له ببيتين آخرين بصوت حاني حالم كأنه همس القلوب العاشقة  ...يالها من قصة جميلة مؤثرة.. وياله من حب حقيقي يندر وجوده في تلك الأيام ...تركتهما وأنا أحلم أن أعيش مثل هذه القصة الرومانسية الخالصة  التي تجمعهما وتظلل على قلوبهما وتجمل حياتهما ...بالتأكيد لقد  عرفا السعادة الحقيقية ...فالسعادة في تقديري تتلخص في الحب.

لقد تركا بداخلي إحساسا جميلا وأثرا طيبا  حتى بعد أن غادرت المكان...وشعرت أن القلوب لازالت بخير ولا زالت تنبض وأن المشاعر موجودة  ولم تمت...حتى أنني حفظت بعض ما ألقياه من شعر ووجدت نفسي أردده لعدة أيام!!

لم يكن قد مر  أسبوع  على هذا اللقاء إلا وتلقيت تليفون من الصديقة التي تعرفت عليها حديثا وحضرت معي الأمسية الشعرية..وخلال المكالمة ذكرت ما ماصدمني...لقد أخبرتني أنها كانت في موعد غرامي منذ يومين مع هذا الشاعر الذي قابلناه في الاوبرا !!

قلت لها وقد بدت صدمتي في نبرات صوتي:

كيف ذلك أنه خاطب وخطيبته شاعرة تحبه جدا .. أنها تلك الفتاة التي كانت تجلس معنا وقد سمعت بأذنك كيف كان يتحدث بحب عنها ويكتب  فيها الأشعار!!

تضحك الفتاة بسخرية قائلة:

انت لسة عايشة في الوهم ...حب إيه؟! لقد أخبرني أنها ليست خطيبته وأنها  تلاحقه وتجري وراءه وتريد أن تتزوجه بينما هو لايريد!!!

لا أصدق ما أسمعه ...

والفتاة تواصل حديثها:

لن أحكي لك ماذا حدث منه حتى لا تصدمي اكثر

فقلت بلهجة لا تخلو من قرف وإنفعال:

وأنا لا أريد أن أعرف شئ

لاأريد أن أعرف
 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز