عاجل
الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
أصفارُ اتحادِ الكُرة!

أصفارُ اتحادِ الكُرة!

بقلم : د. شريف درويش اللبان

ها هو منتخب مصر يخرج من بطولة كأس الأمم الإفريقية خروجًا مبكرًا من الدور ثُمن النهائي، للمرة الأولى منذ عام 2004، أي منذ خمسة عشرة عامًا كاملة، رغم توافر كل الظروف التي تُهيئ له عوامل النجاح والحصول على البطولة للمرة الثامنة؛ فالدولة لم تدخر جهدًا ولا دعمًا ولا مالًا ولا إمكاناتٍ لكي تدعم هذا الفريق، وعلى رأسها الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي ذهب للمنتخب لكي يَشُدّ أزر اللاعبين الذين يحملون اسم مصر، وهو اسمٌ لو تعلمون عظيم، ولكن لم يعِ هؤلاء اللاعبون قيمة ومكانة هذا الاسم الذي يلعبون تحت رايته، التي طالما كانت مرفوعة، خاصة في البطولات التي تُقام على أرضه ووسط جماهيره.



إذن لا بد أن شيئًا ما كان خطأً، أو ربما نقول إن ثمة خطايا قد ارتكبت في حق الوطن، الذي داسه بعضُ شُذاذ الآفاق بأقدامهم وهم يتداولون الكرةَ الرديئة فيما بينهم، ولعل أول هؤلاء الخطائين هو اتحاد كرة القدم المصري، الذي يقبع في الجبلاية لتقاسم "السبوبة" فيما بين أعضائه، الذين انصرفوا عن إدارة أمر كرة القدم المصرية إلى بعض شؤونهم الخاصة، في الظهور في البرامج الرياضية ليل نهار، والسفر هنا وهناك، وإهدار المال العام الذي يدفعه دافعو الضرائب المصريون الذين ألهبت ظهورهم تكاليف المعيشة، ورغم ذلك لا يبخلون بمالهم لدعم منتخب بلادهم، ويضعونها في أيدٍ غير أمينة تعبث بها يمينًا ويسارًا.

لقد أنفق اتحاد الكرة الفاشل ملايين الدولارات على المدرب الفاشل "كوبر"، فقدم أروعَ مثالٍ في الفشل الذريع في كأس العالم الماضية في روسيا، فانطلق بعد هذا الفشل ليتعاقد مع "أجيري" المدرب الفاشل الجديد الذي حقق رقمًا قياسيًا في الفشل في بطولة قارية كنا على رأس المرشحين لنيل لقبها الثامن على أرضنا ووسط جمهورنا، ومن عجبٍ أن اتحاد الكرة المصري الذي يعبث بأموال المصريين كان قد تعاقد مع "أجيري" نظير 120 ألف دولار أمريكي شهريًا، إلا أنه زاد المبلغ إلى 145 ألف دولار شهريًا حتى لا يتأثر راتبه الشهري بخصم الضرائب، وكأنه مكتوبٌ على المصريين أن يدفعوا مرتيْن.. مرة مرتب المدرب الفاشل الذي استقدمه الاتحاد الفاشل، ومرة أخرى دفع الضرائب نيابةً عن المدرب الفاشل، وكأن الضرائب ليست حقًا للدولة المصرية يجب أن يؤديها كلُ مَن يعمل لديها.

إن اتحاد كرة القدم المصري قدم أسوأ نموذج للأجيال الجديدة برفعه عقوبة استبعاد اللاعب "وردة" من معسكر المنتخب، ليقدم درسًا آخر في إهدار القيم والأخلاق بعد إهدار المال العام الذي يتحمله دافعو الضرائب المصريون، وقد كنتُ في إحدى لجان قبول الطلاب الجدد، الذين تقدموا للالتحاق بقسم الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، وسألتهم عن التغطية الإعلامية الخاصة بقضية اللاعب "وردة" وموقف اتحاد كرة القدم، وللأسف وجدت بعضهم يتبنى "الهرتلة الإعلامية" الخاصة بأن كل واحد حُر في حياته الشخصية، ويتبنى موقف "صلاح" واتحاد الكرة بأنه يجب أن يُمْنَحَ اللاعبُ فرصةً ثانية، فقلت لهم اعلموا أن منتخبًا بلا كرة ولا أخلاق هو صفرٌ كبير، ولن يذهب بعيدًا لكي ينال هذه البطولة، وكان هذا الرأي هو النبوءة التي قلتها لأبنائي الطلاب قبل أربعة أيام كاملة من مباراة مصر وجنوب إفريقيا، وهي النبوءة التي أصررت عليها بعد نزول "وردة" إلى أرضية الملعب في مباراة الخروج المهين.

مَن أمن العقوبة فقد أساء الأدب، وقد أمن اتحادُ الكرة العقوبةَ بعد صفر مونديال روسيا، وسمعنا كلامًا كثيرًا عن تحقيقات وفحص ملفات وتحرٍ وأشياء أخرى كثيرة لم يكن الغرضُ منها سوى امتصاص خيبة أمل الجماهير وغضبها، ليعاودَ اتحادُ الكرة تارةً أخرى إدارةَ أمورِ الكرة المصرية بمنطق "السبوبة" لينتهي بنا المطاف إلى صفرٍ كبير جديد، وكأن هذا الاتحاد الفاشل لا يُنتج لنا إلا أصفارًا تليق به، ولكنها لا تليق بنا كدولة عَلّمت القارةَ الإفريقية كرة القدم ووصلت كأس العالم لكرة القدم في العام 1934 منذ 85 عامًا كاملة.

أيها الاتحاد الفاشل: هذه أصفارُكم رُدَت إليكم، لأنها لا تلزمنا كمواطنين مصريين ندعمُ نشاطَ كرة القدم من أموالنا، ولأننا غيورون على اسم هذا الوطن وسمعته التي دنستموها عالميًا في روسيا وإفريقيا على أرض الدولة المصرية الناهضة.. سُحقًا لكم.. ولتلعَنُكم كلُ دَمْعَةٍ ذَرَفَهَا طفلٌ مصري أو فتاةٌ مصرية أو مشجعٌ أو أحد أفراد أسر الشهداء الذين دعاهم الرئيس لحضور المباراة.. إن مصر لم تَهُن على كل هؤلاء لكنها هانت عليكم جميعًا.. وستطاردكم دموعهم ولعناتهم إلى قبوركم.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز