عاجل
الثلاثاء 19 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
جرائــم الإخوان "3"

جرائــم الإخوان "3"

بقلم : طارق رضوان

وقف الشيخ الأسمر الجليل يحلف اليمين الدستورية أمام الرئيس السادات كوزير للأوقاف بعد عودته من السعودية حيث كان يعمل رئيسًا لقسم الدراسات العليا بجامعة الملك عبد العزيز آل سعود، وقف الشيخ يقسم بأن يحافظ مخلصًا على النظام الجمهورى وأن يحترم الدستور والقانون ويرعى مصالح الشعب رعاية كاملة؛ وأن يحافظ على استقلال الوطن ووحدة وسلامة أراضيه. كان ذلك فى التاسع من نوفمبر عام 1976 وكان الوزير هو الشيخ محمد متولى الشعراوى الذى قام بتمرير قانون إنشاء بنك فيصل الإسلامى.



فى الرابع عشر من شهر مارس عام 1976 أعلن الرئيس السادات أمام أعضاء مجلس الشعب أن العلاقات بين مصر والاتحاد السوفيتى قد وصلت إلى طريق مسدود، وقرر إلغاء معاهدة التعاون المصرية السوفيتية الموقعة بينهما فى 27 مارس 1971، كما ألغى التسهيلات الممنوحة للبحرية السوفيتية فى المياه الإقليمية المصرية وقال: إن السوفييت سحبوا محطة الإنذار المبكر وسحبوا طائرات سوفيتية وتوقفوا عن تسليم أسلحة لمصر منذ 14 شهرًا، كما توقفوا عن صيانة الطائرات السوفيتية التى تمتلكها مصر، وثانى يوم أى فى الخامس عشر من شهر مارس أعلن وزير الخارجية الأمريكى هنرى كيسنجر أمام مجلس النواب الأمريكى أن الإدارة الأمريكية وافقت على تسليم مصر 6 طائرات للنقل العسكرى، وذلك مكافأة للسادات عن السياسة المعتدلة التى بدأ فى اتباعها، وكانت تلك الصفقة هى أول عملية بيع أسلحة أمريكية لمصر. وفى 16 سبتمبر من نفس العام تم إعادة انتخاب السادات رئيسًا للجمهورية.

وفى التاسع من نوفمبر شكل ممدوح سالم وزارته الثالثة ودخل التشكيل الوزارى الشيخ محمد متولى الشعراوى وزيرًا للأوقاف ووزير الدولة لشئون الأزهر، وتم افتتاح المجلس التشريعى الأول لمجلس الشعب، وفى إحدى الجلسات دخل الشيخ قاعة المجلس وفى يده ملف محفوظ بعناية داخل دوسيه أخضر شفاف، كان الملف هو مشروع إنشاء بنك إسلامى.

وقبل أن يذهب الشيخ للمجلس بشهور قام الإخوان بمهاجمة البنوك االتقليدية وساعدهم فى ذلك شيوخ محسوبين على الدولة، تلقى الشعراوى تفويضًا من وزير الاقتصاد الدكتور حامد السايح بطرح مشروع إنشاء أول بنك إسلامى وهو بنك فيصل. فقد كان ظهور البنوك الإسلامية عاملًا أساسيًا فى أسلمة الاقتصاد المصرى، وكانت البنوك الإسلامية التى قامت على أساس أن البنوك الجارية لا تتبع الشريعة الإسلامية وتتعامل بالربا تتهم البنوك الأخرى بأنها لا تقوم على أسس من الدين وأنها صهيونية.

 لجأت البنوك الإسلامية إلى أساليب ملتوية لتسويق خدماتها وتحذير عملاء البنوك التقليدية بأنها ضد الإسلام، وبالتالى سوف يكون مصيرهم جهنم. حصل بنك فيصل على دعم حكومى غير محدود لتأسيسه وضمن القانون الخاص الذى منح البنك مشروعيته عدم تأميم البنك وألا يخضع للقوانين التى تحكم بنوك الدولة وأن يعفى من العديد من الضرائب وأن يعمل فى سرية تامة ومن الملفت أن المسئول الذى عرض قانون إنشاء البنك على البرلمان لم يكن وزير الاقتصاد بل وزير الأوقاف! وتم تمرير القانون بسهولة فى ضوء خوف الأعضاء اليمينيين من التصويت ضده حتى لا يتم تصنيفهم باعتبارهم ضد الإسلام. ساهم إنشاء بنك فيصل الإسلامى فى مصر فى تعزيز قوة الإخوان فى البلاد إلى جانب جهود السادات لتعبئة اليمين الإسلامى.

كان البنك هو حجر الزاوية فى إمبراطورية البنوك الإسلامية وكان يديره الأمير محمد الفيصل بن سعود ابن الملك فيصل الذى لعب دورًا حيويًا فى أسلمة مصر والمنطقة كلها، لم يكن الأمير محمد الفيصل بكل الشواهد والمقاييس عضوًا فى جماعة الإخوان، لكنه كان يتبع سياسة العائلة المالكة السعودية فى استغلال الإخوان كذراع فى إدارة السياسة الخارجية مع تجنب الاقتراب الشديد من الحركة قدر الإمكان حسب التوجيه الملكى، كان الأمير يعتمد على الشخصيات البارزة فى مصر ذات الواجهة الإيجابية مثل مفتى الجمهورية ووزير الأوقاف لكى يضفى المزيد من المشروعية على نشاط البنك، وحظى الأمير محمد بن فيصل بتأييد السادات حتى أنه استصدر تشريعًا يعطى البنك مشروعيته الكاملة، كان بين مؤسسى البنك رئيس وزراء سابق وهو الدكتور عبد العزيز حجازى الذى أصبح أحد رواد حركة الاقتصاد الإسلامى والمهندس عثمان أحمد عثمان أحد رجال السادات المقربين، وكان بين أعضاء مجلس إدارة البنك شخصيات مهمة فى الإخوان وذات نفوذ قوى على شباب الجماعة، كيوسف القرضاوى وعبداللطيف الشريف ويوسف ندا وزغلول النجار صاحب برنامج الإعجاز العلمى فى القرآن والقيادى الإخوانى المستشار الكتور توفيق محمد إبراهيم الشاوى، وكان من أهم وأشهر المؤسسين لبنك فيصل الإسلامى الشيخ الضرير عمر عبد الرحمن المرشد الروحى للجهاد الإسلامى الذى اغتال السادات نفسه بعد خمسة أعوام من إنشاء البنك والذى ساعد المخابرات الأمريكية لتجنيد طالبى الشهادة للعمل فى الجهاد ضد السوفييت فى حرب أفغانستان، كان عبد اللطيف الشريف وسيطًا شهيرًا له اتصالات وعلاقات مع الإسلاميين المتشددين، قام الشريف من موقعه فى بنك فيصل بالعمل مع شركات توظيف الأموال الإسلامية التى تطورت بسرعة وانتهت بسرعة فى الثمانينيات فى غمرة الانفتاح والسوق المفتوحة.

 كانت تلك الشركات توفر للمستثمرين أسعار فوائد أعلى كثيرًا من البنوك التقليدية. كانت شركات توظيف الأموال توفر 25 % فوائد على الودائع أى ضعف فوائد أى بنك آخر، وكانت أولى تلك الشركات هى شركة الشريف لتوظيف الأموال التى كان لها علاقات قوية وداعمة للإخوان، كانت شركات توظيف الأموال سياسية بالدرجة الأولى وتدعم المرشحين التابعين للجماعة فى الانتخابات سرًا خاصة فى عام 1987، وانهار نظام توظيف الأموال نهاية الثمانينيات مما هدد أساس شبكة البنوك الإسلامية خاصة بنك فيصل الإسلامي.

 وعلى إثر تلك الكارثة قام الأمير محمد الفيصل بحمل مليارات الدولارات على طائرة خاصة على أن تذهب تلك الأموال مباشرة إلى القاهرة للوفاء بطلبات السحب من المودعين فى البنك، وفى عام 1993 اشترى صالح كامل صاحب مجموعة البركة مجموعة الشريف مقابل 170 مليون دولار، وكان يوسف ندا من أهم مؤسسى بنك فيصل الإسلامى وهو واحد من أهم أعضاء الجماعة قبل تولى جمال عبدالناصر الحكم واتهم فى قضية محاولة اغتيال ناصر عام 1954، وهو مثل سعيد رمضان هرب إلى ألمانيا الغربية ثم إلى إيطاليا وساهم مثل عدد من الأعضاء القدامى فى الجماعة والهاربين للخارج فى تأسيس بنك التقوى الذى كان له فروع فى جزر البهاما وإيطاليا وسويسرا. كان بنك التقوى البنك شبه الرسمى للإخوان وكان هو الجهاز الاقتصادى المركزى للجماعة خاصة فروعه الدولية، شجع تطور الاقتصاد الإسلامى فى مصر على انتشار الإسلام السياسى واعتمد أعضاء الجماعة على الموارد المالية والتجارية لثروات مؤيديهم فى تعزيز تواجدهم الاجتماعى والسياسى والاقتصادى ووجه الأعضاء الأثرياء فى الإخوان واليمين الإسلامى فى المؤسسات المالية الأموال إلى المساجد والمشاريع الصغيرة والمنافذ الإعلامية الصديقة ومشاريع أخرى تعمل من أجل المجتمع الإسلامى. ولأن جماعة الإخوان كانت تعمل فى ظل قرار رسمى بحظرها فقد تم بعض هذه الأعمال سرًا، وأقاموا العديد من المشاريع الاقتصادية، وكانوا يتعاملون مع بعضهم فقط. فكان العضو فى الجماعة يشعر ببالغ السعادة وهو يعطى الجماعة نصف دخله، وعادت مجلة الدعوة للظهور وهى المجلة الصادرة عن أفراد الجماعة الجدد وتلقت دعمًا ماليًا من اليمينيين المصريين الأثرياء.

ووفرت المشاريع التى قامت على سياسة الانفتاح التى تبناها السادات وتحت مظلة بنك فيصل بتمويل المجلة عن طريق الإعلانات، وكانت غالبية الإعلانات من شركات العقارات ورجال الأعمال واشتروا نحو 49 صفحة من صفحات المجلة البالغة 180 صفحة، واشترت شركات البلاستيك والكيماويات 52 صفحة، واشترى مستوردو السيارات 20 صفحة والبنوك الإسلامية وشركات الاستثمار 12 صفحة وشركات الأغذية 45 صفحة، كان 40 % من الإعلانات فى المجلة يأتى من ثلاث شركات يسيطر عليها أعضاء فى الجماعة كونوا ثرواتهم فى السعودية، وظهر رجال الفكر والصحافة والإعلام فى الترويج للاقتصاد الإسلامى ولشركات توظيف الأموال. ولإبعاد الشبهات وشهوة المال تزاوج أصحاب شركات توظيف الأموال من فنانات وراقصات أعلن توبتهن، لقد تم أسلمة مصر ومحاصرتها وحاولوا القضاء على هويتها، كانوا يريدون ذبح الأمة، لكن مصر لا تموت.•

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز