عاجل
الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
«قطر» الحبيسة و«بربرة» المنطلقة

«قطر» الحبيسة و«بربرة» المنطلقة

بقلم : د. فاطمة سيد أحمد

لا يأتى يوم دون أن يحمل فى طياته عبث (قطر) فى هذه الدولة أو تلك، مما يجعلنا نتساءل إذا كانت تقوم بهذا مع دول لها معها إرث من التبعية يجعلها فى محاولات دائمة لمناطحة هذه الدول حتى تمحو هذا التاريخ الذى لا يمكن محوه لأنه كان حقيقة واقعة، ومنذ أن جعلت قاعدة (العديد) والتى هى أمريكية- بريطانية وليست لأمريكا فقط، وأيضًا عندما أنشئت قناة (الجزيرة) بمساعدة هاتين الدولتين لتبدأ منها أولى حروبها لإخفاء تبعيتها لبغداد التى كانت عام ١٨٧١ عندما قام (مدحت باشا العثمانى) حاكم ولاية بغداد بإخضاع عائلة آل ثانى للحكم العثمانى، وقبلها كانت تحت حماية قبيلة (العتوب آل خليفة) التى هاجرت من الكويت إلى الزبارة فى قطر عام ١٧٦٦ ثم فرض آل خليفة سلطتهم على البحرين ووسعوا سلطتهم على كامل قطر وقبل ذلك كانت تابعة للسعودية حتى جاء الغزو المصرى- العثمانى فى عام ١٧٦٥ للحد من توسعات آل سعود التى كانت فى طريقها إلى سيناء فصارت المنطقة بأكملها تحت الولاية العثمانية حتى الحرب العالمية الأولى، وأيضًا لم تنس قطر أنها كانت تابعة للإمارات والبحرين وحصلوا على منطقتى (الدوحة والوكرة) فى عام ١٨٦٧ ثم انتهت تلك التبعية بتسوية عام ١٨٦٨.




ومن تواريخ تلك التبعيات والخضوع يمكننا تفسير الدونية التى تشعر بها قطر إزاء كل الدول العربية التى كانت خاضعة لها، ولكن يبقى التساؤل: ما هو الدور الإرهابى الذى تقوم به إزاء كل الدول العربية السابقة وأيضًا دول أخرى لم تكن لها تبعية أو حتى حدود مباشرة ومتجاورة معها مثل (سوريا - ليبيا - الصومال).


 هنا تأتى حقيقة مؤداها أن قطر التى دخلت فى معاهدة بحرية عامة مع بريطانيا عام ١٩٦٨ وكانت عبارة عن تعهد بالسياسة الخارجية والدفاع إلى بريطانيا مقابل أن يسمح لها بالاستقلال الداخلى فقط والذى تم فى ٣ سبتمبر ١٩٧١ والتى تنص فى المعاهدة بأن قطر لا تملك المسئولية الدولية الكاملة كدولة مستقلة ذات سيادة، إذن قطر لا تملك من شأنها أمرًا إلا داخل دويلة قطر فقط، أما سياستها الخارجية ونطاق دفاعها فهى تخضع فيه كلية لبريطانيا حسب المعاهدة السابقة والسارية حتى الآن، وعليه عندما تدخل أمريكا قطر فهو ليس بإذن من قطر ولكن السماح والموافقة يكون من بريطانيا التى بدورها تعيش دور الحليف والشريك التابع لأمريكا، وعند ذلك لا نحتاج لتفسير بأن ما تقوم به من تمويل للإرهاب وزعزعة الدول هو تنفيذ لأجندة المسئول الرئيسى عن السياسة الخارجية والقوة العسكرية، فالعديد ليس مجرد قاعدة عسكرية بل هى ممارسة للحق البريطانى الذى منحته لها عائلة آل ثانى مقابل استقلال مزيف وأن الاستعمار الذى غرب بوجهه عن المنطقة يعود لنا بظهره وقاعدته الاستعمارية موجودة لم تُمحَ (إذن وبموجب اتفاق عام ٦٨ والسارى حتى الآن قطر مستعمرة بريطانية تتقاسمها معها أمريكا والدول الأوروبية الحليفة).


ولما بريطانيا تكون صاحبة مشروع الجماعات الإرهابية المتأسلمة فإنها بالضرورة تجعل مستعمرتها عنوانا لذلك ومنذ اللحظة الأولى طلبت من الثانى أن تكون عقيدتهم فى الحكم تجمع بين فكر الإخوان والجماعات السلفية المتطرفة التى راعتهم بل أوجدتهم من الأساس بريطانيا فى أكبر دولتين بالمنطقة (مصر والسعودية)، ولا نستغرب ما ذكره (ديفيد كوهين) وكيل الاستخبارات فى وزارة المالية الأمريكية الذى قال: إن قطر هى سلطة تسهيل لتمويل الجماعات الإسلامية الإرهابية بعد أن أكدت بريطانيا لأمريكا أن هؤلاء المتأسلمين هم (موجة المستقبل) فى العالم العربى، وأمرت آل ثانى بالقيام بإيواء أشباهه وأعوانها مثله، وقام آل ثانى بدورهم حتى لا يفقدوا حكم دويلتهم داخليا التى يبلغ تعداد مواطنيها ٣٠٠ ألف والوافدين العاملين بها مليونا ونصف، وقد بدأ «آل ثانى» بتنفيذ مقدمات ماعرف بـ(الربيع العربى) فى البلدان العربية والتى رسمته له بريطانيا وأمريكا.


   لكن الغريب فى الأمر كما قلنا هى البلدان التى ليس لها قضايا قديمة أو حديثة معها ولكنها تقوم بتنفيذ الأچندة أولا ومساعدة أربابها ثانيا كما حدث فى ليبيا، فقد كانت قطر الدولة الثانية بعد فرنسا التى اعترفت بالمجلس الانتقالى الإخوانى ثم إلى عمليات حلف الناتو وقامت بتسليح الجماعات الإرهابية فى ليبيا والممول الرئيسى للجماعات المتطرفة فى سوريا التى تضم جبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة والتحالف السلفى المعروف باسم حركة أحرار الشام الإسلامية، كما اتسمت مواقف قطر مع حماس بمحاولات لتقويض عملية السلام، ومؤخرا للنيل من المؤتمر الذى رعته البحرين للمسار الاقتصادى لعملية السلام قامت قطر باستقطاب محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية لتقوم هى بعملية الوساطة بينه وبين إسرائيل مقابل منحه ٢٥٠ مليون دولار من بنوك قطرية علاوة على دعم ميزانية السلطة بـ٥٠ مليون دولار شهريا ووافق أبو مازن على ذلك.


   ولكى تكون قطر لاعبا فى أحداث السودان فقد قامت بوضع قدمها فى دارفور عن طريق دفع ٥ر٨٨ مليون جنيه إسترلينى تحت بند إعادة الإعمار، ولكى يسهل لها هذا التواجد مساعدة الجماعات المعارضة والمتأسلمة فى الخرطوم، وآل ثانى الذى يشترى سلاحا لا حصر له ويدخل فى عداد الدول الأولى فى قائمة شراء أسلحة رغم أنه محمية بريطانية أمريكية وهم الذين عليهم واجب الدفاع عنه، وأيضًا لصغر حجم جيشه الذى لا يتناسب وما تقتنيه من أسلحة ومعدات عسكرية إلا أن كل يوم نكتشف أن سلاحا عليه ختم قطر لأنها طبعا لا تصنعه وقد وجد فى دولة ما وآخرها كانت الصومال، ما دخل دويلة قطر بالصومال؟ غير أنها تنفذ أوامر أصحاب اليد العليا للسياسة والدفاع كما نصت المعاهدة المشئومة التى ارتضتها، الصومال على الدوام مطمع أمريكى وبريطانى لموقعها الجيوبوليتيك المميز.


والذى يرمى بظلاله استراتيجيا كمكانة متقدمة فى موقعها وعندما يبرز ميناء (بربرة) كأهم لاعب أساسى على البحر الأحمر بالضرورة تهرول الدول الطامعة فى إثارة النزاعات والقلاقل لتستحوذ على ما تريد فى ظل الفوضى وإجهاد الجيوش والشعوب.
تلك هى قطر التى صارت (حبيسة) بعد أن حظرت (مصر والسعودية والإمارات والبحرين) طيرانها وإبحارها وعدم التعامل معها سياسيا وخفض علاقات يصل إلى حد المحو الدبلوماسى، والبقية تأتى فى شأن تلك المنبوذة التى ما زالت مستعمرة ولَم تتمتع بالسيادة بعد.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز