عاجل
الأربعاء 8 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الإصلاح الإداري والحلقة المفقودة!
بقلم
محمد نجم

الإصلاح الإداري والحلقة المفقودة!

بقلم : محمد نجم

منذ سنوات قليلة أقامت وزارة التربية والتعليم مدرسة جديدة بإحدى المناطق النائية بمحافظة الوادي الجديد، ولكن عندما بدأ العام الدراسي لم يحضر فيها سوى طالب واحد فقط!



فقد انتقل «التجمع البدوي» الذي أقيمت المدرسة من أجله إلى مكان آخر تتوافر فيه المراعي للإبل!

كما روى وزير سابق أنهم وجدوا قانونًا يمنع تصدير المش المصري إلى الخارج، عندما كان عضوًا للجنة مراجعة التشريعات بعد أحداث يناير 2011!

فهذان المثالان السابقان يكشفان أن بعض الوزارات والهيئات والمصالح الحكومية تعمل وكأنها في جزر منعزلة، فما هو الموضوع.. وأين المشكلة؟

الموضوع.. أننا أنجزنا خطوات ملحوظة في الإصلاح الاقتصادي، وما زلنا مستمرين في ذلك لتحقيق ما نتمناه.

ولكي يشعر المواطنون بثمار ما يجرى من إنجازات، فلا بد من إصلاح الجهاز الإداري للدولة، والوحدات المحلية بالمحافظات وكذلك الهيئات العامة والشركات الحكومية، لأن الإصلاح الإداري يهتم ومعنى في الأساس بالبشر، سواء كانوا مقدمي الخدمات أو المستفيدين منها، فضلا على أنهم هم «الجهاز التنفيذي» لكافة خطط التنمية المستهدفة.

وقد حضرت ثلاث ندوات متتالية الأسبوع الماضي، ناقشت وبحثت في كيفية التخطيط للمستقبل.. والإصلاح الإداري، وكانت إحداها في المركز المصري للدراسات الاقتصادية حيث عرض د. طارق الحصري نتيجة الدراسة التي أجراها المركز بعنوان «تحديات الجهاز الإداري المصري.. وجاءت نتائجها مفزعة»!

فقد أشار إلى تعدد الوزارات المصرية وتداخل اختصاصاتها، مع تضخم العمالة بالجهاز الإداري (5.7 مليون موظف)، واستمرار هيئات عامة انتهى عملها أو تم نقل اختصاصها لجهات أخرى، وضرب أمثلة بالهيئة العامة للإصلاح الزراعي، والهيئة الزراعية المصرية، والمركز الإقليمي لتعليم الكبار.

وأشار أيضا إلى انخفاض إنتاجية العمالة الحكومية، مع انتشار الفساد الإداري، وتضخم التشريعات والتي بلغت أكثر من 53 ألف تشريع ما بين قوانين، ولوائح، وقرارات وزارية وبعضها صادر في عام 1880.

هذا إلى جانب المركزية الشديدة في الإدارة والتأخر في تطبيق ما سمى "اللامركزية"، مع عدم الاهتمام بتنمية الموارد البشرية وتدريبها مع تحسين بيئة العمل.

وانتهى إلى ضرورة التحول من منطق التركيز على الإجراءات، إلى التركيز على النتائج.

ندوة أخرى نظمها الجهاز المركزي للمحاسبات ووزارة التخطيط ومنتدى البحوث الاقتصادية، لبحث كيفية التخطيط للمستقبل في ضوء نتائج التعداد السكاني الأخير، عرض فيها د. راجي أسعد دراسة حديثة تكشف عن التحول السريع في بعض المهن والوظائف، وهو ما يستدعي الاهتمام بالتدريب التحويلي لتوفير التخصصات المطلوبة.

ثم كانت الندوة الأخيرة والتي نظمتها وزارة التخطيط أيضا، بعنوان الإصلاح الإداري.. الواقع والمستقبل، حيث اتضح لنا أن الصورة ليست قاتمة كم عرضتها الدراسات السابقة، وكما قال د. صفوت النحاس بحق: إن كل الموضوعات المعروضة درست من قبل، والحلول موجودة في الأوراق، وتحتاج فقط، لاختصار دورة العمل وتحديد الاختصاصات، مع تفعيل نصوص قانون الخدمة المدنية الذي صدر مؤخرًا.

لقد جاءت الندوة الأخيرة.. وكأنها تجيب عن كل التساؤلات التي طرحت في الندوتين السابقتين!

فقد حشدت وزيرة التخطيط جميع قيادات الوزارة ليشرح كل منهم ما تم وما يجرى في مجالات الإصلاح التشريعي، والتطوير المؤسسي، والتدريب وبناء القدرات، وبناء وتكامل قواعد البيانات.. لتحقيق الغرض النهائي.. وهو تحسين الخدمات العامة من خلال الإصلاح المتدرج للجهاز الإداري بالدولة.

ولم تكتف الوزيرة بالحشد الإداري لمساعديها، وإنما دعت رؤساء وأعضاء الهيئات الإعلامية الثلاث ورؤساء مجالس إدارات المؤسسات الصحفية ورؤساء التحرير ونخبة من الكُتّاب الصحفيين على أساس أن الإعلام هو «همزة الوصل» بين عمليات الإصلاح التي تتم والرأي العام المصري، ثم شرحت الوزيرة- والتي كانت في أفضل حالتها المهنية والوظيفية- الخطوط العريضة للرؤية الحاكمة للإصلاح الإداري في مصر- وأجابت عن التساؤل الأساسي من أين نبدأ الإصلاح ومتى وأين ننتهي؟ مشيرة إلى أن الإصلاح الإداري مسؤولية مجتمعية وأنه ممتد لعشر سنوات مقبلة، وأنه بدأ بالتركيز على القيادات الوسطى والشبابية، وأن خطوات الإصلاح تبدأ بالإصلاح التشريعي، وتحديث بيانات المواطنين، وتقييم الموظفين الحاليين وإعادة تحديد اختصاصاتهم، مع الإسراع فيما يسمى بالتحول الرقمي، وتوفير أفضل تدريب متاح بالتعاون مع بعض الجامعات الأجنبية المتخصصة، مع استحداث إدارات جديدة مثل المنظومة الوطنية للمتابعة لمتابعة خطة التنمية.

وأشارت إلى بداية الإصلاح باختيار 50 ألفًا و500 موظف للانتقال للعاصمة الإدارية الجديدة ليمثلوا الوزارات وبعض الجهات الحكومية، بعد أن تم اجتيازهم للاختبارات التي أجريت بكامل الموضوعية والشفافية.

ووعدت بتنفيذ المرحلة الثانية للإصلاح بالوحدات الإدارية بالمحافظات، بعد الانتقال إلى العاصمة الإدارية بفكر جديد.

lll

لقد كشفت الندوات التي عقدت على مدى الأسبوع الماضي أننا في حاجة ملحة للإصلاح الإداري السريع، بينما أوضحت وزيرة التخطيط ومساعدوها أن لدينا رؤية شاملة للإصلاح الإداري، والاحتياجات المصرية لعشرات السنوات المقبلة، لتطوير الجهاز الإداري للدولة، وربط وحداته المختلفة إلكترونيا، مع رفع كفاءة الأداء، وتحسين التعامل مع المواطنين مع تبسيط الإجراءات لسرعة إنهاء المعاملات المطلوبة.

إذن.. لدينا إرادة سياسية للإصلاح الشامل، والخبرات المصرية المطلوبة للتنفيذ متوافرة، ويبقى فقط «التنسيق» بين جميع الجهات المختصة بالموضوع.

lll

حفظ الله مصر.. وألهم أهلها الرشد والصواب.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز