عاجل
الثلاثاء 19 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
شفرة كازابلانكا

شفرة كازابلانكا

بقلم : طارق مرسي

تنجح أفلام الأكشن، الآن، لعدة أسباب، أبرزها أنها لم تفقد بريقها وإغراءها لجذب الشباب المتشوق للسينما العالمية، أما أهمها فإن المزاج العام فى المجتمع يتجه نفسيا شطر الثأر والانتقام لأننا ما زلنا نخوض حربًا ضد التطرف ونواجه عدوا خفيا وممولا لهدم استقرارنا ووحدتنا بينما يتجه الجميع لمقاومة آثاره بشجاعة، بجانب الدولة التى هى فى حالة استعداد ويقظة، أما الشعب فهو فى حاجة لتفريغ شحنة الغضب والانتقام من الخونة والمتآمرين أمام شاشات العرض.



نجح فيلم «الممر» نجاحا كاسحا، لأن أحداثه عزفت على هذه الأوتار، وتعاظم نجاحه لأنه استقى أحداثه بعبقرية من شريط تاريخ عظيم حدث على أرض الواقع، وكان الثأر- أمس واليوم- عظيما من عدو لدود، لدرجة أن أصداء نجاح «الممر» أزعج آل صهيون، بعدما بنوا استراتيجيتهم الحديثة على زوال جيل أكتوبر والاتجاه إلى تنويع السلاح بعد هزيمة المواجهة، والاتجاه فى العمق لإفساد أحفاد جيل أكتوبر بالتطبيقات وصفحات التواصل، بالسلاح النووى الإلكترونى وقذائف الأندرويد وبالهواتف الذكية وبكاسحات الـ4g وصورايخ الجيل الرابع.

تفوق وروعة «الممر» واكتساح «كازابلانكا» كان وراءه هذه العوامل مجتمعة، وأن الفلسفة التى تقوم عليها سينما عيد الفطر وربما السينما عموما قد تغيرت هذا الموسم فى ٣ أيام.

فيلم «كازابلانكا» من ناحيته جاء لتأكيد أننا فى اتجاه مرحلة تحول الأكشن، إلى «فورم» مصرى وعلى طراز عالمى، وأن فيلم «حرب كرموز» كان مجرد بروفة لنفس قادة كازابلانكا، وأنه لا تراجع ولا استسلام عن هذه النقلة وهذا التحول.. وقائدا هذا التحول الثنائى أمير كرارة وبيتر ميمى، ثالثهم فى هذا الإطار المؤلف الموهوب هشام هلال.. لكن المطلوب فى الفترة القادمة التنوع والابتعاد عن تيمة الأكشن بدون مبرر أخلاقى، مثلما كان يحدث فى أفلام فريد شوقى فى مرحلة الستينيات، وكان بعضها سببا فى إصدار تشريعات قانونية جديدة (راجعوا: فيلم رصيف نمرة خمسة وتاريخ إصدار قانون النشء والأحداث)، وليس فقط التلميح بوجود جزء ثانٍ.

تستعرض أحداث فيلم كازابلانكا حكاية ثلاثة مغامرين محترفين، (عمر) الشهير بالمر «أمير كرارة» و(عرابى) «خالد عبدالجليل» (ورشيد) «إياد نصار» مهاراتهم فى القنص، لكن الاحتراف فى القنص أفسد  للود قضية، فالثلاثى يمثلون نماذج الطيب والشرس والشرير، فعمر يجسد النموذج الأول ويعيش من أجل شقيقه الصغير (زكريا) «أحمد داش» ويسعى لتأمين مستقبله، 
بينما الثانى فينظر لنفسه ويشعر أنه الأقل حظا، أما الثالث فيسعى إلى التكويش لحسابه.. الثلاثة يقومون بعملية وصفوها بأنها مسك الختام لحساب تكوين عصابى كبير، وهى عبارة عن سرقة سيارة داخل سفينة الشحن «كازابلانكا» فى عرض المياه محملة بكمية من الألماظ يقدر ثمنه بـ١٥٠ مليون دولار، وينجح الثلاثى فى الاستيلاء على السيارة ببراعة، يصاب «عرابى» ويتصور عمر ورشيد أنه قتل أثناء القرصنة برصاص قيادة السفينة بينما يتمكن عمر من الهرب وتهريب زميله «رشيد» ليواجه المفاجأة باختفاء الألماظ أثناء تسليم السيارة للعصابة التى يمثلها «محمود البزاوى» وعند محاولات للهروب منهم يستسلم بعد مطاردة رجال الأمن له ويحكم عليه السجن ثلاث سنوات، وعندما يخرج يعرف من رشيد أن عرابى لم يمت وأنه لم يستولِ على الألماظ فقط لحسابه بل استولى على شقيقه الأصغر «زكريا» وسافر إلى المغرب وتغير نشاطه إلى تجارة المخدرات فيقرر «عمر» السفر للانتقام من «عرابى» بصحبة «رشيد»، وفى الوقت نفسه تقرر العصابة الدولية متابعة الثلاثى لاستعادة الألماظ، وبعد صراعات ومطاردات يتمكن «عمر» من الانتقام والتخلص من زعيم العصابة الدولية وهو مفاجأة الفيلم الممثل التركى الشهير بالسلطان سليمان فى مسلسل حريم السلطان (خالد أرغنش) «دراجون»، ويعود بشقيقه إلى مصر ومعه عرابى بعد مقتل رشيد واكتشاف خيانته لهم.

يرسخ «كازابلانكا» تفوق كرارة كالعادة وتمكن محمود البزاوى وعمرو عبدالجليل وإياد نصار. أما غادة فهمى مفاجأة كبيرة بجانب تأكيد سيادة أجواء الحب فى الوسط الفنى، وبأن ما حدث فى كرموز لنفس فريق العمل بوجود أحمد السقا وأيضا فى فيلم الممر عندما شاهدنا شريف منير لم يكن صدفة، حيث يتكرر نفس الإحساس فى وجود أسماء مثل مصطفى شعبان ونيللى كريم وأحمد فهمى كضيوف شرف ووجود أسماء أخرى فى مشاهد قليلة ولكنها مؤثرة مثل غادة عادل فى دور صعب ومختلف ويؤكد نضجها الفنى وبيومى فؤاد ومعهم القديرة لبلبة، وهذا من شأنه تكرار هذه التجمعات فى أفلام مقبلة. خصوصا لشجاعة الإنتاج السينمائى وعدم بخله على الأعمال فى الفترة الأخيرة، وهنا فإن الإشادة واجبة بهشام عبدالخالق، منتج فيلم «الممر»، ووليد منصور منتج فيلم «كازابلانكا»، حيث لم يبخلا على ميزانية الفيلمين بعدما سجل الممر أعلى ميزانية فى تاريخ السينما وأيضا كازابلانكا على مستوى أفلام الأكشن.

كازابلانكا واكتساحه لشباك التذاكر يشير أيضا إلى أن الذوق العام قد تغير، وأن الكوميديا تراجعت وأصبحت، ولحفظ ماء وجهها، جزءًا من الحدث وليس الحدث كله، كما كان من قبل، حتى أصبح من الصعب الرهان على فيلم كوميدى، وهذا ما يفسر امتداد غياب أحمد حلمى مع تسجيل تراجع مخيف لنجم بحجم محمد سعد ومن قبله محمد هنيدى.. وأن كوميديا المقالب لا تشفع لرامز فى شباك التذاكر- وكما حدث- فى كازابلانكا فإن زرع خالد عبدالجليل وحده يكفى لإضفاء التنوع فى أحداث اعتمدت فى المقام الأول على الانتقام ولعبة الذكاء من أجل المال الذى هو زينة الحياة الدنيا فى الحياة والسينما.
اكتساح «كازابلانكا» فى سينما العيد وامتداد تأثير «الممر» إلى ما بعد موسم الفطر يؤكد أن السينما المصرية على عتبة مرحلة جديدة تتوافق رأسيا وأفقيا مع عصر الإنجازات التى تجرى على أرض الواقع لبناء مصر الجديدة ولو كره المتطرفون.
 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز