عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
(النصف غير الآخر) هدية عيد زواج

(النصف غير الآخر) هدية عيد زواج

بقلم : سامية صادق

لم أستطع أن أتمالك نفسي من الضحك حين كانت تحكي بضيق عن المفاجأة التي أعدها لها زوجها  يوم عودته من الإعارة  الذي تزامن مع عيد زواجهما.



وكنت قد  سمعت كثيرا عن بخل زوجها مدرس الثانوي رغم ثرائه ورغم الأرباح الطائلة التي يحققها من الدروس الخصوصية في مادة الرياضيات...حتى إنه يظل طوال اليوم يتنقل بين بيوت الطلبة  والسناتر الخاصة   ولا يعود إلى بيته إلا بعد منتصف الليل!!!...ورغم ذلك لا يبدو على مظهره أي أثر  لنعم  الله عليه...فلم يشتر ملابس جديدة منذ سنوات طويلة حتى بهتت وكلحت ألوان الملابس التي يرتديها!!! كما أنه لا زال يضع في قدميه أحذية  عفا عليها الزمن  فتآكل بوزها وتقشر جلدها!!! ...ويرفض أن يشارك زملاءه في المدرسة في  المبالغ التي يجمعونها  حين يمرض أحدهم ...ولا في الهدايا والحفلات التي يقيمونها لمن  يخرجون  للمعاش!!

ودائما ما يأتي لزميلاته بوصفات جديدة من الأطعمة الاقتصادية غير المكلفة... حيث كان هاويا للمطبخ والطبخ...ويتداخل مع النساء  في وصفاتهن وتجاربهن التي تختص بالمطبخ ...فكان أول من علمهن  طريقة عمل  (كفتة العدس) التي لا يستخدم فيها اللحم بينما تعطي نفس طعم الكفتة  على حد قوله...وطريقة عمل (لانشون فول الصويا والبيض) الذي يصنعه بنفسه لأبنائه من أجل سندوتشات المدرسة...وطبق الفول الذي يتحول لطعم الكباب حين تضع بداخله فحمة مشتعلة فيشرب من دخانها و يعطي طعم ورائحة الكباب!!...حتى أنه صار متخصصا في تلك النوعية  من الأطعمة منخفضة الثمن مرتفعة القيمة الغذائية والتي لا تحتاج للحوم أو دجاج!!...وكثيرا ما يستشيره زملاؤه حين تختل ميزانية البيت قبيل آخر الشهر  ويسألونه كيف يعيشون بالجنيهات القليلة المتبقية من الراتب حتى يحين موعد القبض؟!...

ودائما ما يجدون لديه حلولا ومخارج ووصفات لطعام  غير مكلف يساعدهم على التوفير !!

وقد إنعكس بخله على ولديه الطالبين بالمدرسة الثانوية ...فيرتديان موديلات قديمة   بطلت موضتها لا تليق بشباب تحت العشرين!! يبدو أن ملابسهما المتواضعة المستوى من إختيار الأب البخيل!!!

والآن تحكي زوجته  كيف جهز لها  هدية في عيد زواجهما الثاني أثناء عودته من إعارته بدولة السودان ...حتى أنه  ظل يخفي موعد عودته عنها متعمدا ليتمكن من إعداد المفاجأة التي ستستغرق وقتا ... فهو يدرك أنها متواجدة في بيت أبيها...ويقرر ألا يتصل بها إلا بعد أن يجهز كل شئ حتى تأتي لتجد ما يسرها ...ويخرج الهدية التي أحضرها من حقيبة سفره ويدخل للمطبخ ويظل به طويلا ... ثم يخرج منه  ويتصل بزوجته ويخبرها أنه عاد من السودان وأنه في البيت ولابد أن تأتي حالا لأنه يعد لها مفاجأة .... تندهش زوجته ... فهي لم تتعود منه على المفاجآت...وتدرك جيدا  مدى بخله...وأن بند الهدايا والمجاملات محذوفا من حساباته ومن حياته!!!

وتتذكر أنها في بداية حياتها الزوجية كانت تتوق لعقد فل يهديه إليها ....ولكنه كان دائما يحبطها ويرفض أن يشتريه رغم ثمنه الزهيد جدا!!! ...ويتهم البائع بالتطفل والتسول ...وحين قامت هي بإهداء نفسها عقد الفل إتهمها بالسفه والتبذير وبأنها تبدد المال وتضعه في غير موضعه!!

والآن يطلب منها العودة للبيت لأنه يعد لها مفاجأة!!!

تعود على الفور ... وبعد  المصافحة والعناق...يجذبها من يدها إلى حيث المفاجأة ...فتجد مائدة عليها أطباق مغطاة ...

يقول لها الزوج:

اغمضي عينيك

تغمض عينيها لحظات 

ثم يطلب منها بفرح:

افتحي عينيك

تفتح عينيها...

فإذ بأطباق من الفتة والكوارع والفشة والكرشة والممبار  متراصة على المائدة !!!

تقول وهي تنظر إليه بدهشة:

هل هذه هي المفاجأة؟!!

يقول والفرحة تقفز من عينيه:

نعم...ما رأيك

تهز رأسها وهي تغتصب ابتسامة قائلة:

وهل أحضرت هذه الأكلة معك من السودان وحملتها معك على الطائرة؟!

يقول بحماس:

نعم ...لقد أهداها لي صديق سوداني... قام بذبح عجل قبل عودتي بأسبوع فوضعتها في الثلاجة وأحضرتها لنأكلها معا...

وحين حضرت قررت أن أقوم بطهيها وأصنع لك مفاجاة!!!

تقول الزوجة وهي تحاول أن ترسم ابتسامة زائفة على شفتيها:

شكرا...هدية جميلة وغير تقليدية!!!

يقول الزوج البخيل بابتسامة لزجة:

كل سنة وأنت طيبة ... إنه هدية عيد زواجنا!!
 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز