عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
لمن لا يعرف قيمة "30 يونيو"

لمن لا يعرف قيمة "30 يونيو"

بقلم : محمود حبسة

في مثل هذا اليوم تحل الذكرى السادسة لثورة 30 يونيو المباركة حيث خرجت الملايين في كل شوارع وميادين مصر في العاصمة والمحافظات رافضة لحكم الإخوان، كان المشهد مهيبا ويعبر بصدق عن مدى ذكاء هذا الشعب وفطنته وإصراره على إحداث تغيير في المشهد السياسي المصري يتوافق مع حجم التضحيات التي دفعها المصريون خلال ثورة يناير ومهما كان الثمن، كان مرور عام واحد على حكم الجماعة دليلا كافيا على المصير المجهول الذي تدفع الجماعة مصر إليه، كانت كل الشواهد تدفع إلى نتيجة واحدة وهي أن مصر الدولة صاحبة التاريخ والحضارة لن تصبح دولة مركزية قوية فهي على الأكثر ستعود ولاية تابعة للإمبراطورية العثمانية كما كانت في العصور الوسطى، لم يحدث إجماع وتوافق من قبل على ثورة كما حدث مع ثورة يونيو، في تاريخ مصر القديم والحديث لم يتوافق الشعب بكل أطيافه ومؤسسات الدولة جميعها على رفض نظام الحكم القائم كما حدث خلال ثورة يونيو، كل المصريين بجميع أطيافهم وانتماءاتهم السياسية والعرقية والدينية وكذلك جميع مؤسسات الدولة من جيش وشرطة وإعلام وقضاء أجمعوا على رفض حكم الإخوان وضرورة إسقاطهم، فلم يبق سوى الإخوان وحدهم ومعهم الجماعة الإسلامية التي حاربت الدولة المصرية سنوات عديدة ومارست العنف بكل أشكاله ضد مؤسساتها خاصة الجيش والشرطة.



عداء الإخوان لكل مؤسسات الدولة من جيش وشرطة وإعلام وقضاء كان واضحا جليا في العديد من الكتابات والتصريحات لقيادات الجماعة وكبار رموزها من ذلك قولهم: "إن الجيش المصري لم ينتصر أبدا" ومن ذلك "مخططات استبدال الشرطة المصرية الوطنية بميليشيات تابعة للجماعة" وكذلك "تعيين 3 آلاف محامٍ إخواني في القضاء" بل كانت التصريحات التي بدأت حتى قبل مجيء الجماعة للحكم مع عبارة "طز في مصر" الشهيرة انتهاء بعبارات مثل "وماذا تعني حلايب وشلاتين سوى عدة قرى" ما يشير بوضوح إلى عداء الجماعة للدولة المصرية، وهذا بالضبط ما كانت تريده تركيا وهذا بالضبط ما كانت تسعى إليه وهو إيجاد نظام يلغي وجود مصر كدولة قوية رائدة متماسكة ويحولها إلى دويلة أو ولاية تابعة لها ولهذا دعم أردوغان الإخوان وناصرهم ليس لأنه عضو في التنظيم الإخواني لكن لأنه يريد نظام ضعيف وتابع له، أردوغان دعم جماعة الإخوان في مصر كما يفعل الآن في ليبيا من خلال دعمه لحكومة سراج وتعويقه لجهود الجيش الوطني الليبي ولهذا يصر أردوغان وحده على رفضه لثورة يونيو واعتبارها انقلابا وهي بحق انقلاب ولكنه انقلاب على حلمه وعلى طموحه في العودة لحكم مصر وحكم الشرق من خلالها.

 الواقع السياسي الحالي الذي تشهده المنطقة العربية يؤكد ذلك ويكشف بوضوح عن المصير الذي كانت ستؤول إليه مصر في حالة لو استمر الإخوان في حكمها، فها هي تركيا التي تسعى لإحياء مجدها القديم وتوسيع دائرة نفوذها على حساب الحقوق والمصالح العربية، ها هي تركيا السنية لا تختلف عن إيران الشيعية في شيء، تتحالف مع الشيطان من أجل إحياء مجدها القديم واستعادة نفوذها المسلوب، ها هي تتحالف مع داعش وتدعي محاربتها وتتحالف مع إسرائيل وتزعم مناصرة الفلسطينيين وتتحالف مع إيران وتتظاهر بمساندتها للمملكة السعودية وتتحالف مع أمريكا وتنسق مع روسيا، ها هي تعربد في المنطقة العربية تستغل ما عانته دول عربية عديدة وما مرت به من أحداث منذ احتلال أمريكا للعراق في عام 2003 مرورا بثورات الربيع العربي، فها هي تحتل أجزاء كبيرة من سوريا وتضرب سور حول مدينة عفرين السورية وتحولها إلى مدينة تركية تماما كما تفعل إسرائيل في فلسطين فالعقلية الاستعمارية واحدة، وها هي تقتحم الأراضي العراقية وتحتل أجزاء منها أيضا بدعوى تأمين الحدود التركية ومقاومة حزب العمال الكردي ولا تعير بالا بالاحتجاجات العراقية والتهديدات العراقية المتواصلة باللجوء لمجلس الأمن، وها هي تسعى لفرض سطوتها ونفوذها على ليبيا مستغلة وضعها الأمني الهش وتحاول جاهدة إفشال وإعاقة جهود الجيش الوطني الليبي لطرد الإرهابيين وإعادة ليبيا دولة موحدة مستقرة كما كانت، ووصل الأمر بها إلى توفير غطاء جوي للقوات الموالية لفايز سراج، وهو ما دفع الجيش الوطني الليبي إلى إعلانه أن أي أهداف تركية موجودة في ليبيا وكذلك سفنها في المياه الإقليمية الليبية أهداف معادية وأنه يستهدفها، وها هي توجه طعناتها للخليج العربي تارة من خلال دعمها لنظام الحمدين في قطر وتارة من خلال تعاونها مع إيران.

كان لثورة 30 يونيو الفضل من بعد الله عز وجل في الحفاظ على مصر دولة قوية مركزية في المنطقة تقود ولا تنقاد، كانت يقظة المصريين ومعهم كل مؤسسات الدولة الوطنية وفي مقدمتها المؤسسة العسكرية صمام أمان لهذا الوطن، فلم تكن مذبحة رفح الأولى في شهر رمضان عام 2012 والتي راح ضحيتها 16 جنديا مصريا في وقت لم يكن فيه الرئيس السيسي رئيسا للبلاد ولا وزيرا للدفاع سوى دليلا على حجم إجرام الجماعة واستغلالهم للعنف والإرهاب لتنفيذ مآربهم فقد استغل الإخوان المذبحة لإبعاد وزير الدفاع في ذلك الوقت المشير طنطاوي ورئيس الأركان الفريق سامى عنان، ثم توالت العمليات الإرهابية من قتل وتخريب واعتداء على الكنائس والمقرات الشرطية خصوصا بعد فض اعتصامي رابعة والنهضة وإعلان الإخوان جماعة إرهابية والقضاء على أملهم في العودة للحكم، ولم يكن المشهد الفوضى سوى دليلا آخر على حجم المخطط لاسيما مع حجم العمليات الإرهابية التي استهدفت مصر وبدعم تركي ولو كان هذا المشهد في بلد آخر غير مصر لكان كفيلا بإسقاطها ولكنها مصر التي لم يستوعب أردوغان حجمها وقدرها وعظمة شعبها وجيشها حتى هذه اللحظة.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز