عاجل
الإثنين 13 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
زوال النعم.. وجوف الفرا

زوال النعم.. وجوف الفرا

بقلم : محسن عبدالستار

"كل الصيد في جوف الفرا".. مثل عربي قديم يُضرب للرجل الذي تكون له حاجات، منها واحدة كبيرة، فإذا قضيت تلك الكبيرة، لم يبال ألا تقضى باقي حاجاته.



و"الفرا"، هو "الحمار الوحشي"، ويقصد بالفرا الشيء الأعم والأشمل الذي يُغني عن صغائر الأمور، ولهذا المثل قصة شهيرة.. وهي أنه يحكى أن ثلاثة من الرجال خرجوا للصيد ذات مرة، فاصطاد أحدهم ظبيًا، والآخر اصطاد أرنبًا، أما الثالث فقد اصطاد حمارًا وحشيًا، ففرح صاحب الأرنب وصاحب الظبي بما نالا، وأخذا يسخران من صاحب الحمار، ويستخفان بصيده.

فقال لهما الذي اصطاد "الحمار الوحشي": "كل الصيد في جوف الفرا".. ويقصد كل ما تم اصطياده في جوف الحمار الوحشي، فبمقدوره ابتلاعهم، وكأنه يقول لهم: "إن هذا الذي نلته قدره أكبر مما نلتما، وما نلتما صغير بالنسبة له، وهو من صغره يدخل في جوفه".

ويضرب هذا المثل، إذا كان لشخص حاجة كبيرة وحاجات صغيرة، فإذا قضيت الكبيرة أغنت عن الصغيرة، ولم يعد لها قيمة.

فأينما وجد الإنسان فإنه يعيش في جمع منظم من بني جنسه، فلا يستطيع أي إنسان العيش بمفرده، منعزلًا عن الآخرين.

قد يمنحك الله سبحانه وتعالى الكثير من النعم والرزق الوفير، الذي لا يمنحه للآخرين، ولكنك تشعر بالخوف من ضياع هذا الرزق والخوف من زوال النعم..

إن الرزق ليس مالًا فقط، فالكثير من الناس ينظرون إلى الرزق على أنه مال فقط، وإنما هو كل ما تقوم على أساسه الحياة، من زوجة صالحة، وطاعة، والحب في الله، وغيرها مما أعطاه الله للإنسان.

الرزق بيد الله وحده، فالله تعالى هو الذي خلق، وهو الذي رزق، فهو المعطي وحده دون أن ينقص من ملكه شيء، فما على الإنسان إلا أن يسعى طلبًا للرزق، ثم يتوكل على الله، والله يعطيه من رزقه دون أن ينقص شيئًا مما كتبه الله تعالى له.. لا تشغل نفسك بالرزق أو زواله، فهو بيد الله سبحانه وتعالى.. ولا تستصغر ما في يدك، قد يكون خيرًا مما في أيدي الآخرين وأنت لا تعلم.

جاء أحد الأشخاص إلى الحسن البصري، رضي الله عنه، يسأله عن سر زهده في الدنيا، فقال الحسن البصري له: "علمت أربعة أشياء فاسترحت: علمت أن رزقي لا يأخذه غيري فاطمأن قلبي، وعلمت أن عملي لا يقوم به غيري فاشتغلت به وحدي، وعلمت أن الله مطلع على فاستحييت أن يراني على معصية، وعلمت فوق ذلك أن الموت ينتظرني فأعددت الزاد للقاء ربي".

هل تخاف من قطع الرزق؟

الرزق بيد ربك الرزاق الكريم، وأن رزقك آتيك على أية حال، وأنك مستوفية لا محالة، "يرزق من يشاء بغير حساب"، فقط عليك الأخذ بأسبابه من السعي والجد والإيجابية والعمل بقدر استطاعتك، وأما الكفاية والكفالة فمن الله سبحانه وتعالى، فلا صاحب عمل يملك رزقك، ولا مدير لك هو من يدبر لك، بل هو الله سبحانه، "وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين".

هل تخاف من مصائب الحياة؟!

كيف وأنت تعلم أن كل شيء بقدر! وأنه سبحانه هو القائل: "قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون".

إن المؤمن أمره كله له خير كما في الحديث "إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له".

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز