عاجل
الثلاثاء 19 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
هل آن الأوان لأن ننتبه؟!

هل آن الأوان لأن ننتبه؟!

بقلم : أيمن عبد المجيد

أخطاء اتحاد الكرة، كانت فادحة، بالخروج غير اللائق من كأس العالم، لكنه مُنح فرصة جديدة لتحقيق إنجاز يغفر له خطاياه الإدارية وقراراته التنفيذية غير المدروسة، فكانت النتيجة مزيدًا من تردي الأداء بكأس الأمم الإفريقية.



حققت مصر إنجازًا عظيمًا، بتنظيم رائع لكأس الأمم الإفريقية لكرة القدم في أشهر معدودة، وخرج حفل الافتتاح مبهرًا، يواكب ما تشهده مصر من تطور، وما تحمله من إرث الحضارة.

وقفت ملايين الجماهير المصرية، خلف منتخبها، خارج الاستاد، والآلاف داخله، بمنتهى التحضر، ضاربة المثل والقدوة، حالمةً بالبطولة ولمِ لا؟ فالمنتخب يلعب على أرضه، والقيادة السياسية داعمة له من رأس الدولة، والجماهير في ظهره.

فاز المنتخب في المباريات الثلاث التي خاضها في الدور الأول، بإجمالي ٥ أهداف، و٩ نقاط وشباك نظيفة، ليصعد أول المجموعة لدور الستة عشر.

رغم النجاح الكبير في الدور الأول- بقياس النقاط والأهداف ونظافة شباكنا- فإن الُمتابع عن كثب للأداء، يكتشف- بسهولة- غياب الخطة والتكتيك، وضعف اللياقة البدنية، والتنسيق بين اللاعبين، بما يثير المخاوف بشأن قدرة هذا المنتخب على تخطي الأدوار القادمة.

من المهم جدًا، الفصل بين نجاح الدولة في تنظيم بطولة غير مسبوقة، عبر أنظمة "تذكرتي" وغيرها من الإجراءات التنظيمية، وكذلك التأمين وتسهيل الخدمات لضيوفنا، وبين خروج المنتخب من البطولة، فنجاح التنظيم قائم، بإذن الله، ويُحسب لمصر، لا يُقلل منه خروج المنتخب، وإن كان تقدم المنتخب يُسعد الجماهير ويُكمل مشهد الإنجاز.

الأهم، هو الانتباه إلى أن الرياضة صناعة ثقيلة، تحقيق الإنجازات بها رهن منظومة متطورة، حلقاتها متداخلة، تبدأ من وضع الاستراتيجيات، وانتقاء الكفاءات، وتأهيلها نفسيًا، وجسديًا، وفنيًا.

المُنتخب، من الاسم، يفترض فيه أنه العناصر الأكثر حرفية ولياقة، وتأهيلًا فنيًا، تُنتخب من مختلف أندية الدولة، لتمثل الوطن.

فإذا كانت الأندية من الضعف بما كان، فسيأتي الاختيار والانتخاب من أفضل الأسوأ، فليس بالإمكان أفضل مما كان، وإذا كانت الأندية بلا اتحاد كرة حازم قادر على الإدارة، فلا ننتظر منها إلا "دوري مهترئ" كما شاهدناه هذا العام، فمن أين سيأتي أعضاء المنتخب؟! وأين يتلقون تدريبهم، والدوري فاشل؟

الإصلاح يجب أن يبدأ بإصلاح جذري للمنظومة، يبدأ برحيل أعضاء اتحاد الكرة، فهم من مخلفات منظومة ثبت فشلها، وبالتوازي يجب العمل على اكتشاف أشبال موهوبين، تتولى المؤسسات رعايتهم بأسلوب علمي، نفسيًا، وأخلاقيًا، وجسمانيًا، ومهاريًا.

وبالتوازي مع ذلك، نحن في أمسّ الحاجة لإنشاء أكاديمية، لبناء مدربين ومديرين فنيين، تعد كوادر قادرة على التخطيط والتنسيق ودراسة خطط المنتخبات العالمية، فإعداد اللاعب وحده غير كافٍ، وعقدة الخواجة هذه يجب أن نتخلص منها، فالاتحاد الفاشل إداريًا استورد مدربين فشلة.

والأهم من ذلك، هو تدارك أخطاء العقل الرياضي المصري، فالشعب المفترض فيه ممارسة الرياضة، اختصرها في التشجيع، ثم اختصر التشجيع في كرة القدم، ثم اختصر كرة القدم، في بضعة أندية تُعد على أصابع اليد الواحدة.

يجب على الدولة المصرية التخطيط الاستراتيجي للرياضة المصرية، لتحويلها لصناعة ثقيلة، واستثمار طويل المدى، فالرياضة- لمن يعلم- قضية أمن قومي شديدة الحساسية، لكن بمفهومها الصحيح.

الشعب الممارس للرياضة، هو الأقل سخطًا، والأكثر إنتاجا، والأقوى بنيانًا، فمن شباب هذا الشعب يخرج جيشه، وينتخب طلاب الكليات العسكرية.

ومن شباب هذا الشعب يخرج أبطال الألعاب الرياضية، وقياداته السياسية، والإدارية في مختلف مؤسسات الدولة، وشركات القطاع العام والخاص.

الشعب غير الممارس للرياضة أكثر عُرضة للأمراض، ومن ثم أكثر إنفاقًا على ميزانيات العلاج، بما يتطلبه المرض من نفقات مباشرة وغير مباشرة.

تعديل سلوك الشعب لممارسة الرياضة، وإتاحة المساحة الزمنية، والمكانية، له لممارسة الرياضة، يجب أن يكون مشروع مصر القومي الأهم، فممارسة الرياضة نوع من الوقاية، من الأمراض الجسدية والعقلية، نوع من أنواع مكافحة التطرّف، ومكافحة استنزاف ميزانية الدولة، أحد أساليب تخفيف الضغط على المستشفيات وبنية المنظومة الصحية، نظرة مستقبلية بعيدة المدى.

وبالتوازي مع ذلك، من المهم استكمال ما بدأته هيئة الرقابة الإدارية من اكتشاف الأطفال الموهوبين رياضيًا بالمحافظات، وإعدادهم علميًا.

يجب أن يكون لدينا عدالة في الاهتمام والإنفاق والتحفيز، ففي الوقت الذي ننفق فيه الملايين على كرة القدم، ننفق ملاليم على أبطال ألعاب القوى في مختلف المجالات، ومختلف الألعاب الفردية والجماعية، نكافئهم بجنيهات معدودات على ما يحققونه من إنجازات!

نحتاج لدراسة علمية، تحدد أين نقف؟ وما هي عناصر قوتنا الرياضية؟ وأي الألعاب نملك بها كوادر قادرة على الإنجاز؟ نهتم بهؤلاء ونعظم قدراتهم، ونحفزهم بما يستحقون، للانطلاق السريع والظهور المشرف، وفِي المقابل نعالج ثغراتنا.

نحتاج على وجه السرعة، خططًا قصيرة، ومتوسطة، وطويلة المدى، تنطلق من استراتيجية قومية وأهداف نسعى لتحقيقها.

فليرحل اتحاد الكرة غير مأسوف عليه، وليرحل كل فاشل، ولنحتفي بمؤسسات الدولة القائمة على التنظيم الرائع لبطولة قارية، باحترافية منقطعة النظير.

لا ينبغي أن يعكر الفاشلون المزاج المصري، فينشغل عن الاحتفاء بإنجاز التنظيم، والتأمين، بما له من مكاسب ورسائل كبيرة، أرسلت بعلم الوصول للمتآمرين أعداء الوطن.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز