عاجل
الثلاثاء 19 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
عن «الشعار» و«الشجرة الطيبة» و«نار الفساد الحارقة»

عن «الشعار» و«الشجرة الطيبة» و«نار الفساد الحارقة»

بقلم : أيمن عبد المجيد

ماذا يقول شعار «منتدى إفريقيا لمكافحة الفساد»؟



 

في مدينة السلام، شرم الشيخ، تغرس مصر، بيد هيئة الرقابة الإدارية، شجرة إفريقية طيبة، ستمتد- بعون الله- عامًا بعد عام، فروعها للسماء، مانحة دول القارة السمراء العذراء بخيراتها، ظلًا وفيرًا يحمي شعوبها، من نيران الفساد الحارقة.

القراءة المتعمقة، في شعار المنتدى الإفريقي الأول لمكافحة الفساد، توحي بالكثير من الدلالات والرسائل والأهداف، التي يسعى لتحقيقها.

فالشعار الذي جاء على شكل دائرة، تحمله قاعدة قوية «مصر ٢٠١٩»، ترمز لأرض مصر التي تحتضن المنتدى، الأول من نوعه، بالغ الأهمية، صاحبة التجربة البارزة في تحقيق معدلات غير مسبوقة في استراتيجية الإصلاح الشامل.

من تلك القاعدة المصرية الصلبة، تنطلق دائرتان نصفهما أشبه بكفي يدين تحملان قلب الشعار، أحدهما علم مصر، والآخر علم الاتحاد الإفريقي، الذي يرأسه الرئيس عبد الفتاح السيسي، هذا العام، وفِي نصف الدائرتين الأعلى كتُب اسم المنتدى الذي يشبه المظلة.

المظلة تُظل تكوين قاعدته «AACF»، وهو اختصار «AFRICAN ANTI CORRUPTION FORUM»، المنتدى مكافحة الفساد في إفريقيا.

 

 

من ملخص الشعار، تُنبت يد خضراء، في كفها نبته، وعليها تستند خارطة القارة الإفريقية.

وفِي أعلى خارطة القارة رمز للعين الساهرة، التي ترقب وترصد وتحمي، وتقف للفساد والجريمة المنظمة عابرة الحدود بالمرصاد، هي أشبه بالعين التي يحويها شعار المخابرات العامة المصرية، التي تسهر على حماية الأمن القومي للوطن، هي عين تسهر على حماية الأمن القومي للقارة.

ماذا يقول الشعار؟ يقول إن مصر التي وضعت الاستراتيجية الشاملة للتنمية، وضعت مكافحة الفسادعمادًا رئيسيًا للتنمية، فالفساد مثل «السوس» الذي ينخر في أعمدة الدولة، يهدم جهود التنمية، يجعلها تتآكل.

وفِي القلب من ذلك الفساد الإداري، لذا كان الدور الأكبر في تلك المعركة، مُلقى على عاتق هيئة الرقابة الإدارية، ومعاونيها من الأجهزة الرقابية الأخرى.

فتطهير الجهاز الإداري، من الفاسدين، هو المهمة الأكبر، والأخطر، فبقدر النزاهة تكون صلابة مؤسسات الدولة، وقطاعاتها، وطفرات التنمية المُتحققة.

لكن ما هو تعريف الفساد؟ يوجد شبه اتفاق على مفهوم الفساد، بأنه «إساءة استعمال السلطة أو الوظيفة العامة لتحقيق مآرب شخصية غير مستحقة»، وهذا المفهوم يشمل كل ما هو من شأنه أن يكون مخالفة، تبدأ بالرشوة أو الاختلاس، أو تسهيل ارتكاب جرائم، ومرورًا بمن يتقاضى راتبه دون أداء واجبه في العمل.

بالعودة للشعار، نجد اليد التي نبتت من ملخص عبارة «منتدى إفريقيا لمكافحة الفساد» تنبت في كفها نبتة تجعل من اليد ذاتها شجرة، وهو الرسالة البليغة، بأن التنمية تبدأ وتنمو من المكافحة الحقيقية والناجزة للفساد، للدقة مكافحة الفساد هي التُربة التي تنبت فيها التنمية الحقيقية.

تلك اليد ذاتها هي التي تحمل جزء من خارطة القارة الإفريقية، وتسند الجزء الآخر، وهي رسالة ضمنية بالغة الأهمية، مفادها أن التنمية في القارة هي السند والحماية والضمانة للبقاء، بالتنمية وحدها تحيا القارة السمراء العذراء.

الدولة هي الوحدة الرئيسية في تكوين القارة، وقوة القارة الإفريقية، مرهونة بإصلاح دولها وتنميتها، قوة الدولة الوطنية، حماية للأمن القومي لمحيطها وغيرها من دول الجوار، في ظل عولمة التحديات والمشكلات.

ومن هنا يأتي دور مصر الرائد، وجُهدها الدؤوب في نقل خبراتها، لأبناء قارتها، وفِي مقدمتها التجربة الناجحة في مكافحة الفساد، ومن ثم يستهدف المنتدى بناء آليات تعاون وأطُر وضوابط لمكافحة الفساد في أرجاء القارة كافة.

الفساد الإداري، ليس وحده الخطر، وإن كان يهدد سلامة الدول، بل هناك فساد أشد فتكًا، يتمثل في وجود ثغرات في البنية التشريعية والإدارية بعدد ليس بالقليل من الدول، تسمح لمافيا الجريمة المنظمة، بالنفاذ منها، عبر غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، والإهمال في غلق تلك الثغرات عبر إصلاحات حقيقية، يمثل فسادا في شكل إهمال.

لذا يستهدف المنتدى، بحث سُبل القضاء على الجريمة المنظمة، عبر اتخاذ إجراءات الحوكمة التشريعية والإدارية، التي تغلق الثغرات كافة وتجفف منابع تلك المافيا، ومن المؤكد أن ذلك يتطلب تعاونًا بين أجهزة المعلومات وأجهزة مكافحة الجريمة المنظمة بدول القارة، وهو ما أعتقد أن العين الساهرة أعلى الخارطة بالشعار ترمز إليها.

كثيرًا ما شدد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الاتحاد الإفريقي، في كلماته، باجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، وفى غيرها من المنتديات والمؤتمرات الدولية، على أن العالم مطالب بدعم التنمية في القارة الإفريقية، فمن عدالة التنمية تبدأ الحلول كافة لمختلف القضايا، وفى القلب منها الهجرة غير الشرعية.

فالقيادة السياسية المصرية، تؤمن بحق شباب القارة السمراء، في حياة كريمة، وفرص عمل تلبي طموحهم، ومن تلك القناعة، ينطلق هدف التكامل في التنمية، التنمية البشرية، والاقتصادية، والتكنولوجية، وتعزيز الديمقراطية، وبناء الوعي بالمخاطر والتحديات المشتركة.

تحقيق العدالة والأمن، ومكافحة الفساد، أساس للتنمية الحقيقية الشاملة، لإزالة كافة العقبات أمام تحقيق أهداف أجندة التنمية في إفريقيا ٢٠٦٣.

مصر، التي قادت ثورات التحرر في ستينيات القرن الماضي، تتصدى لمسؤوليتها التاريخية، وتشعل ثورة مكافحة الفساد، لتحرير إفريقيا من الاحتلال الأخطر والأكثر تدميرًا، تقود ثورة الإصلاح والتنمية الشاملة، لتتنفس شعوب القارة وتحيا حياة كريمة.

ولما كانت مكافحة الفساد، تتطلب هيئات رقابية- في مقدمتها الرقابة الإدارية في التجربة المصرية، وغيرها من أجهزة مثل الجهاز المركزي للمحاسبات- فإن مكافحة الجريمة المنظمة وتمويل الإرهاب يتطلب، أجهزة أمنية في مقدمتها وزارة الداخلية ووحدة مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.

كما تتطلب مواجهة الفساد، إصلاحات للبنية التشريعية، لذلك فإن وزارة العدل والنيابة العامة حاضرتان بقوة في المؤتمر من مصر ومن ٥١ دولة إفريقية مشاركة، ويبقي الدور المهم لوزارة الخارجية التي تمثل حلقة الوصل بين الدول.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز