عاجل
الأحد 22 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
We
البنك الاهلي
"يوليو".. عطاء يتواصل

"يوليو".. عطاء يتواصل

بقلم : محمود حبسة

تبقى ثورة 23 يوليو عام 1952 هي أم الثورات، ليس في مصر فقط بل في المنطقة بأثرها، تبقى يوليو شاهدا على وطنية المؤسسة العسكرية المصرية ومدى إخلاص رجالها لهذا الوطن ولهذا الشعب من يوليو 1952 إلى يونيو 2013 عطاء متواصل جيلا بعد جيل.



تبقى يوليو شاهدا حيا يحكي عن رجال حملوا أرواحهم فوق أكتافهم لإنقاذ الوطن من الضياع ومن التبعية وإنقاذ المصريين من الذل والهوان والتخلف، كما حملها رجال في يونيو 2013 في دليل حي ومتجدد وشاهد إثبات يحكيان عن رجال أخلصوا لهذا الوطن وأقسموا على حمايته والذود عنه مهما كانت التضحية ومهما كانت المعوقات، رجال أقسموا أن تظل مصر مستقلة كبيرة وقوية وأن تكون للمصريين لا لغيرهم، وأن يكون خيرها لشعبها فحسب، تبقى يوليو مصدر إلهام تبعث الأمل وطاقة نور تدفع بالوطن إلى الأمام وتنير الطريق أمام هذا الشعب ليواصل مسيرته عبر التاريخ تدخل به إلى المستقبل بدليل عشرات المشروعات في الزراعة والصناعة والإعلام والبناء والتعليم والتعمير، كما تلقت منها يونيو 2013 الراية فكان العبور إلى المستقبل بكل ما تعنيه الكلمة من معنى لتتبوأ مصر المكانة التي تستحقها كدولة رائدة عصرية من خلال حركة تنموية شاملة ومدن عصرية وأكبر عملية تحديث في مختلف قطاعات الدولة.

67 عامًا مرت على ثورة يوليو وما زالت شامخة تتحدى كل الكارهين لها وكل الكارهين لهذا الوطن الذين أرادوا لمصر الذل والهوان، ما زال ذلك اليوم 23 يوليو 1952 أحد الأيام الكبار في تاريخ مصر خالدا في ذاكرة المصريين لا تمحوه الأيام والأحداث، يوما يفصل بين مصر التابعة الضعيفة الخاضعة الذليلة مصر التي يحكمها غير المصريين، ومصر الحالمة القوية التي تريد وتفرض إرادتها والتي تواجه وتتحدى مهما كانت المعوقات، مصر التي تضع رأسها برؤوس الآخرين مهما علوا وليس أدل على ذلك من تحديث الجيش المصري ودخول العديد من الحروب والمعارك التي فرضها الآخرون على مصر وخروج مصر منها منتصرة لم تنحنِ لها قامة ولم تنكسر لها إرادة سواء في حرب 56 أو حتى في حرب 67 التي جاءت حرب الاستنزاف لتقول لإسرائيل أنك لن تهنئي بالنصر وأن مصر لن تستسلم ثم جاءت حرب أكتوبر لتمحو عار الهزيمة، وتؤكد أن مصر قادرة على الصمود وقادرة على تحقيق النصر، 67 عاما مروا وما زال عطاء يوليو يتواصل رغم كل هذه السنوات جيل بعد جيل وما زالت مصدر إلهام للكثيرين داخل مصر وخارجها.

لا أتصور كيف يتخذ البعض من يوليو هذا الوقف؟ كيف يكون البعض كارها ليوليو ولرجالها كل هذه الكراهية منكرا إنجازاتها بكل هذا الجحود؟ كيف يدعي البعض أن مصر كانت قبل يوليو أفضل من بعدها؟ مصر التي كانت تحت الاحتلال البريطاني ذليلة خاضعة لإرادته حتى لو تحدث البعض عن استقلال صوري وحتى لو تحدث البعض عن معاهدة لا خير في إبقائها أو إلغائها وهي معاهدة عام 1936، وخير دليل على ذلك ما حدث عام 1942 عندما حاصرت دبابات قوات الاحتلال القصر الجمهوري في عابدين لإجبار الملك على عودة حكومة الوفد، لا أتصور كيف يدافع البعض عن عصر كان معظم المصريين يعملون فيه إجراء عند قلة قليلة من الإقطاعيين، لا أتصور كيف يتجاهل البعض صور الجندي البريطاني وهو يدنس بقدمه الأرض المصرية في أي مكان من أرض المحروسة، إنكار إنجازات يوليو قد يكون مفهوما ومقبولا من الإقطاعيين الذين أخذت يوليو من ثرواتهم وأعطتها للشعب، قد يكون مفهوما من الوفديين الذين أخذت منهم يوليو السلطة، قد يكون مقبولا من الفئات والجاليات الأجنبية التي كانت تعيش على أرض مصر وتستمتع بامتيازات خاصة، لكن كيف يتخذ البعض من المثقفين هذا الموقف من يوليو؟ كيف يعارض عددا من المثقفين ثورة حررت مصر من الاحتلال والتبعية وكانت الثورة الأم في إفريقيا كلها وخير دليل على ذلك ما حدث مع الجزائر بل عطاء يوليو امتد لقارة أسيا والشاهد على ذلك ما حدث مع اليمن التي كانت تعيش في ذلك الوقت العصور الوسطى بكل ما تعنيه الكلمة؟ كيف ينكر من تعلموا بفضل يوليو التي جعلت التعليم العالي متاحا للجميع فضل الثورة وانحيازها للشعب؟ كيف يرفض البعض أن تساوي يوليو بين عامة المصريين أن تتيح الثروة للجميع وتتيح التعليم للجميع وتجعل مقولة الدكتور طه حسين عميد الأدب العربي أن التعليم يجب أن يكون كالماء والهواء واقعا لا يستطيع أحد تغييره من خلال مجانية التعليم فأصبح من حق ابن الأجير والفقير أن يتعلم وأن يتبوأ المراكز العليا في الدولة.

يوليو ستظل واحدة من أهم الثورات التي شهدتها مصر عبر تاريخها كله القديم والحديث وأحد الشواهد والدلائل على وطنية الجيش المصري وأنه أبدا لم ولن يكون من المرتزقة مثل العديد من جيوش العالم حتى في بعض الدول المتقدمة، ستبقى يوليو شاهدا على انحياز المؤسسة العسكرية للشعب المصري وتأييدها وتفهمها لمطالبه كما جاءت 30 يونيو فيما بعد وسارت على نفس النهج في سلسال للوطنية ومنهج يتبنى مطالب الشعب، والمؤكد أن ظهور بعض الأخطاء أو بعض السلبيات سواء في ملف الحريات أو القطاع العام كالفساد الذي تفشى في هذا القطاع لا يقلل من قيمة 23يوليو ولا يعطي الدافع للبعض للنيل منها والهجوم عليها فكل تجربة في التاريخ الإنساني لها أخطاؤها فنحن بشر ولسنا ملائكة خاصة مع النظر لحجم المعوقات والتحديات والمؤامرات والدسائس التي واجهتها يوليو ولا شك أن عملية تصحيح مستمرة تحدث بدليل حرب أكتوبر عام 1973 وتبنى التعددية السياسية وإعطاء فرصة ومشاركة أوسع للقطاع الخاص وتعظيم دور المجتمع المدني. 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز