عاجل
الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
اتجاهات الشباب المصري نحو المؤتمرات الوطنية للشباب (1)

اتجاهات الشباب المصري نحو المؤتمرات الوطنية للشباب (1)

بقلم : د. شريف درويش اللبان

عديدةٌ هي الدراسات والمقالات التي حاولت البحث عن إجابات مقنعة لعديد من التساؤلات التي اهتمت بمشاكل الشباب، وقد توصلت تلك الفعاليات إلى ما يمكن أن يكون جزءًا مما سعت إليه، وهو الذي يتمحور حول فهم أفضل لما يطرحه الشباب من أفكار لصالح المجتمع وإدراك أوضح لاحتياجاتهم الحقيقية، وإتقان الاستماع إليهم والتحدث بلغتهم وتلمس همومهم في إطار محدد الأبعاد، ولذلك جاء التفكير في انعقاد مؤتمرات وطنية للشباب كخطوة فريدة من نوعها للتواصل والتحاور بين الشباب من جهة، والمسؤولين في الدولة وكبار المثقفين والمتخصصين والأكاديميين من جهة أخرى، وجاء ذلك في إطار الاهتمام بالشباب ووضعهم في أولويات أجندة النظام السياسي الحالي في مصر وعلى رأسه مؤسسة الرئاسة والقيادة السياسية ممثلة في الرئيس عبد الفتاح السيسي.



إن حرص الرئيس عبد الفتاح السيسي على النقاش المشترك مع الشباب حول القضايا التي تشغلهم يُعد تجربةً غير مسبوقة لم تشهدها مصر من قبل، حيث تم الاهتمام بمختلف قطاعات الشباب من خلال ظهور شكل وطني جامع لا يقتصر على تيار سياسي معين، وبالتالي صارت تلك المؤتمرات بمثابة حلقة وصل مع الشباب المصري بدون حواجز، وكمنصة فعالة للحوار المباشر بين الدولة المصرية بمؤسساتها المختلفة والشباب المصري، ونتيجة لأهمية تلك المؤتمرات، كانت تغطية فعالياتها المختلفة من أولويات الإعلام وقت انعقادها حتى يُنقل للجماهير حالة التواصل بين طرفي المعادلة (الشباب والدولة)، فالشباب يطرح آراءه والدولة بمؤسساتها تقوم بالرد والشرح والتعليق والتنفيذ أيضا.

وتنافست الوسائل الإعلامية في تقديم معالجة إعلامية متميزة لهذا المؤتمرات الشبابية الفريدة، ومن أهم تلك الوسائل الصحافة بما تمثله من مصدر رئيس يتلقى منه الجمهور معلوماته المختلفة، كما أنها من العوامل الرئيسة التي تشارك في تحديد ملامح اتجاهات الجمهور وسلوكياته المختلفة، وفي هذا الإطار جاءت الدراسة المهمة التي أجرتها د. مي مصطفى عبد الرازق مدرس الصحافة بأكاديمية أخبار اليوم لدراسة اتجاهات الشباب المصري نحو المعالجة الصحفية للمؤتمرات الوطنية للشباب، وذلك من خلال دراسة ميدانية على عينة من الشباب المصري من سن 18-35 سنة قوامها 448 مبحوثًا يمثلون مستويات التعليم ومستويات الدخل المختلفة.

تبين من الدراسة أن أكثر من )90%) من أفراد العينة يهتمون بمتابعة الأحداث والفعاليات المتعلقة بالشباب بشكل عام سواء بدرجة متوسطة بنسبة (54.5%)، أو كبيرة بنسبة (36.6%)، وتمثلت أهم القضايا التي يتابعها الشباب المصري في القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وهو ما يشير إلى الاهتمام الكبير لدى الشباب بمتابعة القضايا الاقتصادية والاجتماعية التي تم تناولها بالمؤتمرات الوطنية للشباب. وأشار أكثر من (75%) من المبحوثين إلى حرصهم على متابعة فعاليات تلك المؤتمرات بواسطة وسائل الإعلام ومنها الصحافة، وتوزعت تلك النسبة بين من تابعوها بدرجة متوسطة في المقام الأول، ثم من تابعوها بدرجة كبيرة، وتدل هذه النسبة على مدى اهتمام الشباب المصري عينة الدراسة بمتابعة تلك المؤتمرات.

 وأوضحت الدراسة غلبة الدوافع الوظيفية أو النفعية على الدوافع الطقوسية بما يتناسب مع موضوع الدراسة حيث بلغ المتوسط الحسابي للدوافع النفعية (4.15)، أما الدوافع الطقوسية فقد بلغ متوسطها الحسابي (2.95)، وتمثلت أهم تلك الدوافع لدى المبحوثين في: فهم واستيعاب ما يجرى حولهم من أحداث وتطورات مهمة وتبنى آراء أو مواقف تجاهها، لأنها مؤتمرات موجهة لهم ولغيرهم من الشباب لمناقشة قضاياهم ومشاكلهم، ولمراقبة أداء الحكومة ومتابعة أنشطتها الموجهة للشباب بمتوسطات حسابية(4.50)، (4.11)، (4.04)، على التوالي، وتتفق هذه النتيجة مع نتائج عديد من الدراسات، حيث اتضح أنه من أسباب حرص الشباب على متابعة الأحداث والقضايا السياسية، لتكوين رؤية عامة عن الوضع في مصر والتعرف على القضايا والأحداث، لتكوين اتجاه أو رأي نحو موضوع معين، وللكشف عن الحقائق.

كما توصلت الدراسة إلى أن (23.7%) من الشباب المصري عينة الدراسة كانوا يتابعون تلك المؤتمرات بدرجة ضعيفة، وجاءت أسباب ذلك– وفقًا لإجاباتهم– لاقتناعهم بأنه وسيلة دعائية للدولة والنظام السياسي، ثم لأنه عديم الفائدة أو الجدوى لهم، ولعدم تعبيره بالشكل الكامل عن متطلبات وأفكار الشباب، بينما جاءت أقل الأسباب تكرارًا في عدم اهتمامهم بمتابعة الأحداث ذات البعد السياسي، وعدم إتاحة وقت كافٍ لديهم للمتابعة، وتشير تلك النتائج إلى حالة القصدية أو العمدية لتلك النسبة من الشباب فيما يتعلق بمتابعتهم لتلك المؤتمرات بدرجة ضعيفة، ويمكن اعتبار هؤلاء بمثابة جمهور محتمل استهدافه من جانب الدولة والإعلام ما دامت لديه الرغبة للمتابعة، حتى إن كانت بنسبة ضعيفة، مع ضرورة الاهتمام بالابتكار والإبداع في تناول المحاور المختلفة بتلك المؤتمرات، وتلافي سلبياتها وتعزيز إيجابياتها، كما أنه يمكن القول إن تلك النتيجة تعد منطقية طبقًا للتنوع والتعدد المتاح في المبحوثين كسمات ديموغرافية ونفسية وانتماءات فكرية وجغرافية مختلفة.

وأفاد (46%) من أفراد العينة بمعرفتهم بانعقاد تلك المؤتمرات أثناء انعقادها، وكان ذلك في الأغلب نتيجة اهتمام الإعلام بها، وبالتالي متابعتها من جانب المبحوثين، أما من علموا بانعقاد تلك المؤتمرات قبل انعقادها، فجاءوا بنسبة (42%) ويمكن إرجاع ذلك وفقًا لإجابات المبحوثين لاهتمام البعض منهم بتلك المؤتمرات وبمتابعة توقيتات إجرائها، ونتيجة للتعرض للتغطية الإعلامية التي تمهد لوقوعها بالصدفة أو عن عمد.

وتمثلت أهم طرق معرفة المبحوثين لانعقاد تلك المؤتمرات في التليفزيون بالمرتبة الأولى، ويرجع ذلك إلى كثافة اهتمام القنوات التليفزيونية بعرض تنويهات عن تلك المؤتمرات قبل وأثناء انعقادها، وتمثلت الطرق الأخرى في إقامة أو تواجد المبحوث بالمحافظة محل انعقاد المؤتمر، وملاحظة الاستعدادات الأمنية ولافتات الترحيب بقدوم الرئيس والحرص على تجميل المدينة، وأيضا بحكم المهنة بالنسبة لأفراد العينة ممن يعملون في مجال الإعلام، وهناك من يعلم بانعقادها من خلال التواصل مع بعض أعضاء المبادرات الشبابية، علاوة على المشاركين في البرنامج الرئاسي للرئاسة Presidential Leadership Program (PLP) من الشباب.

وأوضحت الدراسة أن المؤتمر الوطني الأول للشباب بشرم الشيخ هو الأكثر إقبالًا من جانب الشباب للمتابعة يليه مؤتمر أسوان، ويمكن تفسير ذلك بأن مؤتمر شرم الشيخ هو المؤتمر الأول فهو حدث فريد من نوعه، شمل عددًا كبيرًا من النخبة في عديد من المجالات، وكانت محاوره هي الأكثر ثراءً، أما مؤتمر أسوان فكان بمثابة امتداد لما سبقه، وجاء ليحتوي على عدة عناصر جديدة كالاهتمام ببعض النواحي الإنسانية الخاصة بالرئيس، واستجابة الرئيس للشاب الذي تحدث عن مصرف "كيما" بتفقد الرئيس بنفسه المكان ومتابعة المشكلة، وتناوله للمشاكل والقضايا التي تخص صعيد مصر، ثم جاء مؤتمر الإسكندرية، على الرغم من كونه المؤتمر الرابع، أي من بعد انعقاد مؤتمر الإسماعيلية، ويمكن تفسير ذلك أنه من بعد مؤتمر أسوان شاب تلك المؤتمرات بعض من النمطية والتكرار في أسلوب انعقادها، وفي المعالجة الإعلامية لها، كما أن محافظة الإسكندرية تحتل اهتمامًا إعلاميًا لأخبارها يقارب الاهتمام الإعلامي بالعاصمة، وتتفق هذه النتيجة مع حجم التغطية الصحفية للمؤتمرات، فالدراسة أثبتت أن الصحافة اهتمت بهذه المؤتمرات مثلما تم ترتيبها بالدراسة الميدانية، ويشير ذلك إلى وجود درجة عالية من الاتفاق بين رؤية الإعلام بشكل عام، والصحافة بشكل خاص لهذه المؤتمرات من جهة، والشباب المصري عينة الدراسة من جهة أخرى.

وأشار أكثر من نصف العينة (54.5%) إلى متابعتهم أغلب فعاليات المؤتمرات الوطنية للشباب، كما أن حوالي ثلث أفراد العينة (31.9%) تابعوا الفعاليات جميعها، وتتوافق هذه النتيجة مع النتائج الواردة في جدول رقم (4)، كما أنها تدل على اهتمام المبحوثين بمتابعة هذا الحدث.

وتصَّدر الإنترنت مصادر متابعة فعاليات هذه المؤتمرات تلاها بفارق بسيط التليفزيون والقنوات الفضائية ثم الصحافة المطبوعة بمتوسطات حسابية (4.49%)، (4.41%)، (3.09%) على التوالي، وتتوافق هذه النتيجة مع النتائج التي أشارت إليها عديد من الدراسات السابقة الواردة بالبحث من اعتماد الشباب على الإنترنت سواء مواقع التواصل الاجتماعي أو القنوات الفضائية كمصدر إخباري، وإن أكدت بعض الدراسات ارتفاع درجة عدم الثقة الكاملة فيه، وجاءت الصحافة الورقية في مرتبة وسطى حيث تفوقت في نسبة اعتماد الشباب عليها بالمقارنة بالراديو والاتصال الشخصي، وهو ما يؤكد محاولاتها في الإبقاء على مكانتها لدى جمهورها.

ونستكمل عرض نتائج هذه الدراسة المهمة في المقال القادم.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز