عاجل
الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
العرب وأمريكا وإيران

العرب وأمريكا وإيران

بقلم : محمود حبسة

تبقى كل المؤشرات تؤكد أن هناك شيئا ما خفي يحكم العلاقة بين أمريكا وإيران، يبقى شيء ما غامضا، فرغم تسارع وتيرة الخلاف المعلن بين الدولتين ورغم زيادة دقات طبول الحرب في الفترة الماضية لم تقدم أمريكا على هذه الخطوة التي كانت قاب قوسين أو أدنى من الحدوث، بل جاءت الأحداث لتزيد من حدة الخلاف ولتقرب المنطقة أكثر من حافة الحرب بعد التهديدات التي تعرضت لها سفن النفط في المنطقة الشهر الماضي والاعتداء الأخير على ناقلتي نفط في بحر عمان الأربعاء الماضي في هجوم متعمد وواضح، ورغم مسارعة أمريكا إلى توجيه أصابع الاتهام لإيران دون الانتظار لتحقيقات دقيقة وموثقة لم تقدم أمريكا ترامب على خطوة الحرب المنتظرة لتزيد بذلك من حدة الغموض في العلاقة بين البلدين ولتزيد من علامات الاستفهام حول هذه العلاقة ما يحكمها ما هي أبعادها ودوائرها ما المصالح الاستراتيجية التي تسعى لتحقيقها وما مراكز القوى ودوائر صنع القرار بها ومن المستفيد الأول منها ومن هم ضحاياها؟



جاء الاعتداء الأخير على ناقلتي النفط في بحر عمان بعد أيام قليلة من ثلاث قمم استضافتها المملكة العربية السعودية واحدة خليجية وأخرى عربية وثالثة إسلامية أدانت جميعها المساعي الإيرانية لخلق حالة من التوتر في المنطقة ومساندة طهران لجماعة الحوثي في اليمن كما كان الهجوم الحوثي على مطار أبها السعودي وقتل وإصابة ما يزيد على 26 مواطنًا جميعهم من المدنيين في تغيير نوعي لمسرح العمليات وتحدٍ سافر لكل القمم والفعاليات التي دعت إليها واستضافتها المملكة السعودية من حيث التوقيت والجرأة بمثابة رسالة تقول من خلالها إيران للمملكة السعودية أنها قادرة على توجيه ضربات لها في العمق وأنها غير آبهة بكل ما صدر عن الرياض من قرارات ومساعي لحشد وتجييش المجتمع الدولي ضد طهران وتثير أيضا الشكوك حول المنظومة الدفاعية السعودية ومدى قدرتها على حماية الأهداف السعودية وتعزز بذلك من مزاعمها أنها لو كانت تساند جماعة الحوثي لدخل الحوثيون العاصمة الرياض، كما أن الاعتداء على ناقلتي النفط في بحر عمان في اعتقادي لا يمكن أن يصدر إلا عن واحدة من قوتين بحريتين كبيرتين يتنازعان السيطرة على مياه الخليج الإقليمية وهما البحرية الإيرانية والبحرية الأمريكية ذاتها فكلاهما موضع اتهام.

ويبقى السؤال ماذا فعلت أمريكا؟ هل حركت ساكنا؟ هل دعت مجلس الأمن للانعقاد لبحث الاعتداء الحوثي على مطار أبها السعودي والتحقيق في دور إيران في مساعدة الحوثيين؟ هل دعت مجلس الأمن للانعقاد لبحث الأحداث الأخيرة في منطقة الخليج المتمثلة في الاعتداء على حاملات النفط وما يمثله ذلك من تداعيات خطيرة على حركة الملاحة في المنطقة وأسعار النفط؟ هل دعت إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية وقدمت ما لديها من معلومات يفترض أنها موثقة تؤكد أو تشير على الأقل لتورط إيران في هذه الاعتداءات؟ بل هل قدمت ما لديها من معلومات إلى الدولة الصديقة وذات الصلة بالموضوع مثل المملكة السعودية ودولة الإمارات؟ أعتقد بل أجزم أن شيئا من هذا لم يحدث، استمرت أمريكا فحسب على نفس النمط الذي تسير عليه منذ فترة وهو إثارة الرعب فقط من هذا العدو الذي لا تستطيع دول الخليج حماية أنفسها منه، وضخ المزيد من الأكاذيب والأكاذيب حول قدراته وأطماعه، ثم دأبت على ما بدأته من حركة وضجيج إعلامي على طريقة المثل الذي يقول "أسمع ضجيجا ولا أرى طحنا".

لا بد من قيام حركة عربية بحثية مشتركة تبحث بدقة جوانب العلاقة الخفية بين أمريكا وإيران ترصد ما يدور وما يحدث في الظاهر وما يدور وما يحدث خلف الكواليس، وأعتقد أن هناك من الباحثين والسياسيين والمحللين العرب القادرين على سبر أغوار هذه العلاقة وكشف أبعادها وطلاسمها وأهدافها، فالمؤكد أنه لم ولن تتخذ أمريكا قرارا بضرب إيران، لم يحدث ذلك في عهد أي إدارة أمريكية سابقة منذ أزمة حصار الطلبة الإيرانيين للعاملين والموظفين بالسفارة الأمريكية بطهران كرهائن بعد اندلاع ثورة الخوميني وحتى إدارة ترامب، كل الإدارات الأمريكية لوحت بالحرب كورقة ضغط ولكن أحدا لم ينفذ، والدول العربية لديها من المراكز البحثية والعقول ما يمكنها من تحديد نمط وسقف العلاقة بين واشنطن وطهران وهناك من التجارب العربية وتجارب المنطقة ما يعطي الكثير من الخبرات والدلالات المهمة.

لا بد من حركة بحثية عربية دقيقة تبحث بدقة كيف نما وترعرع حزب الله الشيعي في لبنان والذي أصبح الذراع العسكري لإيران ولماذا لم تتمكن إسرائيل من اغتيال أمينه العام الشيخ حسن نصر الله رغم اغتيالها لكل قادة المقاومة الفلسطينية من حركة فتح أبو نضال وغيره فلا بد من البحث في حقيقة العلاقة بين حزب الله وإسرائيل وما يتردد على لسان حسن نصر الله نفسه عن وجود تعاون بينهما، لا بد من حركة بحثية عربية تجيب عن سؤال لماذا تخرج إيران منتصرة في جميع الحالات التي خاضت فيها أمريكا حروبا ضد دول المنطقة وفي جميع الأزمات والقلاقل التي عصفت بدولها رغم الصياح والضجيج والتعبير عن القلق والمخاوف الأمريكية والإسرائيلية من البرنامج النووي الإيراني ومن تنامي النفوذ الإيراني والأطماع الإيرانية؟ لا بد من حركة بحثية قوية تحدد من هو العدو الحقيقي للأمة العربية هل هو إيران أم أمريكا أم إسرائيل وما هي الأدوار الحقيقية للقوى الثلاث؟ 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز