عاجل
الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
فيضان الخير والقوة

فيضان الخير والقوة

بقلم : أشرف أبو الريش

نهر النيل هذا الشريان العظيم فرضت على ظروف النشأة منذ الصغر أنى تربيت على بعد خطوات من فرع رشيد .. عشقت النهر ولى معه ذكريات لا يمكن أن أنساها أتذكر تلك الأيام الجميلة عندما تخرج سيدات القرية يحملن «الزلع» وهى عبارة عن جرة كبيرة من الفخار  تملأ بالمياه لكى يشرب منها كل من فى الدار..



هذا الماء كان من فرع رشيد أحد فروع نهر النيل والذى يمر على عدد من محافظات الوجه البحرى بداية من القناطر الخيرية عند انقسام النهر لفرعين «دمياط ورشيد» كانت بلدتنا قرية «دلهمو» قطعة من الجنة ربوة عالية يحوطها النهر من كل مكان عبارة عن جزيرة صغيرة تبلغ مساحتها ما يقرب من ألف فدان ويزرع فيها كل المحاصيل الزراعية من القمح إلى الذرة والبرسيم وبعض من  ثمار الموالح والموز بالإضافة إلى البطيخ والشمام الذى أتذكر رائحته الطيبة ومذاقه الجميل وكنت أشاهد الأهل والأقارب وهم يزرعون البطيخ فى الأرض الواقعة على ضفتى النهر وكانت من الرمال البيضاء شديدة البياض كنا نأكل الخضروات مثل الطماطم والخيار والشمام بدون أى مبيدات أوأنواع من الكيماويات التى لا يخرج الزرع بدونها اليوم ..

كان النهر صافيا لا تلوث فيه وكانت صحة الناس فى هذا العصر منذ ما يقرب من 35  عاما قوية للغاية ينامون بعد صلاة العشاء ويقومون قبل صلاة الفجر يصلون وقتهم ويتوكلون على الله إلى حقولهم يزرعون ويحصدون والبعض الآخر يهيئون الأرض للزراعة وآخرون يسقون الأرض من مياه النهر العظيم .

كانت الحياة جميلة وبسيطة للغاية أنا شخصيا أدركت أن تلك الحياة تناسبنى فاخترت تلك العيشة المتواضعة ولا أشعر بلذة الحياة إلا فى رحاب الأرض وبجوار النهر.. أعود إلى النهر وتحديدا فرع رشيد الذى يحتل جزءا كبيرا فى تكوين شخصيتى قديما وأنا صغيرٍ .. أفرح عندما أشاهده مليئاً بالفيضان وأحزن عندما يجف وأشاهد الأسماك النافقة فى شهور الشتاء عندما تجف الأمطار الموسمية القادمة من إثيوبيا وهضبة الحبشة مرورا بالسودان وبعض الدول الإفريقية الصديقة .. بالأمس كنت بالقرب من النهر وقد فاض بين جانبيه بالخير .. المياه سريعة وقادمة بقوة جريان أكثر من رائعة شعرت وأن الحياة هبت من جديد فى النهر الذى أوشك على العجز والكبر والشيخوخة نتيجة سنوات من ضعف الدولة بعد عام 2011 وحتى 2014 بالفعل قلت المياه القادمة إلينا من بعيد وزادت الملوثات ومياه الصرف الصناعى.. وقل اهتمام الناس بهذا النهر العظيم الذى طالما كان مقدسا قديما عند الأجداد الفراعين وحتى أجدادنا فى العصر الحديث .. لكن عزائى الآن أننى أرى الخير قادم بإذن الله والخير بإذن لن ينقطع عن هذا البلد طالما كنا متحدين على كلمة واحدة لا يفرقنا أحد ،مؤمنين بأن العالم لا يحترم الدول الضعيفة التى هدمت جيوشها وتفرق شعبها مثلما هوحادث الآن فى بعض الدول الشقيقة.

يقول جمال حمدان من آخر الكلام: «فى كلمة واحدة. شخصية مصر هى التفرد». ومن منظور الجغرافيا يسلم بأن كل إقليم أوبلد هويقينا متفرد.. إلى حد أوآخر لأن الجغرافيا لا تكرر نفسها  ثم يوضح أن واقع الأمر بعد ذلك هوأن درجة التفرد هى التى تختلف. و«تأتى مصر بكل سهولة على القمة قمة التفرد» وتلك قيمة عبقريتها الإقليمية.. حياتها كلها هى النهر لا وجود لها بدونه.

الآن وفى هذا التوقيت نحمد الله عزوجل أن مصر القوية استطاعت أن تعيد الحياة مرة أخرى هذا العام من خلال فيضان ينعم بالخير على كل المصريين .. تحيا مصر.
 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز