عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
تجارة الحياة

تجارة الحياة

بقلم : د. داليا مجدى عبدالغنى

أعجبتني عبارة سمعتها في أحد الأعمال الدرامية في رمضان الحالي، وهي "كل ما تكسب حاجة، لازم تخسر قصادها حاجة"، بمعنى أنك لو كسبت الحياة الاجتماعية والشهرة، فستخسر العزلة والهدوء، وإذا كسبت الأموال، فستخسر راحة البال، وإذا كسبت الأولاد والعزوة، فستخسر سكينة النفس، فالحياة عندما تُعطي شيئًا، لا بد أن تأخذ شيئًا مكانه؛ لأن الإنسان من المستحيل أن يحصل على كل شيء فيها، ولا بد أن يتوقع الخسائر، وهو يفكر في حصد المكاسب، ومن يتخيل أنه سيأخذ كل شيء دائمًا، فهو لا يفعل شيئًا، سوى أن يخدع نفسه.



فكل ما على الإنسان أن يفكر فقط في أي الأشياء أفضل لديه وأهم، بمعنى ما سيكسبه، أم ما سيخسره، وعليه أن يختار ويُفاضل بينهما، وعندما يختار، عليه أن يتقبل نتائج اختياراته، أيًا كانت، فهذه هي حكمة الحياة، أن تمنحك شيئًا، وتحرمك شيئًا آخر؛ حتى لا تتحول إلى طاغية بلا قلب، فالله سبحانه وتعالى خلق كل شيء بقدر؛ حتى لا يتحول البشر إلى ذئاب، لديها شعور بأنها تملك كل شيء، فالإنسان الذي يملك كل ما يريد، إما يفقد مشاعره تمامًا، ويتحول إلى مُستبد، وتدريجيًا تموت بداخله أحاسيسه بأنه عبد، وأن في السماء إله، هو رب الكون، وهو مصيرها، فهذه حالة قد يُصاب بها، وقد يُصاب بالاكتئاب الشديد؛ نظرًا لعدم إحساسه بأنه يحارب، أو يحاول، أو يقاتل من أجل شيء.

فميزة الحياة هي أنك دائمًا لديك حلم تسعى لتحقيقه، وتحارب من أجله، وتعيش على أعصابك، حتى تصل إليه، وعندما يحدث ويتحقق، تشعر وكأنك ملكت الدنيا بين يديك، وإن حدث العكس، قد تحزن لفترة ما، طالت أم قصرت، ثم تقرر أن تحاول وتسعى من جديد.

ولا ننكر أن هناك أشخاصا، كانوا من المشاهير والمتميزين، عندما استشعروا امتلاكهم كل شيء، أصابهم اكتئاب، أودى بهم إلى الانتحار، فقد أنهوا حياتهم بأيديهم؛ بسبب شعورهم أنهم حصلوا على كل شيء، فكلمة الحلم ضاعت، والإحساس بالمقاتلة انتهى، وانتظار النجاح، والخوف من الفشل، لم يعد له وجود في حياتهم.

ولو حدث هذا، فستفقد الحياة معناها، ومذاقها، وطعمها، لذا تعلم أن تتقبل الهزيمة عندما تسعى للنصر، وتوقع الخسارة، وأنت تبحث عن الكسب، وانتظر الفشل، كما تنتظر النجاح، فهذه هي متعة الحياة الحقيقية، وهكذا، تعلم كيف تتاجر مع الحياة.

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز