عاجل
الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
وتبقى الحرب على الفساد

وتبقى الحرب على الفساد

بقلم : محمود حبسة

لعله واحد من أهم الأفلام التي قدمتها السينما المصرية في تاريخها وهو فيلم "طيور الظلام" للمؤلف والسيناريست وحيد حامد عام 1995، وهو الفيلم الذي كشف فيه حامد عن تلك العلاقة الخفية والحميمية التي تربط قوى الظلام من الإرهابيين والفاسدين بعضهم ببعض.



في رأيي كان الفيلم بمثابة صرخة ورسالة تحذير قوية لا أقول جاءت في وقت مبكر لأن الفساد في مصر ومعه الإرهاب ظهرا جليا وظهرت العلاقة والترابط بينهما في سبعينيات القرن الماضي، لكن الفيلم وجه رسالة قوية وصريحة تكشف عن حجم الترابط بين هذه القوى التي لا تريد لهذا الوطن أن ينهض ولشعبه أن ينعم بالأمن والأمان والرخاء، رسالة تؤكد أنه لا أمل لتقدم وازدهار مصر سوى بالقضاء على خفافيش الظلام من الإرهابيين والفاسدين فجميعهم هدفهم واحد وهو سرقة مصر ونهب ثرواتها وجميعهم تتشابك علاقاتهم وتلتقي مصالحهم وأهدافهم لتحقيق المزيد من المكاسب وإلحاق المزيد من الأضرار بمصر وشعبها، بل إن الإرهاب لا ينمو ولا يترعرع إلا في بيئة فاسدة فالفساد يعني غياب القانون وغياب الرقابة وغياب الدولة وأجهزتها والفساد يعني توفير مصادر التمويل للإرهاب.

الحرب على الفساد لا تقل أهمية عن الحرب على الإرهاب فرغم النجاح الكبير الذي حققته مصر في معركتها ضد الإرهاب منذ قيام ثورة يونيو المجيدة ومع التلاحم الكبير بين جميع قوى الشعب ومؤسسات الدولة والوقوف صفا واحدا ضد محاولات ومخططات جماعة الإخوان الإرهابية والجماعات الإرهابية المتعاونة معها لسرقة مصر وفرض سطوتها عليها، ورغم شراسة المعركة وحجم التضحيات الكبيرة التي قدمتها مصر من خيرة أبنائها من رجال الجيش والشرطة الذين ضحوا بأرواحهم دفاعا عن الوطن وعن أمنه واستقراره تبقى المعركة على الفساد على نفس الأهمية ولتعضيد ما تحقق من نتائج، ويبقى ما حدث خلال الأيام القليلة الماضية مع خروج مصر من المونديال الإفريقي بهذا الشكل المذرى مثال حي وخير دليل على خطورة الفساد، وخير دليل على أن ترك الأمور على ما هي عليه دون تدخل قوي وتحقيق دقيق يتناول كل وأدق التفاصيل لما يجرى في واحدة من أهم مؤسسات الدولة وهي الاتحاد المصري لكرة القدم يعد كارثة كبرى وينذر بعواقب وخيمة.

ما حدث مع خروج مصر المبكر من المونديال الإفريقي يؤكد بداية أن الفساد ليس أقل خطرا من الإرهاب، وأن الاثنين هدفهما واحد وهو إلحاق الضرر بمصر وتشويه ما يجرى على أرضها من إنجازات وتحقيق أكبر قدر من الخسائر لمصر على كل المستويات، وليست هذه من قبيل المبالغة بل هو ما حدث بالفعل وما شهدته أرض الواقع من نتائج، فلا شك أن هذه النتيجة هي التي نراها متحققة ومتأصلة بل ومتجذرة مع ما حدث ومع ما يفوق آثاره وخسارته أكبر من مجرد خسارة بطولة كروية إفريقية حصلت عليها مصر عدة مرت، بل حصلت عليها ثلاث دورات متتالية، فليس أكثر خطورة على هذا الوطن من إضعاف الروح المعنوية للمصريين وإفساد فرحتهم، ليس أكثر خطورة على هذا الوطن وهو يخوض معركة البناء والتنمية والتي تدور رحاها في مختلف ربوع الوطن من سيناء إلى أقصى الصعيد من أن تسود روح اليأس والإحباط، وليس أكثر خطورة على الوطن من ترك حفنة من الفاسدين يهيلون أطنانا من الأتربة على جهود مضنية بذلتها الدولة خلال التحضير للبطولة وإخراج حفل الافتتاح بهذا الشكل المبهر الذي شهد به العالم وأظهر قدرة مصر على التنظيم، وليس أكثر خطورة على الوطن من أن تترك لحفنة من اللاهيين الفاسدين الذين لا يهمهم سوى مصالحهم الشخصية وتحقيق مزيد من الأرباح وتضخيم ثرواتهم وحساباتهم في البنوك أن يقولوا أن الفهلوة هي الوسيلة للثراء وأن البقاء تحت دائرة الضوء هي الوسيلة للنجاة والإفلات من العقاب، ليس أكثر خطورة على مصر في هذه المرحلة الدقيقة الحاسمة التي تخوض فيها غمار معركة الإصلاح الاقتصادي أن تترك لمجموعة من المصريين أن ينعموا وحدهم في الوقت الذي يعاني فيه الغالبية العظمى من الشعب، ليس أكثر خطورة على مصر وهي تترأس الاتحاد الإفريقي وفي الوقت الذي تدعو فيه وتنظم وتستضيف على أرضها مؤتمر موسع في مدينة شرم الشيخ لمحاربة الفساد في إفريقيا أن تبقى مجموعة من الفاسدين يقدمون صورة جلية على تجذر وتأصل الفساد في واحدة من مؤسسات الدولة التي يبدو أنها تعمل من دون رقابة وبعيد عن القانون وكأنك تقول أن ما تقوله مصر شيء وما يجرى على أرضها من واقع شيء آخر.

في مسعاها الجاد للقضاء على قوى الظلام خطت مصر بالفعل خطوات كبيرة ومهمة في حربها ضد الإرهاب وحققت نتائج ملموسة على أرض الواقع بل إنها باتت الدولة العربية الوحيدة التي استطاعت بمفردها خوض هذه الحرب وحافظت على وحدتها وتماسك شعبها وأبقت على خياراته رغم كل مخططات فرض الهيمنة والتبعية، وهي وللإنصاف حققت أيضا نتائج ملموسة وخطت خطوات واسعة في حربها على الفساد يشهد على ذلك ما تحقق من نتائج مثل استرداد آلاف الأفدنة وملايين الأمتار من أراضي الدولة والتي كان قد تم الاستيلاء عليها من دون وجه حق وكذلك إلقاء القبض على عدد من المسؤولين يتقدمهم وزراء ومحافظون ورؤساء أحياء في قضايا رشوة لإعلاء كلمة أنه لا أحد فوق القانون، لكن يبقى أن تقضى الدولة على أي صورة للتراخي مع استمرار هذه الحرب ومع استمرار الفساد كجرثومة تنخر في عظام المجتمع وخلايا سرطانية تسعى للتكاثر لهدم الدولة وتقويض جهودها في البناء والتنمية، على الدولة أن تضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه الإضرار بمصالح الوطن وسرقة مقدرات الشعب وعرقلة مسيرة دولة 30 يونيو.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز